تعلية خزان الرصيرص 2013م وإسقاط الإنقاذ 2019م وإخلاء وتهجير شعب الجزيرة 2024م    تدرب على فترتين..المريخ يرفع من نسق تحضيراته بمعسكر الإسماعيلية    أبل الزيادية ام انسان الجزيرة    الفاشر ..المقبرة الجديدة لمليشيات التمرد السريع    وزير الداخلية المكلف يستعرض خلال المنبر الإعلامي التأسيسي لوزارة الداخلية إنجازات وخطط وزارة الداخلية خلال الفترة الماضية وفترة ما بعد الحرب    الزمالك يسحق دريمز في عقر داره ويصعد لنهائي الكونفيدرالية    سان جرمان بطلا للدوري الفرنسي.. وعينه على الثلاثية    أرسنال يحسم الديربي بثلاثية    إيران تحظر بث مسلسل "الحشاشين" المصري    شاهد بالفيديو.. سائق "حافلة" مواصلات سوداني في مصر يطرب مواطنيه الركاب بأحد شوارع القاهرة على أنغام أغنيات (الزنق والهجيج) السودانية ومتابعون: (كدة أوفر شديد والله)    السودان..توجيه للبرهان بشأن دول الجوار    وزير الصحة: الجيش الأبيض يخدم بشجاعة في كل ولايات السودان    نائب وزيرالخارجية الروسي نتعامل مع مجلس السيادة كممثل للشعب السوداني    شاهد بالصورة والفيديو.. طلاب كلية الطب بجامعة مأمون حميدة في تنزانيا يتخرجون على أنغام الإنشاد الترند (براؤون يا رسول الله)    شاهد بالفيديو.. الفنانة ندى القلعة تواصل دعمها للجيش وتحمس الجنود بأغنية جديدة (أمن يا جن) وجمهورها يشيد ويتغزل: (سيدة الغناء ومطربة الوطن الأولى بدون منازع)    شاهد بالصور.. بالفستان الأحمر.. الحسناء السودانية تسابيح دياب تخطف الأضواء على مواقع التواصل بإطلالة مثيرة ومتابعون: (هندية في شكل سودانية وصبجة السرور)    يس علي يس يكتب: روابط الهلال.. بيضو وإنتو ساكتين..!!    سعر الريال السعودي مقابل الجنيه السوداني من بنك الخرطوم ليوم الأحد    جبريل إبراهيم يقود وفد السودان إلى السعودية    سعر الدولار مقابل الجنيه السوداني في بنك الخرطوم ليوم الأحد    تجارة المعاداة للسامية    رئيس حزب الأمة السوداني يعلق على خطوة موسى هلال    سرقة أمتعة عضو في «الكونجرس»    بايدن منتقداً ترامب في خطاب عشاء مراسلي البيت الأبيض: «غير ناضج»    استجابة للسودان مجلس الأمن يعقد اجتماعا خاصا يوم الاثنين لمناقشة العدوان الإماراتي    تدمير دبابة "ميركافا" الإسرائيلية بتدريب لجيش مصر.. رسالة أم تهديد؟    دبابيس ودالشريف    حسين خوجلي يكتب: البرهان والعودة إلى الخرطوم    بمشاركة طبنحة و التوزة...المريخ يستأنف تحضيراته    شاهد بالصورة.. بعد أن احتلت أغنية "وليد من الشكرية" المركز 35 ضمن أفضل 50 أغنية عربية.. بوادر خلاف بين الفنانة إيمان الشريف والشاعر أحمد كوستي بسبب تعمد الأخير تجاهل المطربة    قوة المرور السريع بقطاع دورديب بالتعاون مع أهالي المنطقة ترقع الحفرة بالطريق الرئيسي والتي تعتبر مهدداً للسلامة المرورية    لماذا لم تعلق بكين على حظر تيك توك؟    