لا زالت حكومة الفترة الانتقالية ملتزمة بروشتة صندوق البؤس الدولي وبحزم وتنفذها حرفيا. ومن أهم مطلوبات الدول الرأسمالية الحاكمة لصندوق النقد وبقية المؤسسات الاستعمارية التي انبثقت عن اتفاقية بريتوودذ في أعقاب نهاية الحرب العالمية الثانية والتي ازدادت شراسة وتحكما بعد انهيار المعسكر الاشتراكي الذي كان يُحدث توازنها في السياسة الدولية. تلك السياسات الاقتصادية التي حلت محل الاحتلال العسكري للدول استفادت بالدول المهنية الجناح مثل السودان بالرغم من الموارد الاقتصادية الهائلة التي يحتويها والتي كانت كفيلة أن تجعله عملاقا اقتصاديا وسياسيا واستراتيجيا الا أن سياسات الحكومات المتتابعة لم تنهض بذلك الواجب. والوضع الراهن الآن أن صناع السياسات الاقتصادية الكلية في البلد ينظرون إلى الخارج وليس إلى الداخل. وهم يعلمون أن سياسات الاستتباع تؤدي إلى مزيد من الاستتباع. المشكلة او المعضلة الاقتصادية التي تواجه الوطن والمواطن والحكومة مشكلة حادة ومقلقة وتتبين مظاهرها وجوهرها في قضايا محددة يدركها الجميع بلا كثير عناء وهي عجز الحكومة عن الايفاء بما هو من مطلوب من الحكومة الراشدة…اي حكومة راشدة او غير راشدة أن تقوم به وهي تدرك ذلك ووضعت له برنامجا وفصله وزير شؤون مجلس الوزراءالاستاذ المهندس خالد عمر..المشهور بخالد سلك والذي أحرز معنا درجات متقدمة في دبلوم التخطيط التنموي..و المواطن ايضا يعلم حدود ومظاهر المعضلة الاقتصادية وهو انه لا يمكن أن يخطط تخطيط سليما في ظل ظروف تغير القوة الشرائية والقيمة التبادلية لما عنده من دخول او مدخرات بالعملة الوطنية..الجنيه السوداني وفي ظل التضخم المنفلت Hyper Stagflation الذي وصل اربعمائة بالمائة على اساس سنوي بحسب التقارير الرسمية وفي ظل التآكل المستمر للقيمة التبادلية مقابل العملات الاخرى القابلة للتداول الحر حيث وصل الدولار الامريكي الى سقف الاربعمائة جنيه سوداني مقابل كل دولار امريكي مع العلم أن قيمة الدولار التبادلية مقابل العملات الرئيسة الاخرى تعاني تراجعا حادا مستمرا وكذلك تآكلا خطيرا في القوة الشرائية .فما هي المشاكل المعروفة والحلول الواضحة وباختصار شديد التي نرى أن التركيز عليها سيؤدي الى نتائج ايجابية ملموسة؟ 1.المشكلة الرئيسية تآكل القوة الشرائية والقيمة التبادلية للجنيه السوداني ومسبباتها الانفاق الحكومي الاداري المنفلت غير المنتج المعتمد على ايرادات غير حقيقية معتمدة على الاستدانة المفرطة من البنك المركزي عن طريق طباعة نقود تقابلها زيادة فعلية في الناتج المحلي الاجمالي ولا ارصدة خالصة من الذهب والعملات القابلة للتداول الحر و العجز المتطاول والمستمر في الميزان التجاري بدون اية اسباب وجيهة أو قاهرة بل في ظل امكانيات ضخمة جاهزة ومعطلة قادرة لاستخراج كل سلاسل القيم المضافة من كل الصادرات الخام وشبه الخام. الاكتفاء بالهيكل الاداري والوظيفي والراتبي الموحد والا تزيد الاقاليم الست ولايات او اقاليم او مديريات والا تزيد الوزارات الاتحادية عن اربع عشرة الى خمس عشرة وزارة والتي كانت عند استقلال البلاد وهو عدد يساوي عدد الوزارات الاتحادية في الحكومة الامريكية .