يومان من الأحداث الدموية في العاصمة وبعض الولايات راح ضحيتها بعض المواطنين عبر رصاص قوات الأجهزة الأمنية، الدماء التي سالت لم تجد بياناً توضيحاً من السلطات المركزية التي اتخذت موقف المتفرج خياراً لها، بينما اكتفت حكومات الولايات بالشجب والإدانة والتأكيد على التقصي لاحقاً لما حدث، الاشتباك المسلح بضاحية سوبا أمس بين قوات مشتركة وقوة تتبع لإحدى الحركات المسلحة أعاد للأذهان المخاوف التي عبر عنها بعض الخبراء من وجود قوات مسلحة بكثافة في العاصمة الخرطوم رغم التطمينات التي اطلقها المسؤولون. وفى مارس الماضي قررت اللجنة الفنية لمجلس الأمن والدفاع، إفراغ الخرطوم والمدن الرئيسة من الوجود المسلح لبعض الحركات الموقعة على اتفاق جوبا للسلام، وسط مخاوف من التعقيدات التي يمكن أن تصاحب تطبيق القرار. دماء في زالنجي في مدنية زالنجي حاضرة ولاية وسط دارفور سالت دماء طلابية غزيرة عبر القتل والاصابات بالرصاص الحي وذلك منتصف نهار أمس الاول، بالعود لتفاصيل الأحداث شهدت سوح امانة حكومة الولاية احتجاجات طلابية مطلبية نجم عن تلك المطالب قتل الطاالب عزالدين عمر بالرصاص الحي واصابة سبعة آخرين، تساقط الطلاب بالرصاص الحي دفع إدارة جامعة زالنجي لإخراج بيان صحفي تدين فيه ما حدث وتحمل فيه اللجنة الأمنية بالولاية مسؤولية القتل والإصابات. وطالبت الجامعة بتقديم المتورطين للعدالة وقالت الجامعة إن الاحداث بدأت بعد اقتحام الطلاب لمبنى مقر يوناميد الذي تحول إلى جامعة حالياً حيث اطلق السلطات الحكومية النار عليهم وقتل طلاب واصابة سبعة آخرين. في السياق ذاته اتهم والي ولاية وسط دارفور أديب عبد الرحمن جهات لم يسمها باستغلال الاحتجاجات الطلابية بتدخلهم في صفوف الطلاب للتعبير عن القضايا المختلفة. وطالب الوالي في تصريحات صحافية بتفويت الفرص على المتربصين وأعلن الوالي اديب عبد الرحمن حظر التجوال بولايته بعد تلك الأحداث . نزاع في الأبيض قبل أن تخمد نيران الأحداث في وسط دارفور، شبت نيران أخرى في مدينة الابيض حاضرة ولاية شمال كردفان، تشير الأنباء الواردة من الابيض إلى مقتل ستة أشخاص إثر صراع قبلي، اضطرت حكومة الولاية لإعلان حظر التجوال في الاحياء الجنوبية مثل حي شيكان والخرسانة والجبلين وفريق الحر، اعتباراً من الثلاثاء حتى إشعار آخر وفضلاً عن زيادة الارتكازات الليلية والطواف المستمر. وبالعودة لتفاصيل الأحداث تشير المصادر الى أن طبيعتها قبيلية بدأت من حي الزربية وانتقلت الى مستشفى السلاح الطبي، ولم تستبعد المصادر انحياز نظاميين للمجموعات التي اصطدمت بالابيض نهار الثلاثاء، المصادر نفسها أكدت أن الأحداث ليست وليدة اللحظة وانما قديمة متجددة تأخذ شكلاً من الثارات بين الفينة والأخرى، في السياق ذاته قلل والي ولاية شمال كردفان خالد أحمد المصطفى من الأحداث التي شهدتها ولايته وقال إن الاعلام يضخم منها، مقراً بمقتل ثلاثة أشخاص في اليوم الاول للصراع دون الافصاح عن اي تفاصيل اخرى. وقال ل"السوداني " إنهم دفعوا بتعزيزات أمنية مكثفة لمناطق النزاع. وشدد على هدوء الأحوال في يوم أمس "الأربعاء"، منبهاً إلى ضرورة عدم الاهتمام بما ينشر في الميديا التي قال أنها تعمل على تضخيم الأحداث . الخرطوم تصاب بالعدوى قبل عودة الهدوء الى ولايتي شمال كردفان ووسط دارفور، انتقلت العدوى الى العاصمة الخرطوم، التي شهدت اشتباكا مسلحا بنواحي الخرطومجنوب، بعد تعرض قوات من القوات الامنية المشتركة لإطلاق نار من مجموعات مسلحة عند مجمع رهف السكني بمنطقة سوبا، وقال بيان صادر من الشرطة إن مجموعة من القوات الامنية المشتركة المكونة من