السينما السودانية تسعى إلى لفت الأنظار للحرب المنسية    بيان جديد لشركة كهرباء السودان    سوق العبيد الرقمية!    أمس حبيت راسك!    دخول أول مركز لغسيل الكلي للخدمة بمحلية دلقو    والي ولاية الخرطوم يقف على إنجاز الطوف المشترك لضبطه متعاونين مع المليشيا ومعتادي إجرام    شركة توزيع الكهرباء في السودان تصدر بيانا    تصريحات جديدة لمسؤول سوداني بشأن النفط    لطرد التابعة والعين.. جزائريون يُعلقون تمائم التفيفرة والحلتيت    دخول الجنّة: بالعمل أم برحمة الله؟    الملك سلمان يغادر المستشفى    عملية عسكرية ومقتل 30 عنصرًا من"الشباب" في"غلمدغ"    جريمة مروّعة تهزّ السودانيين والمصريين    تطعيم مليون رأس من الماشية بالنيل الأبيض    بالصور.. مباحث عطبرة تداهم منزل أحد أخطر معتادي الإجرام وتلقي عليه القبض بعد مقاومة وتضبط بحوزته مسروقات وكمية كبيرة من مخدر الآيس    لمستخدمي فأرة الكمبيوتر لساعات طويلة.. انتبهوا لمتلازمة النفق الرسغي    مضي عام ياوطن الا يوجد صوت عقل!!!    إصابة 6 في إنقلاب ملاكي على طريق أسوان الصحراوي الغربي    مفاجآت ترامب لا تنتهي، رحب به نزلاء مطعم فكافأهم بهذه الطريقة – فيديو    راشد عبد الرحيم: دين الأشاوس    مدير شرطة ولاية شمال كردفان يقدم المعايدة لمنسوبي القسم الشمالي بالابيض ويقف علي الانجاز الجنائي الكبير    الطيب عبد الماجد يكتب: عيد سعيد ..    بعد نجاحه.. هل يصبح مسلسل "الحشاشين" فيلمًا سينمائيًّا؟    السلطات في السودان تعلن القبض على متهم الكويت    «أطباء بلا حدود» تعلن نفاد اللقاحات من جنوب دارفور    دراسة: القهوة تقلل من عودة سرطان الأمعاء    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



الصادق المهدي : نسعى إلى مباركة دول الخليج للحوار الوطني
الصادق المهدي : نسعى إلى مباركة دول الخليج للحوار الوطني القرار لم يعد محصوراً في المؤتمر الوطني وهناك قوي سياسية تشارك فيه لا مشاركة من دون اتفاق على برنامج يحقق مطالب الشعب
نشر في الوطن يوم 20 - 04 - 2014

كشف رئيس حزب الأمة القومي السوداني المعارض الصادق المهدي خلفيات سعيه الى حلول سلمية للأزمات السودانية، وشدد على أهمية الانتقال الى نظام جديد، وقال إنه أجرى اتصالات خليجية شملت السعودية وقطر والكويت والإمارات في سبيل مباركة الحوار بين السودانيين، وفيما قال في حديث الى «الحياة» إنه ينوي زيارة السعودية التي بعث برسائل الى قادتها، رأى أن «مباركة المملكة العربية السعودية للحوار بين السودانيين ستكون لها آثار حميدة»، مشدداً على الوزن السعودي في المنطقة.
