قبل أن تجف المآقي على فراق الطالب بالجامعة الإسلامية (المستوى الثاني مختبرات)، الشهيد عبد العزيز الصادق، والذي قُتل غدراً وهو يُدافع عن جهاز موبايل يستخدمه للتواصل مع أهله وأصدقائه ويساعده في استذكار دروسه، لكن ولأنَّ (البلد فوضى) بدليل هذه الحادثة وغيرها؛ استسهل المجرمون قتله. قبل أن تجف تلكم المآقي لحق بعبد العزيز شهيدٌ آخر قُتل هو الآخر داخل مكتبه في قلب سوقٍ من شِدَّة اكتظاظه نال لقب (الشعبي) بأم درمان، حيث تهجَّم مُجرمون على الشهيد بشير عبد الله؛ فقط للحصول على إيراد (الخميس) أزهقوا روحه البريئة قُبيل صلاة الجمعة. وفي مدينة (نبتة) بشرق النيل تسلَّق عشرة مُسلحين سور حائط أسرة كانت تنام آمنة بفرضية أن عاصمة البلاد يعُمَّها الأمن والأمان ولو لا لُطف الله لحصدوا أرواح أسرة كاملة، لكنهم (أقلَّ دموية) من سابقيهم فاكتفوا بنهب كل ما كان بالمنزل وخرجوا (آمنين مطمئنين) لأنهم يعلمون جيداً أنهم في مأمنٍ من العقاب الرادع. وبالتأكيد، نستطيع سرد مائة قصة مأساوية حدثت خلال أقل من شهر ما يؤكد أن (الإشارة الحمراء) لانعدام الأمن قد أنارت بكلِّ قوة.. صحيح أنَّ آخر أوراق التوت التي كان يتدثَّر بها النظام (الإنقاذوي) هو (الأمن)، حيث كانوا يُكرِّرون بمناسبة وبلا مناسبة أن غيابهم عن المشهد لحظة واحدة يعني اختلاط حابل الفوضى بنابل البلطجة، لكنهم كانوا يُكذِّبون ويتحرُّون الكذب بدليل أنه في آخر عهدهم عرف الناس عصابات (النيقرز) بل اكتوى الكثيرون بنارها، ليس ذلك فحسب بل إنَّ (البلطجة) ضد المواطنين العُزَّل كانت تُمارس أحياناً بسيارات النظام وبعض المنتسبين إليه من النظاميين – في آخر عهد الانقاذ- .. مع التأكيد أننا هُنا لا نتحدث عن زُوَّار ليل يتسللَّون المنازل خلسة؛ بل نتناول ظاهرة سلب ونهب و(بلطجة) تتم في وضح النهار وبأشهر شوارع العاصمة الخرطوم عبر (مواتر) و(ركشات) و(تاتشرات)!! المُهم، ذهب ذلكم النظام، واستبشر الناس خيراً بعهدٍ جديد ينعمون فيه بالأمن والأمان، لكن هل حدث ذلك حقاً؟ الإجابة بكل صدق (لا) وألف (لا).. والأدلة سبق ذكر ثلاثة منها على سبيل المثال لا الحصر. الأسئلة التي ينتظر المواطنون إجابات لها من حكومة الفترة الانتقالية هي: إلى متى (تتفرَّج) جهات الاختصاص وأرواح الأبرياء تُحصد في وضح النهار ولأتفه الأسباب؟ وأين المُشكلة بالضبط هل هي في تراخي الجهات الشرطية، أم في غياب القوانين الرادعة؟؟ أم يا تُرى صار أمن المواطنين في ذيل اهتمام حكومة الثورة المشغولة ب(شهوة السُّلطة)؟؟ وما الذي يمنع من سنِّ قوانين رادعة وناجزة؛ اليوم وليس غداً، لأنَّ الواضح تماماً أن المجرمين أمِنوا العقوبة فأساءوا الأدب بل قتلوا الأبرياء بلا ذنب؟؟!!.. الكُهرباء.. القادم أسوأ!! الخرطوم: الكُردي في الوقت الذي أنجزت فيه التكنولوجيا العالمية قبل سنواتٍ خلت؛ ما عُرِف بالطاقة الزرقاء والتي يتم توليدها بامتزاج المياه العذبة مع نظيرتها المالحة في مصبات الأنهار عبر تفاعل كيمائي مُحدّد، يعيش السودانيون في وطنهم المنكوب؛ حياة أشبه بالجحيم بسبب التيار الكهربائي ذاته، وإمعاناً في إغلاق؛ حتى النوافذ الصغيرة للتفاؤل، رسم وزير الطاقة والتعدين جادين علي عبيد، صورة (سوداوية) لحاضر وربما مستقبل الكهرباء بالبلاد، حين قال إن التيار الكهربائي لا يغطي سوى 40% فقط من مساحة السودان الشاسعة الواسعة، ليس ذلك فحسب بل حتى هؤلاء (المحظوظين) من السكان يحتاجون إلى 4000 ميقاواط من التيار الكهربائي؛ لكن المُتوفِّر منه الآن فقط 1800 ميقاواط بعجزٍ يصلُ إلى 55%، هذا ما قاله سيادة الوزير، رغم أن فصل الصيف لم يتوغَّل بعد، وكذلك شهر رمضان المعظم الذي يزيد فيه معدَّل الاستهلاك لم يأتِ، ما يُنبِّئ بأن وصول العجز إلى 75% وارد جدا..!! ولذا نجد أنه قبل تصريحات الوزير بدقائق كانت التسريبات الواردة من العاملين في قطاع الكهرباء تقول بملء الفم أن القادم أسوأ؛ لكننا كنا نردُّ بسُرعة أن تلك هي أماني الدولة العميقة وأذنابها، حتى أتانا النبأ اليقين من الوزير والذي يمكن تلخيص مؤتمره الصحفي قبل أيام بوكالة السودان للأنباء بأن القادم فعلاً أسوأ بل أكثر سواداً وظلاماً، بدليل أنه حتى البُشريات الخجولة التي ذكرها الوزير ومنها أن القطوعات سيتم تقليص ساعاتها اعتباراً من غدٍ ( يقصد الأحد الماضي لأنَّ المؤتمر كان يوم السبت)، هذا الوعد كذَّبته الأيام حيث ارتفعت فترة القطع من 9 ساعات بالصباح إلى 10 ساعات، أما الفترة المسائية فالزيادة فيها حسب (مزاج) مسؤولي البرمجة..!! يحدثُ هذا في بلادٍ تتكدّس عنابر مستشفياتها بمرضى الغسيل الكلوي والكورونا والسرطانات بكل أنواعها وأشكالها وأمراض القلب والقائمة تطول، كل هؤلاء يرتبط بقاؤهم على قيد الحياة بتوفر التيار الكهربائي، دُون أنْ يلُوحَ في الأُفقِ بصيص أمل باستقراره على المدى القريب أو البعيد..!! السؤال الذي يجب طرحه للحكومة بدءاً برئيس وزرائها وختماً بأصغر مسؤول بالكهرباء؛ هو: هل تختزلون توفُّر التيار الكهربائي كلّه في مُجرَّد ماءٍ مُثلّج يتناوله المواطن من (الفريزر)، أو هواء مُنعش يبنعث من مُكّيف هواء؟؟!! لا يا سادتي فاستقرار التيار الكهربائي يعني حفظ دواء أنسولين في (ثلاجة) لشعب أصاب نصفه داء السُكَّري بسبب ضغوط الحياة، وتعني انعدام مياه الشرب التي وصل سعر البرميل منها مليون جنيه بالقديم، هذا في عاصمة البلاد والعباد أما ما يكابده أهلنا في الأصقاع البعيدة فيعلمه علَّام الغُيُوب.. بل يعني استقرار الكهرباء؛ دوران عجلة الإنتاج في بلدٍ تحاصره الأزمات