*(1)* أجل وأعظم وأجمل الصلوات قرب النهر في حشدها البديع وعقدها المنظوم والمنضوم أقيمت فى ساحة الاعتصام ، كانت تلك الصلوات لله وللوطن وانتهت مخضبة و مضرجة بدماء من صلوا ومن صاموا وأقاموا عرسا للفداء تحرسهم الملائكة والمسيحيون من رفاقهم وأبا دماك وآلهتنا القديمة عند البركل المقدس . نا زالت الساحة تنتظر عودة من فقدوا لتسجيل أسماء الشهداء و الجرحى و الغائبين جميعهم فى لوحات من رخام و مرمر و ماء من ذهب منهوب فى نصب تذكارى شامخ فى ساحة الاعتصام وهذا سجل من وطن وهذا سجل للوطن ضد الذاكرة التاريخية المثقوبة. *(2)* في ساحة الاعتصام سنقدم اليوم إفطار رمضان بلون الدم والنار التي التهمت الخيام والناس في صحو أبدى ونيام، سنقدم الإفطار كل عام للشهداء وباقة من الأزهار فى كل يوم لتناجي أرواح من اعتصموا ولتكون الساحة عنوانا للخلود الأبدي. فبالله عليكم قدموا للشهداء والغائبين خبزاً طرياً غير جاف خالٍ من المنع والبمبان فى ساحة الاعتصام وفي يوم مولدهم. *(3)* في نهار ذاك اليوم لعلي كنت الوحيد الذي رأى ساحة الاعتصام ثلاث مرات دون إذن من أحد، لقد كان البحث جاريا لي عن معتقل فعبرت الساحة جيئة وذهابا حتى انتهيت عند الفندق أو (الثلاجة) في بحرى عند فجر اليوم التالى وكانت الخيام لا تزال مشتعلة تلتهمها النار والدماء تنطق بأسماء من نزفوا على التراب فى ساحة الاعتصام وهى ساحة للوطن، كان يوماً راعفاً خطب العيد بلون قان وهبط البعض إلى قاع النهر والأمكنة المجهولة ولم يحتف أحد بذاك العيد وسجل الاحتفاء بالعيد ضد مجهول. *(4)* نظام حكمنا الجديد وسلامنا الوليد جاء من رحم الشهداء جميعهم ومن ساحة الاعتصام والغريب أن لا نعطي الأذن للصائمين نيابة عن الشهداء والجرحى والمفقودين وأن لا نقدم لهم ماءً وخبزاً خالياً من المنع والإذن والبمبان وللحواجز وإن أستطعنا ذلك لن نستطيع منع أرواح من غابوا من أن تحوم فوق ساحة الاعتصام، فشهادة بحث هذه الساحة مسجلة باسم الغائبين والشهداء والجرحى ولا يمنع أحد من دخول منزله *(5)* لنصطف جميعاً فى صلاة تبتغي وجه الله والوطن وحلمنا في بلاد جديدة لا تصادر حق الشهداء الغائبين والعائدين إلى الوطن فى خبز طري عند ساحة الاعتصام. *الخرطوم 29 رمضان عيد ميلاد الشهداء* *ولنوقد الشموع في جميع ساحات الوطن ونوافذ البيوت ولنحب الفقراء والمهمشين دون وجل.*