** راشد، من الأحباب المؤتمن عليهم في استلام ما يخص المكتب.. وعندما يدخل بحزم الأوراق الصفراء أعلم بأن الأسبوع حافل بالمحاكم، إذ ورقة التكليف بالحضور إلى المحاكم صفراء فاقع لونها لايسر الصحفيين.. السبت الفائت، كعادته، جاء راشد بثلاث أوراق صفراء، وهي تكاليف حضور جلسات ثلاث قضايا بمعدل جلسة كل أسبوع فيما تبقى من الشهر، وهذا (شيء طبيعي).. ولكن، ما لم يكن طبيعياً في ذاك السبت، لم يكتف راشد بتسليم تلك التكاليف الثلاثة وتوثيق تواريخها للتذكير، بل مد ورقة أخرى بيضاء قائلاً: (هاك يا أستاذ ده كمان استدعاء من المحكمة الدستورية).. يا ساتر، كمان جابت ليها محكمة دستورية يا راشد؟.. لم أشارك في انقلاب ود إبراهيم، ولم أرشد قوات خليل إلى ثغور أم درمان، فلماذا ارتفع سقف المحاكم - فجأة كده - من محكمة الصحافة إلى الدستورية؟.. ** المهم، امتثلنا ظهر البارحة - برفقة المستشار القانوني للصحيفة - أمام مولانا عبدالله أحمد عبدالله، رئيس المحكمة الدستورية.. وعلمنا أن شعبة مستوردي الأدوية خاطبت المحكمة الدستورية الموقرة بطلب فحواه: نلتمس بالتدخل وإيقاف وحظر كل ما ينشر، ومنح الإذن اللازم للسير في إجراءات تحريك دعوى جنائية، فالصحفي المذكور - إللي هو أنا - لم يلتزم بالمبادئ والقيم التي يتضمنها الدستور والقانون، حيث قام بنشر عدة مقالات مما كانت لها آثار ضارة بمصلحة الطاعنة، كما تسببت في التأثير والإضرار بسير العدالة، ولهذه الأسباب نلتمس التدخل بمنع النشر وحظره مع الموافقة بمنح الإذن لتحريك الإجراءات القانونية في مواجهتهما (أنا ورئيس التحرير)..!! ** تلك هي مذكرة شعبة المستوردين، وملخصها طلب بحظر النشر في قضية تحرير أسعار الدواء ثم طلب إذن بمقاضاتنا.. امتثلنا واستمعنا إلى مولانا.. ثم غادرنا المحكمة الدستورية بعد أمر بالرد على مذكرة الشعبة خلال (10 أيام)، وهذا شأن قانوني يخص مستشارنا القانوني.. ولحين الرد على مذكرتهم، ثم صدور قرار المحكمة الدستورية، نواصل الطرق على ذات القضية ونرفض تحرير أسعار الأدوية.. ثم نرفض تحرير اسعار الأدوية إلى أن تحكم في الأمر المحكمة الدستورية ذاتها، فالشعبة لجأت إليها قبل شهر ونيف بطلب التحرير.. وبالمناسبة، مقاضاة أي صحفي في أية قضية نشر ليست بحاجة إلى طلب إذن من المحكمة الدستورية، أو كما يفعل مستشار الشعبة.. نيابة الصحافة بالخرطوم جنوب ومحكمتها بالخرطوم وسط، ودائماً ما يذهب الشاكي إليهما دون إذن من المحكمة الدستورية.. وإن لم تكن شعبة مستوردي الأدوية تعلم ذلك، فلتعلم (من الليلة ولي قدام)، ولا نريد منها شكراً - ولا بنسليناً - على هذه المعلومة..!! ** على كل، قضية تحرير أسعار الأدوية يجب أن تتجاوز الزاوية والصحيفة إلى كل الصحف والزوايا، بل على جمعية حماية المستهلك وكل منظمات المجتمع أن تنتبه، وكذلك على شيوخ المنابر، أو هكذا نحرض قبل وقوع فؤوس التحرير على رؤوس البسطاء.. مع الرقابة عليها، شركات الأدوية غير ملتزمة بأسعار الأدوية المسجلة بطرف مجلس الصيدلة، وكذلك غير ملتزمة بنهج التنافس الشريف في تسجيل الأصناف الدوائية.. فالأصناف محتكرة بفضل نهج المجلس، وكذلك هناك تجاوز في الأسعار باعتراف المجلس، وإن هكذا الحال في ظل الرقابة، فكيف يكون في ظل الفوضى المرتقبة؟.. انتبهوا، وارفضوا هذا الجشع قبل أن يصبح واقعاً يقهر فقراء الناس الذين لا حول لهم للتداوي على حساب الدولة ولا قوة لهم للعلاج بالأردن.. فالبؤساء، وهم السواد الأعظم من شعب هذا البلد، هم الذين سيدفعون ثمن تحكم فئة محدودة في الأصناف الدوائية وتحديد أسعارها باسم (التحرير).. أمريكا وبريطانيا وفرنسا وغيرها من سيدات دول سياسة التحرير الاقتصادي لم تقدم على تحرير أسعار أدويتها، أو كما تشتهي شركات إحدى دول العالم الثالث..!!