على امتداد التاريخ ظل اسم الشيخ ابو جنزير حاضرا في كل السنة ووثائق ومنتديات سكان الخرطوم وظل قبر ابو جنزير بوسط العاصمة مزارا للاحباب والمريدين وشاهدا على جهاد ابناء السودان ومعاركهم ضد الانجليز واشتهر القبر وصاحبه اخيرا بعد ان تحولت الساحة حوله الي موقف مواصلات وزادت شهرته ابان التظاهرات الفاشلة التي دعت لها المعارضة جوار مرقد ابو جنزير ووثق لها زعيم الشيوعيين الراحل نقد بعبارة شهيرة خطها بفحمة على كرتونة بالية «حضرنا ولم نجدكم» وصار ابو جنزير الان واضحا للعيان بعد ازالة المباني والمحال التجارية المجاوره له ونقل المواصلات الي موقف جاكسون وشروني وصار المكان هادئا الا من اصوات بعض التجار الذين يهتفون صرف يورو دولار ريال. في النيل بالجهة الغربية جوار استاد المريخ يجلس الشيخ عبد الباسط نور الدائم في منزله العامر وامامه شهادة من المجلس القومي للذكر والذاكرين تؤكد انه خليفة البطل الشيخ ابو جنزير وهو يجمع في خلوته الحافلة بالمديح مجموعة اوراق ترصد تاريخ جده ابو جنزير وتقول ان عبد الباسط الحاج رابح المجمر المشهور بأبو جنزير ولد بمنطقة «عد العود» القريبة من مدينة الدويم بولاية النيل الابيض، في اسرة اشتهرت بالصلاح والتقوى عمادها والده صاحب الخلوة والمسيد وحفظ ابو جنزير القرآن الكريم في خلاوي الغبش وكان رفيقا للإمام محمد احمد المهدي بخلاوي الشريف محمد ود نور الدائم واستعان به المهدي لاحقا في حروبه ضد الانجليز فقاد أبو جنزير جيشا مكونا من حيرانه والفقراء والمريدين لمحاصرة مدينة الدويم الا ان الخبر تسرب ووصل الإنجليز فاعتقلوه وأخذوه اسيراً الى الخرطوم، ليتم اعدامه على يد المستمر الانجليزي شنقا ً في منطقة قبره الحالي في العام 1882م وكانت تسمى المنطقة بساحة العدالة. الشيخ عبد الباسط قال ان لقب ابو جنزير يرجع الي كرامة من كرامات جده البطل حيث فشل الإنجليز في اعدامه أكثر من مرة، فكان كلما اعلن عن يوم اعدامه وتجمهر الناس في مكان قبره هذا واتوا به مكبلاً بالجنازير ليعدم تفتت الجنازير التي ربط بها وقال ان هناك رواية اخرى تقول ان المستعمر حاول ازالة قبر ابو جنزير ولكن جنزيرا سميكا احاط قبره وعطل آليات الهدم التي تسمرت امام القبر فأطلق عليه من ذلك اليوم أبو جنزير. مرقد الشيخ ابو جنزير ظل مقاوما لكل محاولات ترحيله ونقل رفاته ويقول الشيخ عبد الباسط ان تحويله من مكانه من المستحيلات ويقول ان المفتش الانجليزي كان كلما اقترب من القبر لازالته تسمر كالصنم وعجز عن التحرك وصار اضحوكة في اغنيات البنات وهتفن له «يا أبو جنزير.. الخجّلت المدير.. يا ابو جنزير الوقفت المدير..» ثم امر الرئيس الأسبق جعفر نميري بتحويل القبر ليقوم مكانه برج البركة، الا الشيخ دفع الله الصائم ديمة ذهب الى نميري وقال له «لا تحولوا الشيخ أبوجنزير» فتراجع نميري عن القرار وأمر بمساحة «400» متر لضريح الشيخ ابو جنزير وقال الشيخ عبد الباسط ان معتمد الخرطوم الاسبق مبارك الكودة قرر نقل ابو جنزير لاعتقاد البعض انه مجرد بنيان فتمت اقالته من كرسيه عقب القرار. ولكن هناك رواية اخري مخالفة يؤكد صدقها الأستاذ فتح الله مصطفى ويقول ان ابو جنزير صاحب الضريح والميدان هو الشيخ إمام كرم الله المحسى وقد جاء فى كتاب «الخرطوم عبر العقود النشأة والتطور» للبروفيسور سعد سليمان محمد أحمد ان الشيخ المحسى الشهير ب «ابو جنزير» كان صاحب خلاوي ويقيم الاحتفالات بذكرى المولد الشريف وصلاة العيد فى المنطقة التى تقع شرق الجامع الكبير حاليا ويري فتح الله ان ابو جنزير عاش ومات قبل الثورة المهدية واوصى بدفنه فى خلوته مكان ضريحه الآن وبمرور الوقت اصبح المكان مقابر تم تحويل جزء كبير منها الى المكان الذى اقيم فيه مستشفى الشعب ومستشفى الخرطوم ومن ثم الى مقابر فاروق كما ورد فى كتاب سليمان كشة الخرطوم القديمة ويرى ان المكان الذي شيد فيه برج الفاتح كورنثيا الان كان احد بيوت الشيخ ابو جنزير. ويؤكد د. فتح العليم عبد الله، أستاذ التاريخ ان الإدارة التركية انزعجت من زيارات اهل ابو جنزير لضريحه ونحر الذبائح داخله وقامت بتسويره بالجنازير ولقب منذ ذلك الوقت بالشيخ ابو جنزير .