كانت اول موازنة لجمهورية السودان المستقلة في العام 1956 بها فائض اربعة عشر مليونا من الجنيهات السودانية تعادل حوالى سبعة واربعين مليون دولار ومائة وخمسة وسبعين مليون ريال سعودي وتعادل ثمن مليون واربعمائة الف اوقية من الذهب الخالص تساوى بسعر اليوم ملياري دولار. لا بد من كسر حلقة الافتقار المعتمدة والمتمثلة في صادر الموارد بإيقاف صادرات اية منتجات غير كاملة التجهيز للاستهلاك النهائي مع ضبط عائد الصادرات بفتح الاعتماد مشتركا بين المصدر والبنك المركزي ولكن لمصلحة المصدر بعد استيفاء كل المطلوبات وبعد أن تدخل الحصيلة كاملة خزينة البنك المركزي وتغذي عجلة الاقتصاد السوداني الذي خرجت منه. الاسنثمار في المشروعات الاستراتيجية مع اية جهة اجنبية خاصة البترول يجب أن يكون شراكة مع الدولة وبشراكة متناقصة ولكم في اندونيسيا والتي تعد من اسرع دول العالم نموا اقتصاديا ومن اكثرها اكتظاظا بالسكان. أي استثمارات اجنبية لموارد العباد والبلاد يجب أن يكون نصيب الدولة والمواطنين واضحا فيها وأن تكون شروطه معلنة للجميع.و أن يتم ايداع رأس المال المقترح والمصادق عليه لأي مشروع استثماري مودعا بالبنك المركزي السوداني لصالح المشروع بالشروط والاسعار العادلة للمدخلات والصادرات. ايقاف كل الاتفاقيات والبرتكولات الضارة باقتصاد البلاد مثل الاتفاقية الصفرية مع دول الكوميسا والتي نصدر لها منتجات عالية القيمة يتم تجهيزها وتصنيعها من تلك الدول مقابل استيراد منتجات لا قيمة لها ويمكن الاستغناء عنها تماما.و الناتج من تلك الاتفاقية والتي تم الاندفاع نحوها نتيجة لتهافت البعض على فوائد شخصية ولكنها كارثية على الاقتصاد القومى. اما ما نحن بصدد الآن من تنفيذ شروط صندوق النقد الدولي بالرفع الكامل لأي دعم عن الوقود وغيره نرجو أن تكون قد تمت الدراسات الدقيقة لذلك من كل الجهات ذات الصلة داخل الحكومة وقد ذكر المؤتمر السوداني وهو شريك في الحكومة وبوضعية نافذة انه قد تقدم بمقترحات ودراسات مفصلة وخطط واضحة وذلك قبل رفع الدعم فهل أخذت الحكومة بها واخضعتها للدراسة مع المقترحات الأخرى ام أن الامر مقرر سلفا كما أشار د. حمدوك ولكنه سيعلن بعد مسيرات الثالث من يونيو 2021 وقد كان. وهي سياسة عامة اتخذتها الحكومة وليست وزارة بعينها لأن السياسات الاقتصادية الكلية… المالية والنقدية والتجارية والاستثمارية والاجتماعية ليست متروكة لوزارة أو حزب. وبشفافية عند الدخول في اية اتفاقيات جديدة مثل التجارة الدولية او الاتحاد الجمركي العربي وغيرها. الدول الغربية انظمتها لا تسمح بإعانات او قروض سهلة ولا توجد فوائض بموازناتها الآن فلا يجب أن نؤمل فيها كثيرا.و الدولة إذا تفوت بوعي فقد كان المرجو هو الحصول على معونات ومدفوعات وتغذية احتياطيات البنك المركزي إذا أردت تعويم العملة أو إدارة السعر المرن والحصول على تلك المطلوبات سلفا. ولكنا في الحادثة المشهورة في عام 1972 حين كانت امريكا والدول الغربية متلهفة لطرد الخبراء الروس من مصر بأي ثمن. ولكن قام الرئيس المصري الأسبق أنور السادات بطردهم دون قبض الثمن اولا. ولكن بعد طردهم بدون ثمن طلب من الولاياتالمتحدةالأمريكية الثمن فكانت الإجابة الصدمة من وزير الخارجية البريطانى ووزير الخارجية الأمريكى الدكتور هنرى كيسينجر انه كان ينبغى أن تقبض الثمن وإلا فلن تجد من يدفع لك على عمل نفذته سلفا. فهل اتعظت حكومتنا السنية بذلك؟.. ومعلوم أن بعض الدول الشرقية مثل الصين وروسيا وبعض دول الخليج ؛ السعودية والكويت وقطر والامارات وبعض دول البريكس هي دول ذات فوائض مالية ضخمة يمكن التعاون معا بسهولة ويسر ولكن كل ذلك يحتاج لارادة صادقة وادارة حازمة واعية وشفافة وتدقيق يغلق كل مصادر الفساد والافساد. ما تقدمه المنظمات الدولية وغيرها يجب أن يكون من خلال الدولة ويخدم استراتيجيتها وخططها وللمتبرعين حق المراقبة ولكن التنفيذ في إطار سياسات الدولة وخططها وأولوياتها والموارد تدخل للدولة كما تفعل الدولة الحازمة مثل مصر واثيوبيا وكينيا وتنزانيا وغيرها. هل نأمل في ذلك؟ نرجو ولكن….