:: تتجاوز سرعة الغزال في بعض الحالات (100 كم)، ولكن سرعة النمر لا تتجاوز في أي من الأحوال (70 كم)، ومع ذلك - في تاريخ الصراع من أجل البقاء - لم ينج غزال من أنياب نمر طارده، لماذا؟..هنا يشرح العلم ويتحدث علماء النفس، ويقولون إن أقسى وأسوأ أنواع الهزيمة هي (الهزيمة النفسية)، أي فقدان روح العزيمة والإرادة، ثم الانهيار (خوفاً).. فالغزال، على سبيل المثال، عندما يطارده النمر، لا يراهن على قوة السرعة الكامنة في جسده لأن الهزيمة النفسية التي تسيطر على عقله هي التي تحرك سيقانه، ولذلك تنهار تلك القوة خلال دقائق وتستلم الروح والجسد لأنياب النمر.. وهكذا الناس في الحياة، وكذلك الأحزاب في عالم السياسة!! :: وبعد الغزال والنمر، على سبيل مثال آخر، نقرأ الإعلان الآتي نصه.. (شكر وتقدير.. باسم الحزب الاتحادي الديمقراطي الأصل، نتقدم بوافر الشكر والتقدير للسيد رئيس المؤتمر الوطني بمحلية شرق النيل ونائبه والمكتب التنفيذي بالمحلية، ولرئيس المؤتمر الوطني بمنطقة الحاج يوسف وسط والدائرة 22 للمجلس الوطني، والذين ساهموا في نيلنا ثقة مواطني هذه الدائرة ممثلا لهم بالمجلس الوطني، وعهدنا للجميع العمل معا لرفعة وراحة مواطني الدائرة..فضل السيد عبد الله، نائب الدائرة 22 المجلس الوطني)، هكذا النص. مرشح حزب يشكر حزباً آخر على فوزه بدائرة انتخابية، ولم يشكر قواعد حزبه (إن وُجدت).. الاتحادي الديمقراطي أعرق وأقدم من المؤتمر الوطني في عالم السياسة، ولكن بعامل الهزيمة النفسية تقزم لحد تقديم الشكر للمؤتمر الوطني على نهج (فضينا ليهم الدائرة).. و(فضينا ليهم الدائرة)، نهج يراد به إذلال الأحزاب (القابلة للإذلال)!! :: وعلى سبيل مثال ثالث من أمثلة الهزائم النفسية، نقرأ ما يلي نصاً أيضاً: (إن كان هناك تقدير خاطئ، فهو من المؤتمر الوطني، لأنه من اختار لنا هذه الدائرة، ولم نخترها نحن)، محمد أبو زيد، المسؤول السياسي لجماعة أنصار السنة موضحا – ب(المجهر) - أسباب هزيمة مرشح جماعتهم بدائرة (ود رعية).. هي منطقة ثقل للطرق الصوفية وشيوخها وقبابها، ومع ذلك اختارها لهم المؤتمر الوطني، أو كما يقولون بلا حياء (فضى ليهم الدائرة)، ولذلك خرجوا وهم يجرجرون (أذيال الهزيمة).. ولو تمعّن هذا المسؤول السياسي في حديثه لاكتشف أنهم هزموا أنفسهم قبل أن تهزمهم إرادة أهل الدائرة، وذلك حين ارتضوا أن يختار لهم المؤتمر الوطني الدائرة.. إنها الهزيمة النفسية العاجزة عن الاختيار بروح التحدي، بحيث يتوسل ويتسول الدوائر من المؤتمر الوطني، وكأن دوائر السودان هي بعض ممتلكات وأصول المؤتمر الوطني!! :: فالقوى السياسية التي قاطعت الانتخابات، رغم اختلافي مع موقفها هذا لحد المشاركة بدعم المرشح المستقل برطم بدنقلا؛ إلا أن هذه القوى المقاطعة جديرة بالإحترام فقط، لأنها لم تقف في صف التسول والتوسل المؤدي إلى نغمة (فضوا لينا الدائرة)، وهي نغمة تعكس مدى ضعف وهوان هذه الأحزاب.. والمهم، كما قال أكثر من محلل سياسي وأكثر من كاتب، وكما قال الواقع بالدوائر القومية والتشريعية، فالمستقلون هم الطريق الثالث في المستقبل (القريب جداً).. نعم، فاللا منتمي إلا للناس والبلد هو الملاذ الآمن لآمال الشباب ومستقبل بلادهم.. وبفضل الله ثم الوعي، فهذا الجيل لم يعد يثق في أحزاب عاجزة عن تجديد خطابها ونهجها وقيادتها بحيث تواكب المعنى الحقيقي لمصطلح (الديمقراطية).