تأتي المحافظة على النفس في الأهمية في المرتبة الثانية بعد المحافظة على الدين، حيث أنّه لا قيام للدين إلا بالمحافظة على النفس فلو هلكت النفس فمن الذي يقيم الدين؟ ومن هنا كان اهتمام الشرع بالمحافظة على النفس لأن حب البقاء أمر طبيعي في بني البشر.. فجعل العلاقة بين الرجل والمرأة تتم عن طريق عقد الزواج الشرعي حتى يخرج الطفل الى الوجود وينشأ في جو محاط بالرعاية والعناية.. لحفظ النفس أباحت الشريعة للإنسان أن يتناول المأكولات والمشروبات ما يحفظ حياته حتى أن المساجين الذين يُضربون عن الطعام تحاول السلطات كل المحاولات ليثنوهم عن إضرابهم حتى لا يهلكوا، فقد أباحت الشريعة حفظاً للنفس من الهلاك أن يتناول من الحرام مثل أن يأكل الميتة أو يأكل لحم الخنزير كل ذلك بقدر الضرورة التي تفرضها الحالة التي هو عليها لأنه لو لم يفعل ذلك لكان فيها إزهاق لنفسه وتلفاً لها قال الله تعالى في سورة المائدة (فمن اضطر في مخمصة غير متجانف لإثم فإن الله غفور رحيم).. تحريم الاعتداء على النفس بالقتل بغير حق واعتبر هذا الفعل من أعظم المفاسد على ظهر الأرض (ولا تقتلوا النفس التي حرم الله إلا بالحق ولاتقتلوا أولادكم) الاسراء.. وكما حفظت الشريعة النفس بتحريم قتلها فقد شددت العقوبة على مرتكب جريمة القتل بجميع أنواعه سواء كان القتل عمداً أم خطأ فجعلت عقوبة العمد القصاص وهو قتل القاتل. وكذلك حرم الدين الانتحار فهو خالد مخلد في نار جهنم.. أما القتل الخطأ فله كفارة وهو تحرير رقبة مؤمنة وبالعدم صوم شهرين متتابعين بجانب دفع الدية، كما شرع الإسلام بالمحافظة على الدين ، وذلك بإقامه أركانه وتثبيت قواعده وتنفيذ أحكامه فالخمسة التي طالب الإسلام بالمحافظة عليها، فهي الدين والنفس والعقل والعرض والمال ويأتي العقل في المرتبة الثالثة بعد المحافظة على الدين والنفس وهناك طريقتين للمحافظة على العقل بتنمية العقل وتزويده بما يحتاج اليه والثانية من جانب العدم بمعنى منع كل ما من شأنه أن يصيبه ويؤثر فيه أو يعطله مثل تناول الخمر والمخدرات فإذا كان الجسم يحتاج الى الغذاء وكذلك العقل فإنه يحتاج الى العلم والمعرفة.. فالتعليم من الأمور المطلوبة من كل إنسان وهو فريضة على كل مسلم ومسلمة لا فرق في ذلك ما بين الرجل والمرأة هل العلماء أفضل من الجهلاء فقال تعالى في سورة الزمر (قل هل يستوي الذين يعلمون والذين لا يعلمون) وقال الله تعالى في سورة طه (وقل ربي زدني علماً) وهل خشية الله من سمات العلماء وقال الله تعالى في سورة فاطر (إنما يخشى الله من عباده العلماء)، فالإسلام أوجب التعليم محافظة على العقول من جانب الوجود لأنه لا قيمة له إذا كان صاحبه جاهلاً، ففي هذه الحالة سيكون عرضة لكل ما يخطر عليه من الاوهام والخرافات ومثل العقل الجاهل لا يجيد إدراك الحقائق الدينية ولا المصالح الدنيوية فيصير فريسة للبدع والخرافات والانجرافات في أمور الدين ولهذا كان العلم هو الإطارالذي يحفظ الدين والنفس ولأن هناك علم حديث يسمى بعلم النفس وهناك أمراض القلوب في الدين والذي في قلبه مرض « يا نساء النبي لستن كأحد من النساء ان اتقيتن فلا تخضعن بالقول فيطمع الذي في قلبه مرض وقلن قولاً معروفاً) 23 سورة الأحزاب، ونظافة القلب من الحقد والحسد والكراهية والغيرة والأنانية.. أما من يأتي الله بقلب سليم فإن له الجنة مثل الصحابي الذي بات عنده بن سيدنا أبوبكر الصديق ألا وهو عبدالله بعد أن ادعى بأن والده غاضب عليه فهذا الصحابي قال عنه رسولنا الكريم بأنه من أهل الجنة ثلاث مرات وهو يدخل المسجد فتعرف منه سيد نا عبدالله ابن ابي بكر بأنه عند ما ينام لا يحقد على أحد وليس من كثرة العبادة فكان ذلك سبب دخوله الجنة فدخل رجل الجنة بسبب كلب عطشان ودخلت امرأة النار بسبب هرة أي قطة.. والقصتان معروفتان للجميع فالحسد والحقد يأكل الحسنات كما تأكل النار الحطب وأن في الجسد مضغة إذا صلحت صلح باقي الجسد وإذا فسدت فسد باقي الجسد ألا وهو القلب. وكان رسولنا الكريم يحلف بهذا القول سبحان الذي نفسي بيده أي الله وأن يكون الله ورسوله أحب للمسلم من نفسه بل يضحي بروحه في سبيلهما لأنه موعود بجنة عرضها كعرض السموات والأرض أعدت للمتقين والذي يجده الشهيد في الجنة يتمنى أن يستشهد مرات ومرات لما أعد له من نعيم لا عين رأت ولا أذن سمعت ولا خطر على قلب بشر.. وأن النفس ليست واحدة بل ثلاث الا وهي النفس الأمارة بالسوء والنفس اللوامة وأخيراً النفس المطمئنة فأدخلي في عبادي وأدخلي جنتي .. ونترك تفسيرهما للقاريء الكريم . وبالله التوفيق