تعددت الفتاوى وتنوعت شاملةً مناحي عديدة، وكثر الإفتاء عبر منابر مختلفة في وقتٍ ابتعد بعض الناس عن طلب الفتاوى حيثُ بات البعض يبحث في الكتب والمذاهب الدينية لوحده. مبررات الدعوة وحول دعوى هذه الفتوى وأسبابها يعتبر ناجي بدوي في حديثه ل(السوداني) أمس أن الأموال مسؤولية وأمانة وأنهُ لن تزول قدما عبدٍ يوم القيامة حتى يسأل عن ماله من أين وفيم أنفقه مشيرًا إلى أن الجهات المسؤولة أقرت بوجود حالات اتجار بالبشر واستغلال الأطفال للتسول موضحًا أن سؤالهم غير مبني على الحاجة بل يدل على وجود عصابات تستغل الأطفال للتكسب من ورائهم وأن بعض المنظمات أشارت إلى وجود أكثر من 75 ألف طفل يتم استغلالهم عبر التسول في السودان داعيًا الدولة إلى تطبيق القانون. وأضاف: القانون هو الحاكم في الدولة وقد أصدرت قرارًا بمنع التسول معتبرًا أن هناك أوعية كثيرة للتبرعات وأن إنفاق المال مسؤولية فيجب البحث عن المحتاجين ومن ذكرتهم الآية (يَحْسَبُهُمُ الْجَاهِلُ أَغْنِيَاءَ مِنَ التَّعَفُّفِ تَعْرِفُهُمْ بِسِيمَاهُمْ لَا يَسْأَلُونَ النَّاسَ إِلْحَافًا). وحول اعتباره أن بناء مصنع أقرب لله من بناء مسجد يوضح ناجي أن الدين ليس مسجد وصلاة فقط وأن الرسول لم يؤسس الدولة المدنية على أناس يصلون في المساجد فقط مشيرًا إلى أن المسجد دين والمصنع دين، وأضاف: باتت المساجد واجهات للجماعات والطرق والأحياء وعوضًا عن بناء مسجد بقرابة العشرة مليارات فالأولى بناء مصنع للجبنة يتم تصديرها لتدر نقداً أجنبياً للبلاد. أسباب الفتاوى رغم تصدي الكثير من الدعاة للإفتاء في أمور عديدة إلا أنها تثير حفيظة الشارع العام ويرى مراقبون أنهُ يجب معرفة مقاصد الشريعة قبل الولوج إلى الفتوى وتقييد الفتاوى لجهة أن بعض الأمور لا تحتاج إلى فتوى لعدم فائدتها أو تحقيقها فائدة للمسلم فعلى سبيل المثال عن سجدة لاعب الكرة عند تسجيل هدف، إغلاق المتاجر وقت الصلاة، استعمال مادة البروميد في الخبز، وزواج القاصر، ففي الأخيرة يرى البعض بعدها من الواقع لجهة وجود حالة عزوف عام لدى الشباب من الزواج لارتفاع التكاليف، ورغم ذلك فإن مبررات الفتوى لدى إصدارها من الهيئة تختلف ففي وقتٍ سابق بحسب وكالة السودان للأنباء "سونا" دعت هيئة علماء السودان إلى تعدد الزوجات للحد من ارتفاع معدلات العنوسة والطلاق في البلاد وأشار رئيس الهيئة محمد عثمان صالح إلى أن هناك أدلة شرعية أجازت التعدد في الزواج بوجود شرطين، مشيراً إلى أن الشرط الأول هو العدل والشرط الثاني الحاجة لهذا الزواج، وقد برر صالح هذه الدعوة بقوله إن هناك حاجة ماسة في السودان لتعدد الزوجات، بسبب الضرورات والمشكلات الاجتماعية مثل زيادة معدلات العنوسة والطلاق، وحاجة المرأة للعودة لعش الزوجية إلى جانب الزيادة الكبيرة في عدد الإناث مقابل عدد الذكور وتفشي البطالة وسط الشباب بمعدلات مرتفعة، بالمقابل