تتواصل حلقات شاهد على العصر مع أبونا دكتور فيليو ثاوس فرج شاهداً ومشاركاً في بعض أحداث هذا العصر خلال منتدى نادي القصة السوداني بالمجلس القومي لرعاية الثقافة والفنون وهذا الجزء الثاني من شهادته ، كان ختام الحلقة الماضية بعضاً من معاملته ومشاركته الشعب السوداني في كل مناسباتهم وعلاقته مع المشير سوار الذهب ، ودكتور عبد الله بدري وبعض رجال الصوفية في السودان ومشاركاته باسم السودان في المحافل الخارجية انتهى بنا الحديث عند مخالفته تطبيق الشريعة الاسلامية في السودان في عهد المشير جعفر محمد نميري وساق بعض المبررات وقد وقفنا عندها فالى بقية الحديث :- تطبيق الشريعة الاسلامية في السودان لا يتناسب مع مبادئ الشريعة الاسلامية ، الشريعة الاسلامية تطبق في مجتمع مكتفي ، وفيه عدالة وكل شئ موجود فيه ، وتطبق في مجتمع كله مسلمين ، ولكن انا ليس صاحب كلمة لأحرم المسلمين من تطبيقها ، وفي رأي المسلم يطبق الشريعة في نفسه لأنه حر ولكن لا يطلب تطبيقها على الآخرين ، ولا يطلب أن تكون ضمن قوانين الدولة ، لأن مجتمعنا ما زال يعاني من المشاكل ، وفينا عدد من الجوعى الذين يأكلون وجبة واحدة أو اثنين في اليوم ، مجتمع بهذا المستوى لا تصلح معه الشريعة الاسلامية ، والحقيقة انا كمفكر كتبت مقال كبير عام 1983 نشر في سطوة أيام نميري في سودان ناو ، هذا المقال أثر في كثير من الناس ، لأنني قلت لا أوافق بوضوح ولأسباب سقتها في المقال ، بعد ذلك كتبت مقال أيضاً باللغة العربية عبرت فيه عن أني احترام أي مسلم وأحترم فكره ولا يمكن أن أسخر من أداء أي مسلم في عباداته ، هذا المقال فوجئت بنشره في عدد من الجرائد ، في أيام الديمقراطية نشر في عدة جرائد ، الجريدة الوحيدة التي لم تنشر المقال هي جريدة الراية لسان حال الجبهة الاسلامية القومية ، وانا حقيقة لم أبعث به لا للراية ولا لأي جريدة ، نشرته هذه الصحف من تلقاء نفسها ، ففوجئت في يوم أن المقال منشور في الراية ولكن عليه علامات سوداء كنوع من السخرية بالمقال ، وأنا من طبيعتي لا أرد على أحد يعترض على ما أكتب ، ولا أناقشه فيه لأن هذا رأيه وهو حر ، فقابلت هيئة الجريدة ووقتها كانت قبيحة جداً وغير محبوبة رغم أنهم استطاعوا الوصول لأماكن معينه ولا أحد يذهب اليهم حتى في أعياد المسلمين انا الوحيد من ملايين المسيحيين في السودان فقلت لهم أشكركم على ما نشر في المقال فقالوا لي نحن بنستهزأ وانت تشكرنا ، فقلت لهم أشكركم لأن قارئكم الوحيد الذي لم يصله رأيَ فأنتم وصلتوا رأي اليه ، وهذه الخطوط السوداء ينساها الناس ويقرأوا ما حولها ، الشريعة شتت مني كنيستي ، ضاعت الكنيسة أول ما أعلنت الشريعة في أيام نميري ، عشنا الديمقراطية عدة سنوات ولم نهنأ بها ، جاء نظام الانقاذ ، أولا أعلنت الشريعة من داخل القصر الجمهوري في ليلة عيد الاستقلال جلوساً على الأرض ، ولكني جلست على كرسي لأنني لم أقتنع بذلك ... ما دعاك للاستقرار بالسودان هذا السؤال من محاور مدير الجلسة فتحدث الأب قائلاً :- انا لا أدعوا لانقلاب لأننا ينبغي أن نفكر في السودان أولاً قبل أن نفكر في أنفسنا ، الآن انا عندي فرص كبيرة ولكنني رفضتها لأنني أريد أن أكون في السودان معكم في خندق واحد ما يسري عليكم يسري عليَ ، نحن لابد أن نعطي هؤلاء الحكام فرصة وكان لازم نفكر في البلد أكثر من أيَ حاجة ثانية ، ماذا يستفيد السودان من المظاهرات ؟ ومن الاعتراضات ؟ لكن يستفيد اذا وضعنا أيدينا مع بعض من أجل بناء السودان ، رغم أن الحكومة يمكنها أن تلوي هذه الأيادي ويمكن أن تضع الواحد منا في مكان لا يخرج منه الا بعد سنوات كما هو موجود في بلاد العالم الأخرى ، لكنني أؤمن بالسودان وطناً وأؤمن بالمواطن السوداني جوهرة من الجواهر الغالية ، هذا الحديث ليس انشاء ولكن حقيقة ... كتبك كأبنائك حدثنا عن كتاباتك هل تكتب كمؤرخ ام لديك هدف وترى أن لهذه الكتابة جدوى ومؤثرة وقادرة على خلق حوار وتوصيل رسالة ؟ كتبي عبارة عن تجميع مقالات ، لا كتب أكاديمية لي الا مساحات الود والاحترام بين المسيحية والاسلام ، والمسيحية في عيون المسلميين ، فأنا أكتب المقال وأؤمن به منذ أمد طويل ، وأنا أكتب لأن المواطن السوداني يحب القراءة وطالما أنني أجد من يحب أن يقرأ لي سأستمر في الكتابة ، وأنا بكتب باسلوب بسيط ، أغلب مقالاتي بتتطلع عليها زوجتي في البيت قبل الدفع بها الى النشر على وجه الخصوص الكتابات ( الساخنة ) وكذلك ابني وغيرهم واذا سألني أحدهم من معنى كلمة استبدلها مباشرة بكلمة أخرى ، وانا دخلت الى قلوب الناس عن طريق الكتابة ولي عشاق لفكري ولرأيَ ، أنا أكتب حقيقة من أجل القارئ السوداني واستخدم فهرس القرآن الكريم وفهرس الكتاب المقدس في كثير من استشهاداتي لأنني رجل دين في المقام الأول ، كتبت عن أصالة المجتمع السوداني ، ونحن في زمن الذي يشتم السودان يصبح وزيراً وانا لا أنشد ذلك وقد عرضت علي الوزارة في عهد الصادق المهدي فرفضت وقلت له أنا وزير في حكومة لا تسقط أبدا ، ولا أريد أي منصب سياسي ، أنا أكتب من أجل القارئ السوداني الذكي الخير المحب للقراءة ، أول من آمن بالمسيح في هذا السودان هو وزير الملكة كنداكة ، هذا الوزير كان يركب مكتبته وكانت بمثابة الحنطور بالنسبة له ، في هذه المركبة أتي اليه أحد المبشرين ، نظر اليه وجده يقرأ ، السوداني مريض بالقراءة ، واذا كان مريض بهذا نعطيه الدواء الذي يناسبه ... لقد قرأت لك في النقد الأدبي عن التجاني يوسف بشير وألهمني مقالك عدد من الأشياء فتمخضت عن ثلاثة حلقات نظمها نادي الفكر حول النزعات الفلسفية في شعر التجاني يوسف بشير على ذكر التجاني نود أن نستريح قليلاً على صدر احدى قصائدك الغزلية وانت الشاعر قبل أن نفتح الباب للحوار ؟ انا حقيقة أحب الغزل ولكن لا أكتب في الغزل ، انا متهم بأنني شاعر ، لكنني لا أحس بذلك ، لكنني أقدس المشاعر الجميلة والطيبة وأنا لم أكتب ولا بيت شعر ، ميدان الشعر أكبر مني حقيقة ، لكن كتبت كتاب اسمه النعمة امرأة ، وهو قد يكون نموذج مميز للناس ، النعمة امرأة كتبت فيه أجمل ما يقال عن المرأة ، ولي مقال اسمه الجنة تحت أقدام الزوجات ، في الأدب الاسلامي الجنة تحت أقدام الأمهات ، لكن الجنة كبيرة وطويلة وعريضة فلا مانع أن تكون أيضاً تحت أقدام الزوجات ، وأنا قصدت أن أعالج بهذا المقال مشكلة ان كل الأزواج عند ما يجلسون مع زوجاتهم يقولون لهم أن أحلى الأكلات أكل أمي ، انا لا أنسى أن أمي عملت كذا ، لذلك أنا عادة أنصح من تريد أن تتزوج بأن تكون أم لزوجها ، وأقول لها أملئ حياة زوجك بأمومتك ، لذلك أقول أنا لم أكتب شعر للمرأة ولكن قدمت لها كتاب النعمة امرأة رغم أن الناس يقولون أن الجحيم امرأة ... أثارت هذه الأمسية العديد من المداخلات والأسئلة والنقاش كان مثيراً تقبله الأب فيلب برحابة صدر