قال الفيلسوف الفرنسي ديكارت: «أنا أفكر إذن أنا موجود»، وقال: الدين أن يعرف الإنسان قدر نفسه وأن لا يتدخل فيما لا يعنيه حتى لا يسمع ما لا يرضيه وأن النفس لأمارة بالسوء كما اعترفت امرأة العزيز وقصتها مع سيدنا يوسف عليه السلام وأن الله لا يكلف نفساً إلا حسب طاقتها، وقال الله في كتابه الكريم: «وما كانا معذبين حتى نبعث رسولاً»، ويقول المسلم في دعائه ربنا لا تكلفنا ما لا طاقة لنا به. وأن الإصلاح يبدأ من النفس فأبدأ بنفسك أولاً ولا تنهي بأمر وتأتي مثله فماذا ينفع إذا ملكت أموال العالم لأنك في يوم من الأيام سوف تتركها وتذهب إلى الدار الآخرة يوم الحساب تسأل عن مالك وشبابك بل عن زمنك فيما أفنيته فلا يتبعك إلا عملك ويرجع مالك لا أهلك الذين سوف يرثونك إلا من ثلاث- صدقة جارية وعلم يستفاد به وابن صالح يدعو - فاعمل لدنياك كأنك تعيش أبداً واعمل لآخرتك كأنك تموت غداً ، وعندما بدأ رسولنا الكريم- صلى الله عليه وسلم- الدعوة والرسالة بدأ بأهله الأقربين فخيركم خيركم لأهله، والأقربون أولى بالمعروف، ومن بعد تتسع الدائرة تبدأ من المحلية حتى تصل العالمية وأديبنا الكبير الطيب صالح- يرحمه الله- بدأ من المحلية بل وأصبح يطلق عليه العالمي، حتى في تطور التكنولوجيا من البسيط إلى المركب والمعقد من الزراعة إلى الصناعة وما بعد الصناعة وعالم الإلكترونيات الذي جعل العالم قرية واحدة، وهناك من يقول بيت واحد يجمعنا جميعاً فقد اقتربت المسافات بفضل الطائرات بعد السفر بالجمال والبغال فبعدما كان الإنسان يسكن الكهوف والمغارات الآن يسكن في ناطحات السحاب والأبراج والعمارات بل وأصبح العرب يتطاولون في البنيان رعاة الإبل من قبل وكانوا يسكنون الخيام وهي من علامات الساعة- أي واحدة منها، وبعد أن كان يتنقل بالدواب أصبحت هناك العربات والقاطرات والطائرات. فإذا أردنا أن نطور بلدنا فلنبدأ من الصفر فرغم مرور ثمانية وخمسين عاماً ونحن في مرحلة الصفر فالمهم النهوض لأن العالم قد فاتنا ونحن ندخل في القرن الواحد والعشرين ونحن محلك سر فالصفر لولاه لما كان المليون والمليار والديشليون، ويقول الصينيون: إن آلاف الأميال تبدأ من الخطوة الأولى والعافية درجات ويقول الرئيس الخالد عبد الناصر بناء المصنع سهل ولكن بناء الرجال صعب وهناك قصة الحجر الصغير للشاعر اللبناني أيليا أبو ماضي: هذا الحجر الذي كان من ضمن الأحجار الكبيرة في السد فاستصغر نفسه فخرج من السد فغرقت المدينة. وإن الهلال يبدأ صغيراً ثم يصبح بدراً ويعود مرة أخرى إلى صغره حتى ينتهي ويبدأ من جديد وكذلك كانت هناك حضارات سادت ثم بادت.. إنها سنة الحياة وأن الدنيا ليس بدوامة- أي دائمة- يبدأ الإنسان صغيراً ثم يكبر ثم يقبر لأن كل من عليها فان ولا يبقى إلا وجه ربك ذو الجلال والإكرام وهو الذي يرث الأرض ومن عليها وأن النار تبدأ من مستصغر الشرر والنواة التي تسند الزير فلا يحقرن الإنسان نفسه مهما كانت مهمته بسيطة حتى ولو كان جامع قمامة- أي من يسمون عمال نظافة، فلو توقف لأصبحت البلاد كلها نفايات فلماذا لا نهتم بعمال النظافة ونعطيهم الأجر الكبير بعدما وصلت بلادنا إلى ما وصلت إليه؟، ويقول الشاعر: ترى الرجل النحيل فتزدريه وفي أثوابه أسد هصور لأن الشجاعة في القلب وإذا صلح القلب صلح باقي الجسد. وإن الجاهل عدو نفسه وعدو عاقل خير من صديق جاهل، وأن الرجل الحكيم لا يوصونه لأنه سوف يتصرف من تلقاء نفسه ولا يحتاج لاستشارة أحد فرب سامع أوعى من مبلغ لأنه يتأكد من صحة الخبر فقد يكون خبراً كاذباً ويقول علم المنطق: الخبر يحتمل الصدق والكذب، وهناك ما يسمى حرب الإشاعات التي لا أساس لها من الصحة والفتنة أشد من القتل فكلما عرفت من أنت وماذا تريد قللت من تعقيدات الأمور ولله الأمر من قبل ومن بعد والله يحسن الأمور والأجور ومن أوتي الحكمة فقد أوتي خيراً كثيراً. وبالله التوفيق