*لاأخفى عليكم أنني عندما لبيت دعوة أسرة طيبة برس لحضور المنتدى الدوري الذي أقامته مساء أمس الأول الأحد حول العلاقات السودانية الأثيوبية، كنت أمني نفسي بقضاء أمسية أروح فيهاعن نفسي من رهق زحمة الكلام الذي مللنا تكراره من مختلف المنابر وأجهزة الإعلام المسموعة والمرئية. *لكنني اكتشفت أن المحاضرة التي قدمها لنا عالم الآثار الباحث الأكاديمي البروفسير علي محمد عثمان صالح حول العلاقات السودانية الأثيوبية كانت محاضرة غير، تختلف كثيراً عن الكلام المكرر الممل الذي يزحم الساحة. * المعلومات الثرة التي قدمها لنا البروف علي في هذه المحاضرة لم تقدم أجوبة قاطعة على الأسئلة المطروحة في التأريخ السوداني الذي لم يكتشف بعد، وإنما كانت عبارة عن جرعات تحريضية للباحثين والدارسين والمهتمين بشؤون الآثار السودانية لتكثيف البحث والتنقيب عن خبايا الحضارة السودانية من واقع المعطيات المعرفية. * لم يكتف البروف علي بالتنقيب في المراجع التأريخية والدراسات المقارنة، وإنما انتقل ميدانياً إلى مواقع الآثار موضوع بحثه، ووثق للحقائق الجديدة التي اكتشفها بالصور الاستكشافية، التي أكدت تجذر العلاقات السودانية الأثيوبية منذ قديم الزمان. *لم يتوقف عند كشفه الأثري التأريخي وإنما حرص على تحريض الباحثين في الآثار والدراسات التأريخية والانثروبولوجية كي يواصلوا البحث والتنقيب في خبايا التأريخ للتعرف أكثر على مكنون الحضارة السودانية وعلاقاتها مع المحيط الإنساني والجغرافي، خاصة مع دول حوض النيل. *المداخلات الثرة من الحضور النوعي أضافت إضاءات مهمة، خاصة ما نبه إليه حاتم إلياس المحامي عن أهمية تقديم الأحكام المعرفية على الأحكام السياسية التي أغرقت السودان في سؤال الهوية، وأدخلته في خضم خلافات ومتاهات ومعارك لاطائل من ورائها. *فرقة ماسينكو الأثيوبية أطربتنا بفقرات غنائية راقصة وأغانٍ فردية تجاوب معها الحضور، وهذا أيضاً يؤكد تجذر العلاقات السودانية الأثيوبية، خاصة العلاقات الثقافية والفنية التي وثقت لها المشاركات الحية من كوكبة من الفنانين السودانيين، في المناسبات الأثيوبية، وتركوا بصماتهم الواضحة على الحراك الفني الأثيوبي، وهناك مجموعة كبيرة من الفنانات و الفنانين الأثيوبيين يؤدون الأغاني السودانية بصورة متميزة بعد شحنها بالروح الأثيوبية المتفردة.