ولفت بعد لقائه أمير قطر الشيخ تميم بن حمد آل ثاني الى «إشارات تصالحية مشجعة أطلقها الشيخ تميم في القمة العربية»، كما أشار الى أهمية الدور المصري، وقال إن تجربة «الاخوان المسلمين» في مصر افتقرت الى الصدقية، وكشف أبعاد اتصالاته مع قادتهم أثناء فترة حكم الرئيس السابق محمد مرسي، وقال إنهم اختاروا «التجربة السودانية الفاشلة» وهي تجربة «التمكين» ووصفها بأنها «طريق انتحار»، ودعا الحكومة السودانية الى الاعتراف بالجبهة الثورية السودانية، كما حض الجبهة على اعلان التزامها الحل السلمي، ودعا الرئيس البشير الى اتخاذ «إجراءات أوسع لبناء الثقة»، مشدداً على أن «السودان من أكثر البلدان تأهيلاً لقيام انتفاضة مثل انتفاضات الربيع العربي». وهنا نص الحديث:
مشاركتك في اللقاء التشاوري الأول الذي دعا اليه الرئيس السوداني عمر البشير وعقد قبل أيام بمشاركة «المؤتمر الوطني» الحزب الحاكم وأحزاب أخرى، بدت لمراقبين كأنها قفز فوق دعوات سابقة للمعارضة تحدثت عن سعيها الى انتفاضة شعبية تطيح النظام أو يأس من حدوثها، ما رأيك؟
- السودان من أكثر البلدان تأهيلاً لقيام انتفاضة مثل انتفاضات الربيع العربي، لأن كل الاحتقانات التي تفجرت في الربيع العربي موجودة فيه، هناك المشكلة الأمنية والاقتصادية والاستقطاب السياسي والعزلة الخارجية، لكن هناك عوامل غيرت مسيرة الأوضاع، أهمها أن السودان يواجه حرباً أهلية حولها النظام الى حرب جهادية، ثم تعددت الجبهات، وصار كثير جداً من الشباب السوداني يقوم بانتفاضة مسلحة للتغيير، وآخرون يعطون أولوية لمسألة السلام، لهذه الأسباب لم تقم انتفاضة مماثلة لما حدث في دول الربيع.
كذلك في السودان قوى سياسية ما زالت منظمة. والانتفاضات أصلاً نوعان، نوع تلقائي وهذا حدث لنا في عامي 1964 (ثورة أكتوبر أطاحت نظام ابراهيم عبود) و1985 (انتفاضة ابريل أطاحت نظام جعفر نميري)، وحصل في دول الربيع العربي، لكن بعد الثورة في مصر (25 يناير) فإن النظم المختلفة استعدت لمواجهة الانتفاضات، لذلك قللت امكانية الانتفاضة التلقائية، وصارت هناك حاجة الى انتفاضة مخططة، وللانتفاضة المخططة أربعة أركان: أولاً، أن يكون الذين يريدون التغيير قد حددوا معالم النظام الجديد، ثانياً أن يستطيعوا تحريك الشارع، وثالثاً أن تكون هناك امكانية لحركة القوى المنظمة النقابية والطالبية، ورابعاً أن تكون هناك إمكانية لانحياز القوات المسلحة الى حسم الموقف، هذه الأركان ما زالت ناقصة، لكنها ممكنة التحقق.
نحن في حزب الأمة قدرنا أنه بينما الانتفاضة المخططة تأتي عندما تتوافر شروطها هناك فرصة لتغيير يقوم على أساس ما حدث في جنوب أفريقيا، صيغة» الكوديسا»، وصرنا نتحدث منذ أكثر من عام ونصف العام عن أن الانتفاضة ممكنة، وكي تصير مخططة يجب ان تتوافر شروطها، ولكن، هناك وسيلة أخرى لإقامة النظام الجديد اذا أدت الضغوط الى استجابة النظام، وفي تقديرنا أن عوامل كثيرة صارت تضغط على النظام، أهمها أربعة عوامل: أولاً، العامل الاقتصادي إذ صار واضحاً أن النظام لم يستعد لانفصال الجنوب وحدث بعد الانفصال عجز في الموازنتين الداخلية والخارجية، ما جعل المسألة الاقتصادية تشكل جبهة ضغط فظيعة جداً، ثانياً استمرار الحروب على أكثر من جبهة بما يشكل استنزافاً كبيراً جداً، ثالثاً النظام في علاقاته الخارجية معزول الى حد كبير، والعوامل المختلفة حركت تيارات داخل «حزب المؤتمر» الحاكم (برئاسة الرئيس عمر البشير) وداخل قواعده التقليدية كالقوات المسلحة، وتبلورت وفق تقديرنا عوامل تضغط على النظام في اتجاه الاستجابة للأجندة الوطنية.