من كُلِّ الاتجاهات. صحيح أن النظام البائد دمّر كثيرا من القطاعات تدميراً مُمنهجاً، لكن حتى متى نظل نختبئ خلف هذه اللافتة (التبريرية) دون أن نتقدَّم إلى الأمام رُبع خطوة بل دون أن نُفكِّر (مُجرَّد تفكير) في وضع خُطط استراتيجية تُعيننا على طي صفحة (الكيزان) والانطلاق نحو المستقبل. ضاحية الأزهري.. يحفُّها الظلام و(يقتلها) العطش!! مياه مُربِّع (4).. المشكلة ومُقترحات الحلول الخرطوم: ياسر في ظِلِّ لهيبٍ تجاوزت فيه الحرارة الأربعين درجة، وفصل الصيف لم يأتِ بِثِقَله بعد، وشهر رمضان على الأبواب؛ أضف إلى ذلك المُعضلات التي يُكابدها السواد الأعظم من المواطنين السودانيين والمعلومة بالضرورة للجميع، في ظل كل تلك الظروف المُعقَّدة يشكو مواطنو مربع 4 بمدينة الأزهري – الخرطومجنوب – من مشكلة أخرى تُضاف لكل ما ذُكر؛ ألا وهي انعدام الماء الذي به يصيرُ الإنسانُ إنساناً، ومنه خلق المولى كل شيءٍ حي، هذا الماء وبكل هذه الأهمية يُعاني سكان مربع (4) بالأزهري معاناة دائمة لأجل الحصول عليه رغم الجهود الكثيرة والمحاولات المتعددة لحل المشكلة من قبل السكان ومكتب المياه، وبحسب شهادة أدلى بها مواطنون بمربع (4) فإنَّ مكتب مياه الازهري لم يتردَّد قط في الاستجابة لبلاغاتهم والوقوف معهم بكل ما يملك سعياً لحل المشكلة التي ما زلت قائمة، بل تفاقمت بصورة مزعجة في الأيام الأخيرة. ويؤكد مواطنون بالمُربَّع ل(السوداني) أن أسباب المشكلة تنحصر في الآتي: هناك شوارع لم تُمد لها الخطوط بسبب وجود (حُفر) كبيرة، ليس من الصعب ردمها بما يُمكِّن من مدِّ الخطوط. كما يبدو أن هناك عدم تناسق في مد الخطوط، فبعض الشوارع تتمتَّع بخطوط 6 بوصات وأخرى 4 بوصات ولا يُعرف هل حدث ذلك بما يساعد في الإمداد أم لا. أيضاً هناك عدم مُراعاة في عملية تشبيك الخطوط إن صحَّ التعبير حيث تجد شوارع تعاني الشُّح وأخرى تفيض بالماء لدرجة أن أصحاب عربات الكارو يملؤون منها ويبيعون في المربعات التي تنعدم فيها المياه بأسعار خُرافية، وكأنهم اتوا بها من كوكب المريخ..!! وأضاف مُحدِّثونا من سكان مربع (4) بقولهم: قد تكون هناك عوامل أخرى يعلمها أصحاب الشأن، يتطلع سكان المربع أن يعمل مكتب الازهري – الذي يشهدون له بالجهد الوقوف إلى جانبهم – ومن ورائه مكتب المحلية بمعالجتها على وجه السرعة، فالمشكلة ليست بالمستحيلة حيث أن المربع حديث النشأة ومازال قليل السكان، ومعالجة هذه الأسباب تساعد في أن يكون نموذجيا في الامداد المائي .. ويبقي مطلبان: لا بُدَّ من مراجعة الخطوط وتشبيكها حتى يؤتي جهد العاملين وسعى المواطنين أُكله، بما يتوافق مع الإمداد والتطور السكاني، وهما مطلبان خفيفان في الجهد ثقيلان في الميزان لإرتباطهما بالماء وما أدراك ما الماء.