فقد قوبلت هذه الدعوة بالكثير من السخط ويرى البعض أن الأولوية للشباب غير المتزوج معتبرين أن هذه الدعوة مفارقة للواقع وأشار بعضهم وقتهها إلى عجزهم عن تحمل نفقات زوجة واحدة ناهيك عن أكثر. الشأن العام كثيرةٌ هي الفتاوى التي كانت مثار تعليقٍ وجدل ففي العام 2009م أصدرت هيئة علماء السودان فتوى تقضي بعدم جواز سفر الرئيس عمر حسن البشير إلى خارج البلاد، خاصة بعد إجراءات المحكمة الجنائية، وأشارت الهيئة وقتها إلى أنها ترى أن الدواعي قد تضافرت على عدم جواز سفر البشير لحضور قمة الدوحة المقررة نهاية الشهر الجاري, طالما أن هناك أحداً سواه يمكن أن يقوم بتلك المهمة، واعتبرت الفتوى أن تعرض الرئيس البشير لخطر محتمل هو تعريض الأمة كلها للخطر. لم يكن الأمر محصورًا هنا فقط فقد دعت هيئة علماء السودان ولاة الولايات، ووالي الخرطوم، بوجه خاص، لمنع إنشاء المقاهي العشوائية على قارعة الطرق العامة وشارع النيل وما أسمتهُ المواقع الحساسة في العاصمة والمدن المهمة في البلاد، وأشار الأمين العام للهيئة البروفيسور محمد عثمان صالح في تصريحات صحفية إلى أن المقاهي المشار إليها صارت أوكاراً للرذيلة وتجارة المخدرات وإشاعة الفاحشة، واصفًا المقاهي العشوائية ب"البقعة السوداء" في وجه المدن الحضارية، مشددًا على ضرورة الانتباه للعمالة الوافدة من الفتيات اللائي يعملن فيها، ولم تمر هذه الدعوة مرور الكرام وقتها أشار كتاب إلى أن "ستات الشاي" اللاتي يعملن في بيع الشاي يعلن أسراً ولا يحق تشريدهن داعين إلى النظر في الأسباب التي دعتهن للعمل كبائعات شاي. الدين والسياسة الناظر لطبيعة بعض الفتاوى القريبة من الشأن السياسي يرى أنها لا تخرج عن الخط العام للنظام ففي العام 2013م أفتت هيئة علماء السودان بخروج كل من وقع على وثيقة "الفجر الجديد" بكمبالا من الملة والدين، وأتت فتوى الهيئة عقب توقيع رئيس حزب الوسط الإسلامي يوسف الكودة بالعاصمة اليوغندية على الوثيقة، فيما برر وقتها رئيس هيئة علماء السودان الفتوى بأنهُ على كل إنسان مسلم الاعتراف بحكم الله عز وجل حسبما ورد في القرآن الكريم والسنة المطهرة. ومن الشأن العام إلى الخاص والأفراد على وجه التحديد ففي حياتهُ وموتهُ لم تفارق فتوى التكفير الراحل حسن الترابي حيثُ اتهمتهُ الرابطة الشرعية بالسودان بالزندقة والخروج عن الملة بعد إصداره فتاوى وصفت بالمثيرة للجدل. الباحث في العلوم الدينية علاء الدين عبد الماجد يرى في حديثه ل(السوداني) أمس أن الفتوى تتغير بتغير الزمان والمكان والحال لافتًا إلى وجود فقه الأولويات وترتيبها وأنهُ من الواجب على المجمعات الفقهية وهيئات العلماء جمع أهل الشأن في المجالات للجواب ومن ثم الفتوى في ما يهم الناس في حياتهم السياسية، الاجتماعية، والاقتصادية معتبرًا أن أصل المشكلة أن فتواهم كثيرًا ما تغض الطرف عن الأمور التي تهم الناس.