ونعتقد بأن هذا جعل الأمور في الواقع تصب في أجندتنا التي كنا ننادي بها، لذلك تجاوبنا، ونعتقد الآن انه يوجد اتفاق على آليات لتحقيق الوضع الجديد، أي نظام الحكم الجديد، عبر ملتقى جامع، والسلام عبر مجلس قومي للسلام.
هذا التطور في رأينا إيجابي، وصار مقدراً لدى الأسرة الدولية، من الاتحاد الأفريقي والولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي الخ... نعتقد أنه من باب أولى أن يكون لهذا التوجه دعم عربي.
هل زيارتك الدوحة ولقاؤك أمير قطر الشيخ تميم بن حمد آل ثاني في إطار تحرك لاستقطاب دعم عربي للحوار بين النظام السوداني وقوى المعارضة للانتقال الى نظام جديد؟
- خاطبنا عدداً من قادة الدول العربية، وشمل ذلك دول الخليج، السعودية والكويت وقطر والإمارات، ونعتقد أن هذا التوجه سيشمل دولاً أخرى بينها مصر وتونس وغيرهما، والفكرة أن تدرك ما يجري في السودان، وأن يكون له موقف إيجابي مما يساعد العملية الداخلية (الحوار بين السودانيين).
وعندما عقد مؤتمر القمة العربي الأخير في الكويت، وجهنا الى الملوك والرؤساء رسالة مفتوحة تضمنت أن الدول العربية ينبغي أن تتجنب هذا الاستقطاب بتقاطعاته الكثيرة بتعيين مجلس حكماء، وصار هدفنا في ضوء الرسالة أن نتصل بهم كي يتفهموا التطورات السودانية وأن يستجيبوا لتكوين مجلس حكماء.
دعم الحوار السوداني
أشرت الى اتصالات أجريتها مع السعودية في شأن دعم الحوار السوداني - السوداني، ما تصورك لأهمية دور الرياض في هذا المجال، وفي دعم السودان مستقبلاً؟
- كان واضحاً لنا أن هناك أوزاناً مختلفة في الدول العربية، ولا شك في أن الجميع، ونحن منهم، يعتبرون أن السعودية ومصر تمثلان الشقيقتين الكبرتين في المنطقة، وفي لقائي أمير قطر الشيخ تميم (في الدوحة قبل أيام) كان حديثه واضحاً، هو يعتبر مصر والسعودية الشقيقتين الكبريين، ويتحدث بلغة تصالحية وعما نعتقده مطلوباً، وهو أن المشاكل لا يمكن حلها بالمواجهات بل في إطار سياسي.
ما سمعناه منه يشجع النظرة التصالحية، وهذا التقويم للأوزان بالنسبة الى الشقيقات العربيات، ولا شك نحن حريصون وفق رسائل وجهناها الى خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز وإلى ولي العهد الأمير سلمان بن عبدالعزيز، وإلى وزير الخارجية الأمير سعود الفيصل، على زيارة السعودية لمقابلتهم، وعبّرنا في الرسائل عن ذلك، لبيان ما يحدث من تطورات في السودان في سبيل مباركتها، وكذلك للحديث عن صيغة الحكماء المطلوبة، لأننا نعتقد أن تفهم السعودية ومباركتها لهذه التوجهات سيكون لهما أثر حميد للغاية وكبير جداً.
