ثَلاثَة عُقُودٍ من السنين العجاف أمضاها الشعب السوداني في الحبس القسري الانفرادي، وهو مُكبّلٌ بأغلال القهر، والمَسغبة والحرمان، وقد ارتمى في أحضان الموت السريري، ولولا لطف من المولى عز وجل، لانقبضت أنفاس الوطن الحبيب، وصار نسياً منسياً.. ولكن قدر الله أن سَخّرَ لنا عقداً نضيداً من الشباب النضر، فاضت قُلُوبهم غُبناً وغَضباً لثلاثين عاماً مُثقلة بالحزن والأسى، هَبّ هؤلاء الأبناء تتقاذف من أجفانهم البَضّة ومضات من الحماس الثوري.. واندلعت الثورة وانهمرت دموع الفرح وتمّ التغيير، وهَبّت نسائم الحُريّة، وتهاوى الطاغوث، وعلت راية الحكم المدني ساريتها سامقة خَفّاقةً، وتغنّى الشعب بشعاره: "حرية.. سلام وعدالة".. واختار الشعب "حمدوك" رئيساً للوزراء رباناً مَاهراً لسفينة الحرية والتغيير.. وبدأ رحلته المُوفّقة بمشيئة الله تعالى، وتوقّف أولاً بمحطة السلامpeace .. ونحن معه على متن المركبة.. وقلب "حمدوك" ذاكرة الوطن، فوجدها مُثقلة بهمومٍ ومأس وجراح وهواجس وقضايا شائكة لا حصر لها.. المُهمّة شاقّة والطريق وعرٌ ولكن لا بُدّ من بلوغ صنعاء.. الأمر يتطلب منا جميعاً زخماً من الصبر والجلد، جمع الشمل، توحيد الجهد ووحدة الصفUnity .. ولتحقيق هذا الطموح الوطني Ambition المُرتقب، الشعب يتطلّع للآتي: أولاً: الكف عن التلكؤ، التباطؤ Slownessوسلحفائية تنفيذ أهداف الثورة. ثانياً: التحفظ على كل نشطاء النظام البائد الذين يبثون سُمُوم الفتنة، وتلويث أهداف الثورة، والسعي دُون جدوى لإجهاضها بل وأدها.. وبدا ذلك بجلاء بإغراء بعض سائقي الحافلات بحفنةٍ من المال مُقابل الاختفاء خارج الموقف.. فحدث الاختناق الذي نشكو منه.. اليقظة.. اليقظة والحذر يا مدنياااااو!! ثالثاً: الإسراع بتحديد السلع المُرتبطة بحياة الناس، ومتابعة تطبيقها، ووضع قانونٍ رادعٍ وحازمٍ لمُعاقبة وحسم تلاعُب الجشعين ذوي النفوس المريضة.. وأثلج صدري قرار الأخ وزير المالية بتعيين عددٍ هائلٍ من الشباب لمُراقبة الأسعار ومُتابعتها حتى تنقشع الظاهرة اللعينة. رابعاً: نأمل في تعيين مجالس استشارية لكلِّ وزارة من ذوي الخبرة والكفاءة للاستئناس بآراء أعضائها الثاقبة، علها تخرجنا من عُنق الزجاجة. خامساً: العمل الجاد لتنظيف وتنقية الخدمة المدنية من العابثين بالنظم والضوابط وفُلُول الدولة العَمِيقة، فهم السبب المُباشر لكل الاِختناقات والعثرات التي تُؤرِّقنا وتَعترض المسيرة من شُح في المُواصلات، وانقطاع الكهرباء وغلاء الأسعار!! سادساً: الإسراع في تقديم المُجرمين والفاسدين للمحكمة قبل أن يَلُوذُوا بالفرار كَمَا فعل بعضهم!! سابعاً: لماذا لا يقوم الوزراء والولاة بزيارات للأسواق لإعلان جدية الثورة والاطمئنان؟ "بالله خلُّونا من الكلام والتنظير عاوزين عمل جاد وواضح"!! ثامناً: على الإعلام بشتى ضروبه توعية المُواطنين بأهداف وفلسفة الثورة ونقل الحقائق، والرد الفوري والمنطقي بالواقع والحقيقة لكل ما تتناقله بعض الأقلام الحاسدة المأجورة والتي فَقَدَت بوصلتها من أكاذيب زائفة مُثيرة للفتن!! تاسعاً: لأول مرّة ينصت كل أبناء الوطن لخطاب رئيس وزرائه "حمدوك" من منبر الأممالمتحدة.. خطاب جاذب, مَوضُوعي objective شَامِلComprehensive وهَادِف meaningful، وصَادِق genuine، وَجَدَ الرضاء والقبول من مُمثلي دول العالم وقُوطع بالتصفيق الصادق الحاد والبسمات الواعدة!! عاشراً: نأمل من بني وطني أن يتذرّعوا بالصبر، فهو مفتاح الفَرج، عليهم بتوحيد الصّف والعَمل كُلٌّ في مجاله لبناء الوطن الجديد، لنقف صَفّاً وَاحِدَاً من أجل سُودان الغَد المُشرق.. وألا ننصت لما يبثه أعداء الثورة من أقاويل باطلة مهزوزة.. الصبر.. الصبر.. الصبر.. وغداً سيتحقّق الأمل الأخضر.. و"حمدوك" ما عنده عصا سحرية ليُغيِّر الوضع اليوم، ومُشوار الميل يبدأ بخطوةٍ، والحمد لله بدأت الخطوة بمشيئة الله تعالى. أحد عشر: اِنفرجت أساريري لما تناقلته الألسن من قرارات تربوية نُسبت للأخ العالم البروفيسور محمد الأمين التوم وزير التربية والتعليم، ونأمل أن تكون صَحيحة فهي ما ينشده ويتطلّع لتحقيقه الشعب السوداني الأبي.. ربنا يحقِّق الأماني.