*غني عن القول، أن ترشيح أي عضو للمشير عمر البشير لرئاسة المؤتمر الوطني والجمهورية من بعد، وتثنية هذا الترشيح من أي عضو آخر مع قبول البشير نفسه للترشيح، كان كافياً لحمل الأخير الى رئاسة الحزب الحاكم، ومن ثم رئاسة الجمهورية بلا منافسة تذكر من بعد، فالبون شاسعاً أصلاً بين البشير وبين قيادات حزبه في حظوظ التنافس، ولكن ما جعل الأمر مثار حديث وجدل قبل الحسم، عزم الرئيس السابق نيته الصادقة عدم الترشح مما دفع البعض يرشح خليفة له، والثاني برنامج الإصلاح والتغيير الذي قام به المؤتمر الوطني وخرج بموجبه العديد من قياداته بعد سنوات طويلة في العمل التنفيذي والمواقع التنظيمية المتقدمة في الحزب الحاكم، وعلى رأس هؤلاء علي عثمان محمد طه والدكتور نافع علي نافع والدكتور عوض الجاز والأستاذ كمال عبداللطيف والمهندس أسامة عبدالله وغيرهم مما لم يكن يتخيل، ناهيك عن أن يصدق خروجهم الكبير! *إن كان خروج قيادات المؤتمر الوطني أولئك من كابينة القيادة السياسية والتنفيذية، فإن خروج الأستاذ علي عثمان محمد طه النائب الأول السابق ونائب الرئيس لشؤون الحزب كان مفاجأة وحدها جعلت الناس ينقسمون حيالها الى قسمين في تحليل الموقف الواحد. =(الأول) إن شيخ علي أحس بقرب غرق مركب الإنقاذ خاصة بعد ما ترتب على انفصال الجنوب من تدهور في الاقتصاد، فآثر الهروب من السفن الغارقة. =(الثاني) إن الرجل خرج من الشباك ليعود بالباب رئيساً للحزب والجمهورية معاً. *أبطل علي عثمان من جانبه سريعاً الاحتمال الأول بأن الرجل آثر الهروب وذلك من خلال التزامه الحزبي ومواصلة نشاطه العام، كما أن تجاوز سفينة الإنقاذ للمطب الاقتصادي الخانق، أبطل أيضاً الاعتقاد بقرب غرقها. *الاحتمال الثاني، ظل باقياً حتى ساعة انعقاد المجلس القيادي للمؤتمر الوطني والذي سبق الشورى والمؤتمر العام، ولقد أفردت الزميلة (السوداني) قبلاً ما يُفهم منه تعزيز ذلك الاحتمال بتقرير صحفي كشف أن (للشيخ علي عثمان نشاط باطني كثيف) كما أن كثيرون كانوا يعتقدون في أنه يعد العدة فعلاً لخلافة الرئيس، بل عمل البعض على الدفع بهذا الاتجاه بحسبان أنه الأنسب ومن عدة أوجه. *الأستاذ علي عثمان من جانبه التزم بما اشتهر به إذ لم يصرح بشيء قبل أوانه ولم يُعرف عنه موقف واضح قبل أن يكون مطلوباً منه تحديد ذلك الموقف. وعندما جد الجد وقف الرجل في المجلس القيادي وارتجل خطبة عصماء في ترشيح المشير عمر حسن أحمد البشير لرئاسة الحزب والجمهورية من بعد وهي الخطبة التي قطعت قول كل خطيب، وأبطلت حتى اعتراض الدكتور أمين حسن عمر والذي حاول أيضاً الخطابة منادياً بضرورة إكمال برنامج الإصلاح والتغيير ليشمل موقع الحزب ومنافسه لمنصب رئاسة الجمهورية *جاء ترشيح الأستاذ علي عثمان للبشير حاسماً وقاطعاً ونافذاً، وسارت من بعده وخلفه الجموع والتي ما كانت في أغلبيتها الساحقة ترفض مبدأ ترشيح البشير، وربما كانت تلك الجموع في حاجة فقط لمن يقوم بذلك فيزيل عنها ما التبس عليها من لوائح، ويكشف لها أن ترشيح البشير لا يمكن أن يتم لولا تواصل معه حمله على قبول ذلك الترشيح مرة أخرى، وهو الرافض أولاً فكيف إن ما قام بهذا الترشيح من عُدَّ(بضم العين) نفسه منافساً وخليفة للبشير؟! (في الحلقات القادمة نحاول الإجابة عن الأسئلة، أو قل الأسباب الظاهرة والخفية والتي دفعت بالأستاذ علي عثمان محمد طه لترشيح البشير لرئاسة الحزب والجمهورية). نواصل إن شاءالله..