لا زال الطيب صالح حياً ومتوهجاً مثله مثل أولئك الكبار الذين عرفهم تاريخ السودان وتاريخ العالم كله. فهو من أولئك المضيئين كالنجوم - ومحاولات البعض الزج به في معارك خاسرة لا تفيد.. ومن مصلحة هذا البعض أن ينفق الوقت في تجويد أدواته - والانصراف إلى العمل الجاد بدلاً عن ايذاء الآخرين بدعاوى أكل الدهر عليها وشرب. وكم كان الطيب صالح منصفاً وعبقرياً، وهو ينظر بعين التقدير إلى أسرته - ولازالت كلماته في مربد 1986م ببغداد ترن في أذني، والصحفيون ومنسوبو الاذاعة والتلفزيون يلتفون حوله، وهو يقول لهم (ان في هذا الوفد السوداني من هم أولى مني بهذا الاهتمام) ، وكان يشير إلى العلامة عبد الله الطيب ود. محمد عبد الحي، محيى الدين فارس، مصطفى سند، جعفر حامد البشير، وغيرهم من الأعلام.. وقد جاءت جائزة الطيب صالح للرواية - كفكرة رائدة من مركز عبد الكريم ميرغني - وظل المركز يرعاها رغم شح امكاناته، حتى اتخذت مكانها على اجندة العام - كأبرز حدث ثقافي.. ومن بعدها جاءت مسابقة المركز للقصة القصيرة، وتلتها جوائز لمؤسسات ثقافية واعلامية أخرى. ثم جاءت جائزة الطيب صالح للابداع الكتابي - التي ترعاها الشركة السودانية للهاتف السيار (زين) وهي تحاول بشكل غير مسبوق أن تفتح نافذة للتواصل الثقافي بين السودان (وطن الطيب صالح) والكاتبين بلغة الضاد في مشارق الارض ومغاربها.. لتحقق اختراقاً عجزنا عنه في مجالات أخرى.. وليس بالأمر الهين أن تشارك في نشاط الجائزة وفعالياتها أسماء كبيرة على صعيد التنافس والتحكيم والأنشطة الثقافية المصاحبة للجائزة.. وان تجئ الاعمال من موريتانيا والجزائر والمغرب وسوريا والأردن ومصر والسودان والامارات وقطر ومصر ومن استراليا الخ.. والسودان وطن الطيب صالح جدير بأن يحتضن مثل هذه التظاهرة الثقافية، والتي قعد عن تصورها من لا يحسنون الثقة بقدرة السودان على العطاء الثقافي، وان السودان في تقديرنا مؤهل لأن يلعب هذا الدور وأن يقدم المثل والنموذج في تحقيق التواصل بين شعوب الأرض.