وماذا عن الدور الأميركي؟ هل من تغيرات في موقفه من نظام الرئيس عمر البشير؟
- الغرب عموماً الآن في موقف أشبه بالخصومة للوضع الرسمي في السودان، لأنه في نظرهم يعرقل المجهودات الإنسانية، كما ارتكب أخطاء مثل اعاقة عمل منظمة الصليب الأحمر التي تحظى باحترام كبير، وتعتبر واشنطن النظام الرسمي في السودان مناهضاً للنشاطات الإنسانية، وهناك كما هو معلوم موضوع المحكمة الجنائية الدولية (تتهم البشير ومسؤولين في حكومته بارتكاب جرائم حرب في دارفور)، وهذا يسبب درجة كبيرة من القطيعة بين السودان الرسمي والدول الغربية، وهناك شكوك لدى هذه الدول في حماسة السودان لإنهاء الحرب، كما حصل لمشروع اتفاق أُبرم (قبل فترة) بين نافع علي) ومالك وكان يمكن أن ينهي الحرب في منطقتي جنوب كردفان وجنوب النيل الازرق، لكنه أُجهض لأسباب غير موضوعية، كل هذا عزز فكرة أن السودان غير مستعد للسلام بالمقدار الكافي.
نعتقد ان الدول الغربية يمكن أن تكون حماستها كبيرة في إطار الهيكلة الجديدة لعملية السلام. وفي إطار ان القرار بشأن السلام ليس حكراً على النظام وإنما اتسع ليشمل القوى الشعبية والسياسية، كما نقترح في إطار صيغة المجلس القومي للسلام، نعتقد ان الدول الغربية تقاطع النظام الرسمي في السودان وستتحمس لحل أزمة السلطة كما نقترح عبر صيغة «الكوديسا» (مصالحة تاريخية حصلت في جنوب افريقيا) وأيضاً تتحمس لدعم عملية السلام عندما يتضح أن القرار لم يعد محصوراً في المؤتمر الوطني (أو الحكومة وإنما بمشاركة سودانية واسعة. ويبدو أن الدول الغربية كانت تراهن على نجاح باهر لتجربة دولة الجنوب (بعد الانفصال عن الشمال)، وكان بعضها يعبّر عن موقفه على حساب الموقف من السودان (الشمال). وما حدث أخيراً في الجنوب جعلها تراجع هذا التقويم. ومهما كان الوضع في السودان، فقد بدا واضحاً أن فيه إمكانية للإصلاح أفضل من بعض دول الجوار. نعتقد أن هذه العوامل ستلعب دوراً في أن يكون موقف الدول الغربية مسانداً للحوار الجاد السوداني نحو السلام، ونعتقد بأنها تعبر عن هذه المعاني بصورة واضحة.
تشكيك في مبادرة البشير
هناك أحزاب وقوى سياسية وحركات مسلحة لا تزال مشككة في جدية نظام الرئيس البشير في الحوار والسعي الى نظام جديد بتوافق سوداني، وتقول إن النظام يلعب على عنصر الزمن ويريد كسب الوقت. هل تشاطر تلك القوى المخاوف نفسها؟
- في رأيي أن هناك عناصر داخل السودان تراهن على أن القضية السودانية يمكن أن تحل عبر العمل الثوري الذي تقوده الجبهة الثورية وطالما أن ثمة تفكيراً من هذا النوع فسيكون هناك رهان، لكن الجبهة الثورية نفسها أكثر واقعية من كثير من «المنظراتية» (منظرون معارضون) داخل السودان، لأن قادة الجبهة يدهم في النار ويرون ما يحدث لأهلهم من شقاء، وهم أيضاً محتاجون الى دعم لوجستي من دول الجوار، والى دعم مالي بما لا يقل عن مليوني دولار شهرياً، وهم يدركون الآن أن اجتياح الخرطوم مستحيل بصورة حاسمة، وحتى اذا حصل فسيفتح باباً لمواجهات جديدة، لذلك فإن الضغوط التي جعلت النظام في الخرطوم أكثر واقعية ستجعلهم كذلك، ولذلك وارد جداً ان يكون موقف الجبهة الثورية أقرب الى تقدير هذا الواقع والتجاوب معه.
وعلى كل حال نحن في صدد أن نرسل مندوباً الى «الجبهة الثورية» السودانية للحديث في هذه الأمور، ونحن نعترف بأن لدى قطاع الشمال (الحركة الشعبية) قضية، إذ كان من غفلات اتفاقية باعتبارها اتفاقية سلام شامل علقت بروتوكول جنوب كردفان وبروتوكول جنوب النيل الأزرق، وعندما انفصل الجنوب لم تعط الاستحقاقات المطلوبة، وأدى ذلك الى منطق الاستمرار في المقاومة المسلحة.
