محللون اقتصاديون تحدثوا ل(السوداني) مشيدين بقوة شخصية الرجل وقدرته على مجابهة الأوضاع الاقتصادية الحالية، غير أنهم أكدوا أهمية مساندته في مسيرته بالدعم المالي والفني الخارجي باعتباره من أيسر الطرق لإنجاح خطته خلال الفترة القصيرة التي تبقت لحكومته التي تعقبها انتخابات 2020م. ويذهب وكيل المالية الأسبق رئيس القطاع الاقتصادي السابق بالمؤتمر الوطني د.حسن أحمد طه في حديثه ل(السوداني) إلى وصف برنامج رئيس الوزراء الجديد فيما يلي تنفيذ الإصلاح الهيكلي الشامل للاقتصاد الوطني بالمهم جداً، غير أنه أشار إلى صعوبة معالجة الاختلالات الهيكلية في الطلب الكلي بما فيها التضخم وسعر صرف الجنيه مقابل العملات الحرة خلال فترة ال(400) يوم، التي تُقدَّر بأكثر من عام و40 يوماً. واعتبر طه أن إعادة التوازن يحتاج لوقت طويل ودعم خارجي فني ومالي لسد العجز الكبير في ميزان المدفوعات وللتنمية وهي مهمة صعبة وتحتاج لجهد وتحديات كبيرة . فيما يرى المحلل الاقتصادي د.هيثم فتحي في حديثه ل(السوداني)، أن استغلال الصدمات والكوارث في إحداث تحولات اقتصادية واجتماعية خاطفة لم يكن ليسمح بها المواطنون في الأحوال الطبيعية، واصفاً العلاج بالصدمة بالعبارة العميقة، لجهة أن الاقتصاد السوداني يحتاج فعلاً إلى صدمة حتى يتغيّر وإعادة التفكير في سياساته وخططه ونتائجه. السيناريوهات المتوقعة لخطوات معتز فتحي اقترح (3) سيناريوهات للمعالجة الاقتصادية بالصدمة، والتي أشار إليها رئيس الوزراء الجديد وذلك بتحجيم القطاع العام، ومنح الحرية الكاملة للقطاع الخاص، والحد الكبير للإنفاق الحكومي مهما كان نوعه. وكان رئيس الجمهورية عمر البشير قد أشار في ختام مجلس شورى الحركة الإسلامية القومي الأخير لاعتكاف الحكومة على وضع حلول جذرية لمشكلة الاقتصاد السوداني، بزيادة الإنتاج والإنتاجية وزيادة الصادرات والتوسع في المشروعات الزراعية بالطرق الحديثة والاهتمام بالثروة الحيوانية. ومن جهته دعا أستاذ الاقتصاد بجامعة الخرطوم بروفيسور إبراهيم أونور في حديثه ل(السوداني) لأهمية تركيز الحكومة الجديدة في صدمتها الاقتصادية على تحقيق الاستقرار في سعر الصرف واحتواء التضخم لما يحدثانه من ارتباك اقتصادي وارتفاع حاد في الأسعار، مشيراً إلى أن (78)% من الزيادة في الأسعار بالأسواق سببها انعدام الرقابة الحكومية على حركة السلع وضبط انفلات أسعارها، مبيناً أن هذه الأسعار نتجت عن عوامل غير اقتصادية سببها جشع التجار، مؤكداً المزيد من الضبط لانفلات سعر الصرف وإيقاف المضاربات فيه . واقترح أونور على حكومة معتز الاهتمام بزيادة الإنتاج والإنتاجية وتحفيز المنتج الحقيقي لما يؤديه ذلك من تحقيق للاستقرار الاقتصادي. ويكشف خطاب الرئيس البشير في عيد الأضحى الماضي عن الخطوط والملامح الرئيسية سيتبناها رئيس الوزراء معتز موسى في الصدمة الاقتصادية قصيرة المدى التي ينوي تدشين برنامج عمل حكومته بها. ماذا قال البشير في خطاب عيد الأضحى؟ أشار البشير في خطابه يومئذ ل(6) نقاط رئيسية تتمثل أولاً في مراجعة مرتكزات الاقتصاد الكلي بصورة جذرية تؤدي لإقرار سياسات تفصيلية وإجراءات محفزة للإنتاج وزيادة الصادرات وضبط الواردات، وذلك تنفيذاً لمقتضيات البرنامج التركيزي المعلن . ثانياً: تحقيق الانضباط المالي للأجهزة والوحدات والمؤسسات الحكومية من خلال فرض الرقابة على حركة الأرصدة والحسابات المالية لهذه الأجهزة لتكون تحت هيمنة وإشراف البنك المركزي . ثالثاً: إشراف رئاسة الجمهورية على تحديد أولويات الصرف على مستوى المشروعات التنموية وتوفير الاحتياجات الضرورية للاستخدامات الاستراتيجية لضمان حسن توظيف الموارد المتاحة على مستوى أولويات الاقتصاد الكلي . رابعاً: تعزيز إجراءات إعادة هيكلة التمثيل الخارجي وفقاً لمبدأ تخفيض الإنفاق العام في جانبه المتصل بخفض مصروفات العمل الخارجي وذلك بمزيد من تخفيضات سوف تمس بعثاتنا الخارجية لتصبح في الحد الضروري الذي يحافظ على فاعليتها في البلدان ذات الأهمية الاستراتيجية وحسن توظيفها لخدمة جهودها التنموية دون ترهل أو صرف يرهق الخزانة العامة في ظل الظروف الاقتصادية التي تمر بها بلادنا . خامساً: أن تمتد مسارات الدبلوماسية الرئاسية خلال المرحلة المقبلة إلى فتح مجالات للتعاون الاقتصادي البنَّاء مع الدول ذات الثقل الاقتصادي وفتح أسواق جديدة للمنتجات السودانية من خلال شراكات استراتيجية تدفع بجهود التنمية وفق إجراءات استثنائية تتجاوز الأنماط التقليدية في تعاملات جذب رؤوس الأموال للاستثمار . سادساً: مراجعة هياكل السلطة على المستويين الاتحادي والولائي وكذلك علي مستوى المؤسسات العامة للدولة من خلال المزاوجة ما بين الفاعلية الحكومية في الأداء وتوسيع المشاركة وما بين ترشيد الاتفاق العام . أثر الصدمة المتوقعة وأبان فتحي أن أثر الصدمة يزداد بزيادة ارتباطها مع العالم بشكل عام وزيادة ارتباطها بمصدر الصدمة بشكل خاص، مبيناً أن العلاج بالصدمة يهدف لتحديث الاقتصاد وتطوير البني التحتية والحياة الاجتماعية والسياسية، مشيراً إلى أن الاقتصاد السوداني لا يمكن أن يتعافى بجرعة واحدة وفي مدة قصيرة وإنما يحتاج لمعالجة المشكلات الهيكلية. وأكد فتحي على ضرورة معالجة الوضع الاقتصادي خاصة التضخم لأنه يرفع تكلفة الإنتاج الكلية خاصة للقطاع الخاص ويضعف النمو والاستثمار وتنافسية الصادر، والطاقة الشرائية للمداخيل، داعياً لوضع واتخاذ حزمة جديدة متكاملة من الإجراءات لإصلاح البيئة الاقتصادية بوجه عام وتحقيق الاستقرار في السياسات الكلية والمالية على الآماد القصيرة والمتوسطة والطويلة، بالإضافة إلى اتخاذ خطوات حاسمة لمعالجة مشكلات الاقتصاد بصورة جادة ووفق رؤية واضحة المعالم بجدول زمني محدد يراعي معقولية التدرج في تنفيذ السياسات، فضلاً عن إجراء إصلاحات في قطاعي الزراعة والصناعة من أجل تحسين التنافس وتحقيق مرونة سوق العمل، الإنتاجية، وتشجيع الاستثمار في تمويل وتخزين وتسويق الإنتاج، وإعفاء كافة مدخلات إنتاج القطاعات الحقيقية من الجمارك والضرائب.