ولدت (كريستينا) في ذات اليوم الذي يعتبر الأمريكيون انه قد وقعت به اكبر كارثة إنسانية في تاريخهم الحديث. فبينما كانت والدة كريستينا بالمستشفى تعاني من آلام الوضوع، كانت طائرتان تصطدمان بمبنى التجارة العالمي وآلاف من الناس تلقى حتفها. وبدأت كريستينا تكبر وتعي الأحداث التي ولدت فيها، فلقد كانت تلمح نظرات التعجب في وجه محدثيها وهي تذكر يوم مولدها وكأنهم يسألونها، هل حقيقة ولدت في ذات يوم الكارثة؟ بل كان هنالك من يوجه إليها السؤال فعلا. ولم يعد تاريخ مولدها مجرد يوم وشهر وسنة يذكر بل صار له مغزى كبير. وشاركت كريستينا في كتاب ألف عقب أحداث الحادي عشر من سبتمبر بإسم «أوجه من الأمل: أطفال ولدوا في 11 سبتمبر.» ونمت في دواخل (كريستينا) رغبة كبيرة في السياسة، لكنها لم تلمس في اسرتها إهتماماً بها. وبدأت(كريستينا) تستمع إلى صديقة لوالديها وهي تحكي عن الساسة وعن القوانين التي يريدون تمريرها وعن حضورها لمعظم الإجتماعات العامة التي تعلن عنها مكاتب السياسيين والمشاركة في النقاشات التي تهم منطقتها. ووجدت (كريستينا) نفسها تقترب من (سوزان) وتطلب منها ان تصطحبها يوما لحضور واحدة من هذه الإجتماعات، وقد كان. في الثامن من يناير 2011، أعلنت ممثلة الدائرة التي تعيش بها كريستينا (حابريل جيفورد) عن لقاء عام مع ابناء وبنات دائرتها الذين إنتخبوها. كان اللقاء في صباح يوم السبت والذي يعتبر يوم عطلة بالولايات المتحدة، لكن كريستينا لم تعبأ بل إستيقظت مبكرة وصحبت سوزان لمكان اللقاء. وهنالك أمسكت سوزان بيد الطفلة الصغيرة واشارت لها بالأخرى حيث كانت جابريل تصافح وتتحدث مع المهتمين من أبناء الدائرة وقالت لها انك اذا كنتِ تحلمين بان تقفي مكان جابريل في يوم من الأيام فلا يوجد من سيمنعك، انه جهدك وطموحك وثابري بتحقيق آمالك وفي يوم قريب ستصلين. كانت الجموع تتحدث مع جابريل في الوقت الذي إقترب فيه احد الشباب منها ومد يده، ولكن بدلا من ان يصافحها أخرج مسدسا واخرج طلقة منه مباشرة على رأسها. ثم دار الشاب ليكمل الطلقات في أجساد الناس التي كانت حول جابريل، لتصيب طلقة كريستينا الصغيرة وأخرى سوزان. ووجدت سوزان نفسها تمسك بيد كريستينا ولكنهما في هذه المرة طريحتي الأسفلت. تقول سوزان انها كانت وجها لوجه مع الطفلة الصغيرة وعين العين معها. وعبرت ان بعينيّ كريستينا كانت دهشة وحيرة وإرتباك شديد. ونقلت الجموع إلى المستشفى ليموت ستة من ضمنهم كريستينا الصغيرة بينما عاشت سوزان بالرغم من نزيفها الشديد. ووجدتني لسبب ما مشدودة لصورة كريستينا البريئة التي يعرضها التلفاز. لقد ولدت في يوم كارثة أمريكية وماتت في يوم أخرى. وكنت اعتقد دوما ان الأسرة هي التي تحدد إهتمامات الأبناء لكن كريستينا اثبتت لي انه يمكن ان تولد للأبناء للإهتمامات غير تلك التي لأسرتهم ويشقون طريقهم بمفردهم صوبها. ولم تنته قصة كريستينا هنا، بل قامت اسرتها بالتبرع بقرنية عينها لطفلة حتى تتمكن من ان تحيا حياة كريمة. وقالت الأسرة، لقد كانت كريستينا تطمح ان تساعد الآخرين في حياتها، وها هي تساعد وتسعد طفلة بالطريقة التي إستطاعت حتى بعد وفاتها!!