القوات المسلحة وجهاز المخابرات العامة والشرطة كانت تعمل على إزالة المظاهر السالبة ودك أوكار الجريمة بمنطقة سوبا وتعرضت لقصف بالنيران من مجموعة مسلحة قبل أن تتمكن القوات المشتركة من التصدي لهم والقبض على المجموعة المتفلتة، ولم يفصح البيان الصحفي الصادر من الشرطة عن تفاصيل الاصابات والجرحى سيما وأن الأحداث شهدت تبادلا للنيران بالرصاص الحي. وفي تطور لاحق ،كشفت الشرطة مساء امس في بيان أن مجمع رهف السكني هو أحد مشاريع التأمين الإجتماعي لقوات الشرطة ، وانها استضافت مجموعات من حركات الكفاح المسلح (الجبهة الثالثة تمازج ، التحالف السوداني وحركتي تحرير السودان المجلس الانتقالي والعدل والمساواة). وأشار البيان إلى أن الاستضافة كانت لمدة شهر مساهمة من الشرطة في دعم العملية السلمية . واضاف البيان :" إلا أنه وبعد انقضاء فترة الاستضافة ظل العديد من أفراد الحركات بالموقع رغم إفادة رئيس المفوضية القومية للسلام بعدم مسؤوليتهم عن الإقامة غير القانونية". في السياق ذاته أشيع على ناطق أوسع أن القوات التي أطلقت الرصاص تنتمي لإحدى الحركات المسلحة بيد أن الحركة المسلحة التي اذيع اسمها في الاسافير أخرجت بياناً صحفياً نفت فيه تورطها في الاحداث وهددت بملاحقة الذين روجوا لذلك بالقانون . من يشعل الأحداث ثمة أحاديث عن أن ما يجري وجرى في العاصمة والولايات ربما لا يكون وليد لحظة او حدثاً طارئاً وانما أحداث صنعت من جهات بعينها ويتضح ذلك من خلال تصريحات والي وسط دارفور أديب عبد الرحمن الذي المح الى تورط جهات لم يسمها في أحداث زالنجي، بيد أن الخبير الأمني النقيب معاش عمر عثمان يرفض فرضية تورط أياد خفيه في أحداث العاصمة والولايات، ويقول إن ما حدث في الخرطوم من مناوشات بين القوات النظامية وإحدى المجموعات المسلحة امر طبيعي لم يتفاجأ به أحد، مشيراً الى أن الشرطة نجحت في احتواء الاحداث بعد تدخلها الحاسم في الأحداث. وقال ما حدث في الخرطوم متوقع لجهة أن مجموعات الحركات المسلحة غير مدربة وغير مؤهلة وطبيعي أن تصدر منها مثل هذه التصرفات. وأضاف في حديث ل"السوداني" ما حدث في زالنجي ربما يعود لسوء التصرف من المجموعات الشرطية التي كانت تشرف على الأحداث ولضعف تقدير الموقف الميداني. وزاد بالقول "التعامل مع الطلاب لا يستوجب استخدام المدرعات والجنود المدججين بالسلاح وان الشرطة هي الجهة الوحيدة القادرة على التعامل مع حالات الشغب لأنها الأكثر تأهيلاً للتعامل مع مثل هذه الحالات . خيارات وحلول منذ بداية الفترة الانتقالية شهدت ولايات السودان المختلفة أحداث عنف مكررة أودت بالعشرات من الارواح شرقاً وغرباً وشمالاً، مما حدا بالبعض أن يتساءل عن الروشته المناسبة لإيقاف مثل هذه الأحداث التي ظلت في تزايد مضطرد رغم محاولات الحكومة حسمها بطرق أقرب للسلمية، هنا يقول الخبير العسكري عوض عمر إن الحكومة مطالبة بفرض هيبتها في كل أنحاء السودان وأن لا تسمح بتنامي ظاهرة العنف والكراهية والقبيلية. ويضيف في حديث ل"السوداني" أن المهام العسكرية معروفة، الشرطة مسؤولة من الأمن الداخلي، القوات الأمنية الأخرى لديها مهام معروفة يجب أن تعمل الشرطة في إطار صلاحياتها وتفرض هيبتها واستتبابت الامن الداخلي مسؤوليتها. ويضيف على الحكومة أيضا الشروع في الترتيبات الأمنية تفادياً لأي مناوشات قد تحدث بالخرطوم ويصف وضعية الأحداث التابعة للحركات المسلحة بالخرطوم بالوضعية الخاطئة قائلا كان يجب أن لا تصل هذه الحركات للخرطوم قبل إكمال ملف الترتيبات الامنية، أما الصراعات في الولايات فإن الصراعات يجب أن تحل عبر الشرطة وليس بالأجاويد .