وبالنسبة الى دارفور، لا شك في أن اتفاقية الدوحة خدمت هدفاً كبيراً وكانت خطوة الى الأمام، لكن مشكلة دارفور ذات طبيعة عنقودية، بحيث تغيرت معالمها منذ اتفاقية الدوحة كما أن القوى الدارفورية غير الموقعة اتحدت مع قوى أخرى في جبهة ثورية، ومن المعالم الجديدة أيضاً أن الحرب في دارفور دخلت فيها عناصر غير المواجهة بين الحكومة والمقاومة المسلحة، عوامل تتمثل في انتفاضات قبلية أدت الى ما لا يقل عن عشر مواجهات مسلحة.
المستجدات تتطلب خروجاً من النمط القديم المتمثل في الحلول الثنائية الى الحل الشامل كما نقترح، ونعتقد ان هناك مبرراً للاعتراف ب «الجبهة الثورية» كمفاوض، ولا بد من أن تلتزم الجبهة الحل السياسي في إطار وحدة السودان. وعدا هذا، فإن المطالب الخاصة باللامركزية والمشاركة في السلطة والثروة والدولة المدنية والتعددية الثقافية أهداف مشروعة يمكن ان تدخل في اتفاق السلام والدستور الجديد.
متى سيعقد اجتماع بين النظام في الخرطوم وقوى المعارضة لإجراء حوار شامل بعدما شاركتم قبل أيام في أول لقاء تشاوري؟
- نحن قلنا إن الموعد يجب الا يتعدى شهرين. ووفق اللقاء الأخير، هناك اتفاق على آلية مشتركة بين الحزب الحاكم والأحزاب المعارضة للاتفاق على ملتقى جامع أو مؤتمر دستوري أو مائدة مستديرة لحسم قضية السلطة والدستور والانتخابات والاقتصاد. وهناك آلية متعلقة بمسألة السلام والمجلس القومي للسلام.
هناك أيضاً من يشكك في جدية الرئيس البشير وفي إمكان اتفاقه معكم على إقامة نظام جديد. هل أنت متفائل، وهل تعتقد بأنه جاد في المشاركة في حوار شامل؟
- هناك عوامل كثيرة لتراجع الثقة في المؤتمر الوطني لذلك تحدثنا عن اجراءات لبناء الثقة، وقال الرئيس بعضها، لكننا نتكلم على إجراءات أوسع لضمان ما يتفق عليه، ونعتقد ان القوى السياسية المعارضة لا تخسر شيئاً حين تجرب، إذ ستكون هناك ضوابط من آليات ومن وقت، فإن صحت الثقة كان به وإن لم تصح فالمشاكل الموجودة موجودة وستلعب دورها في مزيد من عزل النظام وفي مزيد من دعم المعارضة.
هناك سودانيون يرون أن الصادق المهدي يسعى في النهاية الى شراكة مع نظام الرئيس عمر البشير في شكل أو آخر؟
- هناك من يقول هذا الكلام، لكن اذا كان ذلك وارداً فإن النظام في اقوى ظروفه عرض علينا ورفضنا.
