الصحافة السودانية مرت بمراحل عديدة وتعاقب عليها رؤساء تحرير و ناشرون ووزراء ثقافة وإعلام واستعلامات وثقافة وإرشاد وبمختلف المسميات والانتماءات والفترات وفيهم من تعاقب على الوزارة أكثر من مرة مثل البروفيسور علي محمد شمو والأستاذ محمد خوجلي صالحين وفيهم من قضى يوماً واحداً ثم اعتذر مثل الأستاذ محمد محجوب سليمان. وكان أول وزير هو الأستاذ يحيى الفضلي و اللواء محمد طلعت فريد واللواء محمد نصر عثمان ورحمة الله عبدالله وصالح محمود إسماعيل وعبدالرحمن النور وعبدالماجد أبو حسبو والسيد أحمد المهدي ومحجوب عثمان وعمر الحاج موسى وأحمد عبدالحليم وبونا ملوال ومحمد بشير حامد ومحمد توفيق ومأمون سنادة وبشير عمر والتوم محمد التوم وسليمان محمد سليمان وغازي صلاح الدين ومهدى إبراهيم وروضة الحاج وأحمد بلال وحسن إسماعيل. وفيهم من كان رئيساً للوزراء ووزيراً للإعلام لفترة مثل المرحوم الإمام الصادق المهدي ثم الأستاذ فيصل محمد صالح والأستاذ حمزة بلول والوكيل الأستاذ الرشيد سعيد. الصحافة أي الإعلام المطبوع والمقروء لها أدوار حاسمة في حياة الشعوب. وهي بشكلها التقليدي الورقي المطبوع والمنشور والموزع حديثة نسبياً إذ كانت بدايتها الفعلية في العالم الحديث بعد اختراع مطبعة جوتنبيرج. وبدأت كنشرات محدودة الطباعة والتوزيع والانتشار. وتطورت في مراحل مختلفة في العالم من نشرات محدودة إلى نشرات حكومية إلى مطبوعات في شكل مجلات مثل النهضة لأبي الريش والفجر لعرفات محمد عبدالله ومجلة الحياة عن دار الأيام ويرأس رئيس تحريرها محجوب محمد صالح ومجلة الملتقى ومجلة هنا أم درمان والشباب والرياضة والصبيان وصوت المرأة وأخريات وسنعرض لها بالإضافة إلى المجلات الأكاديمية المتخصصة في الجزء الثاني إن شاء الله. والصحف الإقليمية كردفان رئيس تحريرها الفاتح النور وصحيفة الجزيرة أول رئيس تحرير لها سليمان بخيت ومحمد الخير البدوي وأول صحفي سوداني هو حسين شريف ناشر صحيفة حضارة السودان. و أصدر الأستاذ أحمد يوسف السودان الجديد مجلة أسبوعية ثم أصبحت يومية وكصحف واسعة الانتشار والتوزيع وباحترافية عالية إلى طباعة ورقية ونشر وتوزيع في عدة أماكن بل وفي عدة قارات من العالم فى نفس الوقت حتى وصلت إلى نشرات ومطبوعات إلكترونية توزع عبر وسائط الاتصال الحديثة التي لا تكاد تحددها حدود الزمان والمكان الآن استمرت عدة صحف مثل الانتباهة و الصيحة وأخبار اليوم والصدى واليوم التالي والوفاق والدر والجريدة والسوداني و السوداني الدولية وظهرت صحف عديدة مثل الحداثة و الديمقراطي والمواكب والحراك واختفت أخريات وتوقفت مثل الرأي العام و ألوان والأيام والصحافة وغيرها . و ظهرت الصحافة الإلكترونية بقوة و فى أشكال مختلفة و أنماط متعددة و بعض الصحف لها طبعات ورقية تقليدية و لها إصدارات إلكترونية اشتدت المنافسة بينها على أسواق الإعلان و الترويج. و كانت هنالك صحيفتا الأيام والصحافة فى عهد مايو. وقد تناولت سابقاً وفي عدة مقالات منشورة وضع الصحافة السودانية ملكية وطباعة ونشراً وتوزيعاً وما يجابهه من تحديات في الملكية والتحرير والطباعة والتوزيع . ما ميز الصحافة السودانية وخاصة الورقية منها فى السنوات الأخيرة تكاثر أعدادها حتى قاربت الخمسين مطبوعة وتدني توزيعها اليومي حتى قارب ما دون المائتي ألف نسخة يومياً مع تركز أغلب التوزيع في المركز. هذا مع فارق كبير بين صحف المقدمة وما يليها في أعداد ونسب التوزيع بين أكثر