الحركات المسلحة.. إرهاصات فتح التفاوض! تقرير: محمد حمدان هذا البريد الإلكتروني محمي من المتطفلين و برامج التطفل، تحتاج إلى تفعيل جافا سكريبت لتتمكن من مشاهدته تحركات منتظمة وواسعة قادها رئيس البعثة المشتركة للأمم المتحدة والاتحاد الإفريقي في دارفور، محمد بن شمباس، خلال الأسبوع الحالي، لاستئناف عملية السلام الدارفورية، إذ طلب شمباس من الرئيس التشادي إدريس ديبي إقناع الحركات المسلحة بالمشاركة في ورشة لليوناميد فنية، تعقدها اليوناميد في أديس أبابا الشهر المقبل، وتسعى اليوناميد في ورشتها إلى ضم كل الحركات غير الموقعة للانخراط في التفاوض والحوار. ورشة فنية وبحسب بيان صادر من بعثة البوناميد، فإن الرئيس المشترك للبعثة بن شمباس، عقد مباحثات مطولة مع الرئيس التشادي إدريس ديبي ركزت على تطورات الأوضاع في قضية دارفور، وطلب من ديبي إقناع الحركات المسلحة بالمشاركة في ورشة عمل فنية، تزمع البعثة إقامتها في أديس أبابا في الشهر المقبل. ويشير ذات بيان البعثة إلى أن الرئيس التشادي إدريس ديبي شدد على ضرورة تحقيق السلام بدارفور، لجهة أنه بات أساسياً للأمن الإقليمي، مشيراً إلى أن الآثار الاجتماعية والاقتصادية للصراع الدائر في دارفور، تلقي بظلال خطيرة على بلاده (تشاد). وتعتبر زيارة شمباس إلى أنجمينا هي الثانية من نوعها بعد زيارته إلى دولة جنوب السودان مؤخراً، وتهدف تحركات الرجل إلى ضرورة تسوية الصراع الدائر في دارفور، لإحداث السلام في الإقليم، لكن في ذات الإطار يعد تحرك شمباس في دولتيْ تشادوجنوب السودان، ذا أبعاد بالنزاع، حيث ظلت كلٌّ من جوبا وأنجمينا دولتيْن فاعلتيْن في قضية دارفور، وتمثلان مراكز أساسية لقادة الحركات المسلحة طيلة الفترة السابقة؛ وبحسب ما رشح من أنباء أن قيادتيْ البلديْن وعدتا بدفع عملية السلام، والسعي للوصول إلى تسوية تنهي النزاع بالإقليم، وعلى الرغم من غياب المعلومات عن فحوى الورشة وحضورها، والملفات التي يمكن أن تناقشها، إلا أن مصادر عليمة أفادت (السوداني) أن الورشة من المحتمل أن تعقد في الثالث من ديسمبر المقبل، وهي ذات طبيعة فنية تهدف بشكل رئيسي إلى مشاركة الحركات غير الموقعة، وتبحث إمكانية إلحاقها باتفاقية الدوحة، غير أن ذات المصدر لم يستبعد فتح اتفاقية الدوحة، لضم بقية الحركات، لكنها في ذات السياق استبعدت فتح منبر آخر بتشاد بديلاً للدوحة، غير أن الحركات المسلحة من جانبها أكدت تلقيها دعوة للمشاركة في ورشة أديس أبابا، بحسب حديث المتحدث الرسمي باسم حركة العدل والمساواة جبريل آدم بلال، ل(الشرق الأوسط)؛ والذي أكد تسلم حركته دعوة ورشة العمل التي أعلن عنها المبعوث المشترك، لكنه قال إن حركته لم تؤكد مشاركتها أو عدمها حتى الآن، وأضاف أنهم متمسكون بالحل الشامل للقضية السودانية، ويرفضون تجزئة الحلول، وأضاف: "لن نخالف رؤية الجبهة الثورية في ضرورة الحل الشامل. وفي آخر لقاء لنا مع بن شمباس طالبناه بالعمل لتعديل صلاحيات الوسطاء في القضية السودانية". ويبدو من الواضح أن هناك اختلافاً في طريقة الوصول لتسوية، فالبعثة ترغب في الوصول لتسوية حول أزمة دارفور، ويتحرك أمبيكي في الاتجاه الآخر للوصول إلى طي ملف المنطقتين مع الحركة الشعبية شمال لكل منطقة على حدة، بعكس حديث قادة الثورية الداعي إلى حل شامل للقضية. تنسيق عالٍ لكن ورشة أديس أبابا، المزمع عقدها في الشهر المقبل، ليست الأولى للحركات غير الموقعة؛ فقد سبق أن نظمت البعثة لقاءيْن خلال هذا العام بالعاصمة التنزانية أروشا، وقد ضمت الورشة الأخيرة بتنزانيا (حركة التحرير بقيادة مناوي وحركة