[email protected] تتمع قارة افريقيا بثروات ضخمة من بترول ومعادن وأراضي صالحة للزراعة مع توفر الأمطار الغزيرة والأنهار التي تجري في أراضيها البكر، ومع ذلك تعد افريقيا من أفقر القارات من حيث مستوى دخل الضرر مع عدم توفر خدمات الصحة والتعليم مع ارتفاع نسبة وفيات الاطفال.. تكمن المفارقات في تدني مستويات المعيشة مع وجود كل تلك الثروات الضخمة التي كان يمكن استغلالها للنهوض باقتصاديات دول القارة مما ينعكس بدوره على ارتفاع مستويات المعيشة في تلك الدول. تلعب الصراعات السياسية دورها في خلق الفوضى وعدم الإستقرار، فحكومات دول افريقيا يأتي أغلبها عن طريق الانقلابات العسكرية فقد يطيح بعض المتمردين بالحكومة بمساعدة دول الجوار فيدخلون العاصمة ويستولون على السلطة وذلك في شكل تمرد داخلي باسناد خارجي ويظل هؤلاء في السلطة إلى أن يطيح بهم غزو جديد من المتمردين عليهم وهكذا يتم تداول السلطة. استقلت أغلب دول افريقيا في حقبة الستينيات من القرن الماضي ورغم مرور أكثر من نصف قرن على استقلال تلك الدول إلا أن الصراعات السياسية والتناحر القبلي يلعب دوره في بقاء التخلف في دول القارة ، فالحكومات تخصص أغلب مواردها لحماية أمنها وتأمين نفسها ضد الانقلابات العسكرية كما أن إحساس الحكام بانه يمكن أن يطاح بهم في أي وقت يدفعهم لمحاولة تأمين مستقبلهم ، فيقومون بتحويل ثروات مقدرة لحسابهم الخاص في البنوك الأجنبية ويشترك جميع المسئولين في عملية «النهب» وفي محاولة الإستحواذ على أكبر قدر من «كيك السلطة» وفي نهاية الأمر فان هؤلاء المسؤولين يلعبون على المكشوف في عمليات النهب وتحويل الأموال إلى البنوك السويسرية حيث سرية الحسابات فتنعش اقتصاديات تلك الدولة التي تقول إنها «محايدة» مع خراب اقتصاد دول القارة الافريقية. ليس في دول افريقيا - عدا القليل - نظم حكم برلمان ديمقراطي كما انه ليس هنالك تداول سلمي للسطة كما أن القليل من الانتخابات التي تجرى في دول القارة تكون شكلية رغم قلتها وتؤدي إلى تكريس نظم الحكم القائمة. في تشاد مثلاً فان رئيس الجمهورية تتم الإطاحة به عسكرياً بواسطة المتمردين عليه حيث يدخلون العاصمة ويستولون على السلطة فتدور الدائرة على نفس هذا الرئيس حيث تتم الإطاحة به ايضاً عن طريق غزو عسكري جديد مسلح وهكذا يتم تداول السلطة في تشاد. في يوغندا تمت الإطاحة بالجنرال عيدي أمين وقد جاء عن طريق انقلاب عسكري - عن طريق غزو عسكري اشترك فيه متمردون عليه بدعم عسكري من دولة تنزاينا وهكذا تم تنصيب «ملتون أبوتي» رئيساً للبلاد في افريقيا الوسطى أعلن بوكاسا نفسه امبراطوراً لتلك الدولة وقام بتحويل نظام الحكم من جمهوري رئاسي إلى امبراطوري، ولم تشهد تلك الدولة أي استقراراً سياسياً، فالمتمردون يهددون الآن بدخول العاصمة عنوة ويرفض الرئيس الحالي التخلي عن السلطة. في ليبيا تمت الإطاحة بالقذافي عن طريق ثورة مسلحة اشترك فيها حلف الناتو، وقد تمت تصفية القذافي الذي عثر عليه مختبئاً في إحدى الكباري ولكن البلاد لا زالت تشهد حالة من عدم الاستقرار السياسي ، فالمتمردون الذين أطاحوا بالقذافي يرفضون التخلي عن السلاح. في الصومال وبعد الإطاحة بالرئيس محمد سياد بري في بداية تسعينيات القرن الماضي لم تشهد أي استقراراً سياسياً . في مالي وعقب الانقلاب العسكري الأخير، استولى المتمردون على شمال البلاد وتحاول الحكومة الاستعانة بفرنسا لمحاولة القضاء عليهم وستدفع البلاد ثمن الاستعانة بدولة أجنبية لحمايتها.