دشنت وزيرة الخارجية الأمريكية هيلاري كلينتون امس، الثلاثاء، جولة طويلة في القارة الأفريقية تتضمن عاصمة الدولة الجنوبية«جوبا» ، فضلا عن «5» بلدان افريقية اخرى. وصلت كلينتون امس الى «داكار» المحطة الأولى في الجولة التي تستمر «11» يوما ستقودها تاليا الى جنوب السودان، ومن ثم وأوغندا، وكينيا، ومالاوي، وجنوب أفريقيا، وفق ما أعلنت المتحدثة باسم وزارة الخارجية فيكتوريا نولاند، والتي اشارت الى أن الولاياتالمتحدة تنوي المساهمة في «تعزيز المؤسسات الديمقراطية والتنمية الاقتصادية ودفع السلام والأمن» في أفريقيا . فيما يرى مراقبون ان الادارة الامريكية تتحرك في القارة السمراء وفقا لاستراتيجية ترفع شعارات دعم التنمية في أفريقيا وتوطيد الأمن والديمقراطية في بلدانها، في حين انها تستهدف في المقام الاول مواجهة خطر تغلغل كلا من «تنظيم القاعدة» ، و»النفوذ الاقتصادي الصيني المتنامي». ويقلل السفير الرشيد ابوشامة من الفرضية الاخيرة، فابوشامة لا يرى ان امريكا تعدم مخططات لمكافحة النفوذ الاقتصادي الصيني تعتمد على وسائل اخرى «غير هذه الرحلة المارثونية»، واشار ابوشامة الى وجود مهددات حقيقية للاستراتيجية الامريكية في افريقيا استدعت هذه الرحلة لكلينتون، وفي مقدمتها استيلاء «تنظيم القاعدة» على شمالي مالي باكمله، فضلا عن تصاعد نشاطات جماعة «بوكوحرام» المرتبطة بالقاعدة في نيجيريا. ويؤكد الرشيد ابوشامة على ان هذه التطورات في مالي ونيجيريا، تعد عند الادارة الامريكية « مسائل امنية عالقة لا تحتمل التأجيل»، واستنادا على هذه القراءة يقول ابوشامة بان هدف زيارة كلينتون الرئيسي يتمحور حول «كيفية حشد الدعم لاقتلاع القاعدة من مالي على وجه السرعة، فضلا عن تعزيز استراتيجية مكافحة الارهاب في افريقيا». على ان المحطة الاهم في هذا الجولة الامريكية تبقي « جوبا»، فلا خلاف على ان لقاء وزيرة الخارجية مع الرئيس الجنوبي سيلقي بظلال على المفاوضات بين الشمال والجنوب، وقد اشارت الخارجية الامريكية الى ان كلينتون ستهتم بالتباحث مع الرئيس سلفاكير ميارديت حول عدة قضايا، في مقدمتها «اعادة تأكيد دعم الولاياتالمتحدة ، وتشجيع المفاوضات مع الخرطوم من أجل التوصل الى اتفاق حول مسائل الأمن والمواطنة والملف النفطي»، وهي الاجندة التي يرى رئيس حزب البعث السوداني محمد علي جادين انها طبيعية نظرا للاهتمام الامريكي الذي لم ينقطع بالجنوب، قبل اتفاقية السلام وبعدها وحتى بعد الانفصال، الا ان جادين يشير كذلك الى ان الاهتمام الامريكي هذا يشمل السودان ايضا، منوها الى الدور الامريكي الداعم لخطط ونشاطات الاتحاد الافريقي بشأن السودان وجنوب السودان، فضلا عن تبني « واشنطون» اصدار القرار «2046» من مجلس الامن، ورعاية تنفيذه على الوجه الصحيح. الا ان كل ذلك لا ينفي وجود ما يدعو للبحث والتقصي حول طبيعة الرسالة التي تحملها وزيرة الخارجية الامريكية الى حكومة الجنوب، وحول مدى تأثير لقاء « كلينتون» و» سلفاكير» على مسار المفاوضات المتعثر اصلا بين «الخرطوم»و»جوبا» في العاصمة الاثيوبية؟. يعرب رئيس حزب البعث السوداني ل» الصحافة» عن قناعته بان امريكا مع حل القضايا العالقة بين الشمال والجنوب بالحوار ووفق خطط الوساطة الافريقية وقرار مجلس الامن «2046»، واشار محمد على جادين الى بروز هذا الاتجاه لدى الادارة الامريكية في اكثر من مناسبة وصورة خلال الاسابيع القليلة الماضية،وهي القناعة التي تجعل جادين يؤكد على ان زيارة « كلينتون» للجنوب طابعها العام ارسال رسالة دعم للدولة الجديدة، واظهار احاطتها بها، غير انه رأى ان لواشنطون اهدافا اخرى تتصل باقتراب مواعيد السباق الانتخابي في امريكا، لافتا الى ان زيارة وزيرة الخارجية تتزامن مع زيارة يقوم بها وزير الدفاع الامريكي الى دول شمال افريقيا، ويقول رئيس حزب البعث ان « واشنطون» تستهدف من هذه الزيارت «كسب دعم اللوبي الزنجي ولوبي السودان»، في المعركة مع الجمهوريين. وعلى العموم ستتجه وزير الخارجية الامريكية بعد ذلك من «جوبا»، نجحت في مهمتها المعلنه هناك ام لم تنجح، الى أوغندا وكينيا حيث ستبحث الانتخابات المقررة في 2013، وتلتقي الرئيس الصومالي المنتهية ولايته شيخ شريف أحمد، المرشح لولاية جديد، ثم تختتم جولتها المارثونية بمحطتين «مالاوي» و»جنوب أفريقيا» حيث تلتقي نلسون مانديلا الذي احتفل مؤخرا بعيد ميلاده ال94.