العدل والمساواة بقيادة جبريل إبراهيم)، ووقتها رفضت حركة التحرير الأخرى بقيادة عبد الواحد نور حضور الورشة، وقد أدى حضور نائب رئيسها ابو القاسم إمام لتلك الورشة إلى نشوب نزاع بين نور وأبو القاسم، كاد أن ينسف وحدتها بسبب اختلاف قياداتها، وعدم اتفاقهم على موقف موحد، بيد أن الأهمية تنبع من مدى موافقة الحكومة السودانية على ما يجري. ويفيد مصدر من اليوناميد ل(السوداني)، أن الحكومة السودانية على علم بلقاء شمباس الأول والثاني، وأن الرجل على تنسيق مع الحكومة السودانية، وأن الطرفين على مستوى تنسيق عالٍ من خلال الآلية المشتركة بين الحكومة واليوناميد، التي تجتمع دورياً لتقييم تطورات الأوضاع بالإقليم. وفي الجانب الآخر باركت الأسرة الدولية من جانبها تحركات شمباس، لا سيما منظمتا الأممالمتحدة والاتحاد الإفريقي. فتح الملف إرهاصات فتح الملف الدارفوري مجدداً باتت واردة الاحتمال، بعد أن مضى أكثر من عاميْن على اتفاقية الدوحة، التي أبرمت في 15 يوليو 2011م بين الحكومة وحركة التحرير والعدالة والتحاق العدل والمساواة فصيل دبجو بها، ومنذ توقيع الاتفاقية يرى بعض المراقبين أن اتفاقية الدوحة حتى الآن لم تفلح على الأقل في توفير الأمن بالإقليم، بجانب أن النازحين واللاجئين لا زالوا في انتظار االعودة الطوعية مقابل تجدد الصراعات القبلية وانفجارها بالإقليم؛ لذا ليس أمام الأطراف غير العودة لإمكانية إجراء تسوية شاملة، وهو ما أعلن عنه شمباس في تقرير الذي قدمه إلى مجلس الأمن الدولي في يوليو المنصرم؛ ووقتها قال إنه اتفق مع الحركات على عقد لقاء تشاوري في تنزانيا، للتفاكر حول أفضل السبل لحل مشكلة دارفور سلمياً، وعقب ذلك التقرير أصدر مجلس الأمن والسلم الإفريقي بياناً طالب فيه الحركات غير الموقعة بالدخول في محادثات سلمية لحل النزاع القائم في دارفور، وفيما بعد تبني مجلس الأمن الطرح المقدم من الاتحاد الإفريقي، وطالب الحركات الرافضة بالتفاوض مع الخرطوم في إطار وثيقة الدوحة، إلا أن العقبة بين الأطراف تدور بشكل رئيسي حول اتفاقية الدوحة، التي ترى الحكومة أنها تشكل الأساس لأي تسوية قادمة، كما إن حركة التحرير والعدالة ظلت تدعو رافضي الدوحة إلى الانضمام إليها، غير أن الحركات المسلحة تقف في الضفة الأخرى، وتتمترس رافضة للدوحة، بل ترفض أن تكون أساساً لحل مشكلة الإقليم. ويرى قادتها وفقاً لحديث الناطق الرسمي للعدل والمساواة جبريل بلال، أنهم يسعون لحل شامل في إطار تحالف الجبهة الثورية الذي يضم الحركات الدارفورية والحركة الشعبية قطاع الشمال، الذي بدوره يرفض تجزئة الحلول، ويصر على موقف تفاوضي موحد لكل الأزمات السودانية، بينما ترى الحكومة السودانية أن هنالك اختلافات موضوعية تحتم حل كل مشكلة على حدة. وعلى الرغم من إصرار قادة الحركات على توحيد الموقف التفاوضي، إلا أن مراقبين يؤكدون أن مكونات الجبهة الثورية تحمل توجهات مختلفة؛ فمن قبل حضر قادة الحركة الشعبية إلى أديس أبابا، وأجروا مشاورات مع الوساطة بمعزل عن بقية فصائل التحالف، وقد أجرت حركات دارفور لقاءيْ أروشا الأول والثاني دون حضور الشعبية شمال، لكن وساطة بعثة اليوناميد ترى أن حدود تفويضها محصورة في إطار دارفور، وقد أشار موقع صحيفة (سودان تربيون)، إبان مشاورات أروشا؛ إلى أن الوسيط المشترك رفض طلب الحركات الدارفورية، بدعوة الحركة الشعبية لتحرير السودان شمال بقيادة مالك عقار للمشاركة في الاجتماعات، حتى ولو بصفة مراقب، لكن ربما يفرض واقع الإقليم وتطورات الأوضاع الجارية سيناريوهات أخرى في أزمة الإقليم، ويجترح طرقاً أخرى لحل الأزمة.