أحياناً عندما نخاف من مشكلة أو مصيبة وإلا حصلت لنا، كأن يخاف الطالبُ من الامتحان مثلاً فيرسب وكأنه يحس بذلك، أو بخوفنا من خوض تجربة معينة فنفشل فيها نتيجة التفكير السلبي، فالعبرة ليست في ألا نخاف، بل هي في ألا نعمل للخوف، فالبعض ربما يميل إلى اللجوء للخوف وهو ميل طبيعي، ولكننا في كثير من الأحيان، نحن الذين نصنع المخاوف ونقاوم الشجاعة في أنفسنا، فخوفنا غالباً هو ثمرة لأفكارنا وفشلنا، فمن منا لا تنتابه مشاعر الخوف والقلق؟ ومن منا لم يواجه شعور الخوف من موقف معين أو عدم الرغبة في المواجهة؟ فالخوف حالة نفسية يمر بها الإنسان وهو تفضيل الشعور بالضعف والهزيمة، فالبعض يستسلم ويتجنب عدم المحاولة، وحتى نجتاز مراحل الخوف علينا السيطرة على أفكارنا السلبية والتي غالباً ما لم تكن صحيحة، وهناك الخوف من الموت أو المستقبل والخوف من الفشل، هذه كلها مخاوف عادية في حياتنا وتختلف من إنسان إلى آخر باختلاف التعامل معها، وقد يقف الخوف عائقاً أمام تطورنا في الحياة العملية، وقد تزعجنا بعض العبارات وتخيفنا، فيجب ألا نترك الخوف يسيطر علينا مهما كان، بل نفكر بإيجابية لنقتحم المستقبل بنجاح. كذلك الحياة تلقِي بأثقالها وأوجاعها علينا، وكلما حاولنا أن ننسَ همومنا فلن تنسانا، فيجب أن ننفض هذه المشاكل عن ظهورنا حتى نتغلب عليها، لننفضها جانباً، ولنستمر بذلك لنجد أنفسنا يوماً في القمة، لا تتوقف ولا تستسلم أبداً مهما شعرت أن الآخرين يريدون دفنك حياً، فلنتخذها قاعدة، لن يشعر أحد بما نشعر به حتى لو أمضيت ساعات تشرح لهم شعورك وما تمر به، فهم لم يلمسوا قرارة قلبك، ولم تصلهم حرارة دموعك، فلنلتزم الصمت فهو أفضل، ولنكف عن مناجاة الآخرين فالله وحده أحق بأن نناجيه ونبث له شكوانا. إذن القلق وظاهرة المخاوف والوسواس، هي مسميات أحياناً تزعجنا فتفتك بنا، بينما هذه الأعراض تزداد وتنقص حسب الظروف وحسب المثيرات، والمخاوف ليست ضعفًا في الشخصية، إنما هي ناتجة عن حساسية نفسية معينة، وبسببها يحدث نوع من التجسيم والتضخيم. وخطورة هذه المخاوف أنها تُحدِث التوتر وتسارع ضربات القلب. وتحضرني هنا قصة الفأر والأسد، فيحكى أن فأراً حكيماً كان يتعلم من كل شيء حوله في الغابة ويعرف الكثير، وفي يوم من الأيام اجتمعت حيوانات الغابة، وأراد الفأر أن يعلم أصدقاءه درساً، فقال في ثقة: اسمح لي أيها الأسد أن أتكلم وأعطني الأمان، فقال الأسد تكلم أيها الفأر الشجاع، قال الفأر: أنا أستطيع أن أقتلك في غضونِ شهر، ضحك الأسد في استهزاء وقال له: أنت أيها الفأر؟ قال الفأر: نعم، فقط أمهلني شهراً، فقال الأسد:- موافق، ولكن بعد الشهر سوف أقتلك إن لم تقتلني، مرت أيام الأسبوع الأول والأسد ظل في استهزائه، لكنه كان يرى بعض الأحلام التي قالها الفأر، ولكنه لم يبالِ بالموضوع، ومر الأسبوع الثاني، والخوف يتسلل إلى صدر الأسد، أما في الأسبوع الثالث، فكان الخوف فعلاً يتسلل إلى صدر الأسد ويحدث نفسه، ماذا لو كان كلام الفأر صحيحاً؟ أما الأسبوع الرابع، فقد كان الأسد مرعوباً وفي اليوم المرتقب دخلت الحيوانات مع الفأر على الأسد، والمفاجأة كانت أن وجدوه قد فقد أنفاسه وفارق الحياة، لقد علم الفأر أن انتظار المصائب هو أقسى شيء على النفس، فيجب ألا نخاف هموم الحياة التي تمر بنا.