** الأمانة الهلامية المسماة بالنهضة الزراعية ليست ذات جدوى، ولا ذات شرعية في مؤسسية الدولة، إن كان نهج الدولة يعترف ويؤمن بالمؤسسية..وزارعة الزراعة الاتحادية تكفي جهازا مركزيا يؤدي مهام التخطيط والإشراف والمتابعة، وكذلك بكل ولاية وزارة زراعة لها ذات مهام الوزارة الاتحادية، فلماذا تأسيس تلك الأمانة وسط هذا الفيلق الوزاري؟، وما هي سلطاتها التي تميزها عن كل هذه الوزارات، المركزية منها والولائية؟، ثم من أية خزينة تصرف تلك الأمانة ميزانيتها ؟، هل خصما من ميزانية وزارة الزراعة أم لها ميزانية موازية لميزانية وزارة الزراعة؟.. فلندع كل هذا جانبا، ونسأل بكل براءة : ألم تعد الحكومة - عبر تصريحات سادتها الموثقة- الناس والبلد بحكومة رشيقة في مرحلة الجمهورية الثانية .؟ ** فالرشاقة المنشودة لا تعني تخفيض عدد الوزراء من (77) إلى (66)، أو كما فهمتها ونفذتها الحكومة.. ولكن المعنى بالرشاقة هو خلق دولة المؤسسات الخالية من مراكز القوى وكيانات الموازنات الحزبية أو القبلية الموازية للوزارات وغيرها من المؤسسات ذات الوضع الدستوري والقانوني في الدولة.. وتلك الأمانة نموذج تضخم لا معنى له غير إرضاء بعض الذين فاتهم قطار مجلس الوزراء أو مجالس وزراء الدولة، والنماذج كثيرة..منها، صندوق الإسكان الذي يمارس سلطات وزارة الإسكان، تخطيطا وإشرافا وتنفيذا .. وكذلك وحدة السدود التي كانت محض إدارة في وزارة الري، قبل أن تصبح (دولة بي حالها) ..وصندوق دعم الطلاب الذي ألغى سلطات الجامعات واتحاداتها ويكاد أن يلغي الجامعات والاتحادات ذاتها بالاستيلاء على أراضييها.. .و.. و.. نماذج الترهل لا تحصى، بحيث يكاد أن يكون لكل وزير وزارة أمين أمانة مساو له في السلطات ومنافس له في الميزانيات ..!! ** كنت من الحالمين بأن تبدأ الحكومة هذه الجمهورية بإعادة أمور المؤسسية ومؤسساتها الى نصابها،أي كما كانت قبل (30 يونيو)، وليست قبل نيفاشا فقط .. نعم نيفاشا تسببت في هذا الترهل المريع ، بحيث تم تشليع كل وزارات الحركة الشعبية وأحزاب البرنامج الوطني، وذلك بتجريدها من سلطاتها بخلق أجسام موازية على سدتها سادة الحزب الحاكم، لتؤدي مهام تلك (الوزارة المشلعة)، وصد وزير تجارة ما قبل الانفصال حين صرخ في الناس والصحف ذات يوم (وزارتي شلعوها)..وما كان هذا التشليع إلا بمثابة تركيب كيان آخر في مكان آخر، ليصبح الوزير مجردا من سلطاته، أي فقط يكمل به مجلس الوزراء نصاب الاجتماع .. وهكذا أتقنوا فن التشليع والتركيب حتى عمت الفوضى وتقاطعت السلطات، بحيث لم نعد نعرف - على سبيل المثال - من المسؤول عن أمر الزراعة في البلد؟، الدكتور المتعافي وزير الوزارة أم الدكتور عبد الجبار أمين الأمانة ؟ **ولمزيد من التأمل، فلنقرأ الخبر التالي، على سبيل الفوضى أيضا ..(اعترفت أمانة النهضة الزراعية بصعوبة تحقيق برامجها عبر موارد الدولة وتصف ميزانية البرامج بالفلكية، وكشف الأمين العام عبد الجبار حسين في اجتماعه مع لجنة الشئون الزراعية بالبرلمان عن مقترح تغيير مجلس إدارة مشروع الجزيرة وقانون المشروع)..تأملوا، مجرد كيان لا موقع له في إعراب مؤسسية الدولة يجتمع بالبرلمان ويقترح له تغيير مجلس إدارة مشروع اتحادي يتبع لوزارة الزراعة وكذلك يقترح تعديل قانون هذا المشروع الاتحادي.. إن كانت للأمانة كل هذه السلطات والمساحات، فلماذا الإعلان عن وزارة زراعة في التشكيل الوزاري الأخير .. الغوها، والأخريات أيضا، لتدار الدولة بمراكز القوى وكيانات الموازنات والترضيات ..!!