من عشرة آلاف إلى ما دون الألف نسخة فى اليوم. وهنالك مفارقات كبيرة حتى بين الصحف العالمية والإقليمية في التحرير والطباعة والتوزيع. فصحيفة مثل صحيفة اليومي يورى شيمبون اليابانية والتي ابتدأت هي وصحيفة الأهرام المصرية فى نفس العام تقريباً 1875 توزع اليوم يوري شيمبون عشرة ملايين نسخة فى الطبعة الصباحية وثلاثة ملايين وسبعمائة ألف نسخة فى الطبعة المسائية ورصيفتها اليابانية اساهي شيمبون توزع ثمانية ملايين نسخة يوميا وتوزع الأهرام المصرية حوالي التسعمائة الف نسخة فى اليوم صباحا ومساء. وقد تعرض الكاتب المرموق الأستاذ كمال عوض فى عموده المقروء بصحيفة الانتباهة لمشاكل الصحافة السودانية وخياراتها ومستقبلها فى عدد السبت السابع من شهر يوليو 2019 . ومما طرحه هو لماذا لا تطبع الصحف أكثر من طبعة في اليوم حتى تواكب الأحداث المحلية والإقليمية والدولية. من غير ما أوردت عاليه فكنت اعلم ان عدد من الصحف العالمية تفعل ذلك. فحتى وقت قريب كانت صحيفة "لوس انجلوس تايمز" الأمريكية تطبع عدة طبعات فى اليوم من العاشرة مساء وهي توزع للمشتركين فى المنازل وطبعة توزع خارج الولاية وطبعة صباحية وطبعة محلية وطبعة مسائية. وأما عدد الأحد فعدد مميز حجما في ما يقارب السبعمائة صفحة موزع على أجزاء السياسة. الطعام. الرياضة والدين Religion والأعمال Business والى غير ذلك. ومعظم الصحف العالمية لها محرر ومدقق معلومات Data Editor وذلك للحفاظ على مصداقية الصحيفة وهو أمر نفتقده هنا كثيرا.ومن أشهر الأحداث فى هذا ما نشرته صحيفة الواشنطون بوست التى تصدر فى العاصمة الأمريكية عن ان وزيرة الخارجية الأمريكية الديمقراطية الدكتورة مادلين اولبرايت إنها تنحدر من أصول يهودية من شرق أوروبا.وعند النشر تم عقد اجتماع فى البيت الأبيض وسألها الرئيس ان كان هذا الأمر حقا فنفت ذلك واخرج البيت الأبيض تصريحا مماثلا.عندها حصل صدام بين مؤسستين مهمتين البيت الأبيض والواشنطون بوست.فاجتمع رئيس مجلس الإدارة مع المحررين و طلب الدليل على ما أورده المحرر فاخرج المحرر اليومية التي سجل فيها متى خطر له الأمر ومن ناقشه مع محرره ومع القسم وكيف تم الحجز له للسفر إلى قرية أهلها و أي خطوط سافر عليها و أي فن Flow Flow Flow أدق نزل بها حتى وصل إلى قريتها وتأكد من الأمر.عندها أخرجت الواشنطون بوست بيانا من جملة واحدة ان الصحيفة خلف تقرير محررها. The Washington Post Stands by the Story of its Reporter فأعاد البيت الأبيض الأمر إليها وأخذت إجازة و ذهبت الى قريتها وتأكدت من أصولها اليهودية وأخرجت بيانا بذلك وانتهت القصة.. فالناظر الى ما يدور عندنا هذه الأيام في الصحافة ووسائط التواصل الاجتماعي من أن هذا الوزير حزب أمة او ذاك شيوعي أو بعثي أو أي فرقة من فرق تلك الأحزاب والجماعات ومؤهلاتهم وهل يحتاج ذلك الأمر لكل ذلك التخبط والتخرص والتحرز والاتهامات والإبهام طالما أن الأمر أمر خدمة عامة وأولى مطلوباته الشفافية الكاملة فما العيب فى الإفصاح الكامل حتى يعرف المواطنون على ماذا هم مقبلون وماذا يتوقعون والأيام دول والإفصاح والشفافية مطلوبة فى شاغلي مناصب المسؤولية العامة. كانت مقالات الأستاذ محمد حسنين هيكل رئيس تحرير الأهرام والتي يكتبها مرة واحدة في الأسبوع بعنوان "بصراحة " تعتبر مرجعاً وتنشر فى عدد كبير من الصحف العالمية مترجمة وللأستاذ هيكل برنامج يومي صارم للقراءة والاطلاع. و ربما نعود إن لزم إن شاء الله.