ماذا عرض؟
- حسن الترابي كان نافذاً في النظام وعرض علينا في 1993 في اجتماع في منزل خالد فرح المشاركة في النظام، وكان ردنا ان لا مشاركة ما لم تكفل الحريات الأساسية في البلاد، وهذا انهى الكلام عن مشاركة. وفي 1996 بعد إجراءات انتخابية تمت لمصلحة الرئيس البشير، اجتمع بي البشير وعرض مشاركة بصورة كبيرة جداً، وكان ردنا أنه ما لم يتفق على دستور فلا مشاركة، وأن القضية ليست من يحكم السودان، فليحكمه أي من أبنائه أو بناته، ولكن كيف يحكم السودان، وما لم يوجد دستور نوافق عليه لا نشترك في السلطة. وعندما حصل اتفاق نداء الوطن عام 2001 وكان هناك مشروع مشاركة أتى به في ذلك الوقت السيد مبارك الفاضل (كان مساعداً للمهدي ثم مساعداً للبشير قبل اختلافهما) فإن حزب الامة بالإجماع رفض المشاركة، وكان النظام (آنذاك) أقوى وأكثر قدرة وموحد الكلمة، وكان موقفنا واضحاً: لا مشاركة من دون اتفاق على برنامج يحقق مطالب الشعب الأساسية.
منتقدوك يقولون إنك تشارك حالياً في السلطة عبر ابنك عبدالرحمن وهو الآن مساعد لرئيس الجمهورية، أي للبشير؟
- عبدالرحمن ابني، هذه حقيقة، لكن خطه السياسي مختلف تماماً عن خط حزب الأمة، هو قال ذلك وأنا قلت ذلك أيضاً وحزب الأمة أصدر بياناً في هذا الشأن، ولهذا ما هي إمكانية أن يحسب هذا الموقف مشاركة من حزب الأمة، بل أكثر من ذلك فمنذ دخول عبدالرحمن الى الحكومة لم يصدر من حزب الأمة أي موقف يجعل موقفه المعارض اقل، أي أن موقف حزب الأمة المعارض للنظام في كل جزئيات سياسته الاقتصادية وموقفه من الجنوب والسلام والعلاقات الخارجية وغيرها كان واضحاً ومعارضاً للنظام وغير متأثر من قريب أو بعيد بوجود عبدالرحمن داخل السلطة.
الوضع في مصر
سؤالنا الأخير عن الوضع في مصر لأن السودان يؤثر ويتأثر بما يجري هناك، كيف ترى أسباب فشل تجربة حكم «الإخوان المسلمين»؟
- الخط الإسلامي عريض يبدأ من أردوغان في اليسار الى طالبان في اليمين، والتجارب الإسلامية المعاصرة فيها النموذج السوداني والنموذج التونسي والنموذج التركي والنموذج الطالباني.
النموذج السوداني فاشل ونحن أكثر الناس الذين بينوا هذا الفشل من منطلق إسلامي، وكان آخرون يتكلمون من منطلقات مدنية، وقلنا لا أحد يستطيع أن يتكلم عن الإسلام ما لم يوفر الكرامة والحرية والعدالة والمساواة والسلام. التجربة في مصر (حكم الإخوان) أضرت بها أولاً المناورة التي أفقدتها الصدقية، لأنهم قالوا لن نترشح لأكثر من 30 في المئة (في البرلمان) وقالوا لن نترشح لرئاسة الجمهورية وفعلوا العكس، هذا هز الصدقية، ثم عندما جاؤوا السلطة كانت أمامهم تجربتان، الأولى سودانية وهناك تجربتا تونس وتركيا. في رأينا اختار «الاخوان» وهم في السلطة التأسّي بالتجربة السودانية.
وكيف ترى الحال العربية؟
- المنطقة تشهد الآن تقاطعات، هناك تقاطع إسلامي علماني، وتقاطع سنّي- شيعي، وتقاطع اجتماعي ما بين القلة الغنية والكثرة الفقيرة، وتقاطع بين الإخوان والسلفيين، وتقاطع بين التوجه القومي العربي والقوميات التي تسكن مع العرب في وطن واحد. تقاطعات كثيرة تتطلب نظرة هندسية فكرية جديدة، وأي محاولة لحل هذه التقاطعات بالقوة مصيرها الدمار والهلاك. وأمامنا طريقان، الأول طريق المواجهات المؤدي الى خراب، والخيار الثاني الحلول السياسية والفكرية التي تتبع ما اقترحناه من ميثاق لجمع الكلمة حول رؤية مشتركة تجعل حلول القضايا بحوار وسلمية وسياسة.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.