توفى رئيس مجلس الصحافة والمطبوعات السوداني، الصحافي والشاعر الكبير، فضل الله محمد، يوم الأحد، عن عمر ناهز ال 76 عامًا، إثر وعكة صحية ألمت به، ونُقل على إثرها قبل يومين إلى مستشفى فضيل بالخرطوم. ونعاه وزير الثقافة والإعلام وأحد تلاميذه في بلاط الصحافة فيصل محمد صالح، وقال "إن فضل الله محمد رقم صحفي وإعلامي وشاعر كبير أثرى وجدان الشعب السوداني بما كتبه وما ظل يقدمه طوال حياته كصحفي كبير وكاتب عمود وشاعر ورئيس تحرير ثم أخيراً كرئيس لمجلس الصحافة والمطبوعات، حتى تقاعده قبل فترة وجيزة". وقال فيصل إن الراحل فضل الله كان أحد أعمدة الصحافة السودانية وأحد ربان المهنية فيها، و"ستبقى سيرته العطرة في وجدان الشعب السوداني، كما ستبقى مهنيته العالية التي غرسها في تلاميذه من الصحفيين". ولد الفقيد في مدينة ود مدنيجنوب العاصمة الخرطوم في 25 ديسمبر 1944، وتخرج من كلية القانون في جامعة الخرطوم في العام 1968. مسيرة صحفية طويلة وكانت الصحافة هي المهنة التي اختارها رغم دراسته للقانون، حيث التحق عند تخرجه بوزارة العدل، ديوان النائب العام، لكنه سرعان ما ترك العمل وتفرغ لمهنة الصحافة. وعمل فضل الله في دار الأيام، وترأس تحرير (السودان الجديد) الأسبوعية، وعمل نائباً لرئيس التحرير في صحيفة الأيام، ورئيساً لتحرير صحيفة الصحافة، ثم تقلد رئاسة مجلس إدارتها، إبان فترة حكم الرئيس الراحل جعفر محمد نميري. وعمل خلال فترة الديمقراطية الثالثة في مجلة الأشقاء، وأسس مع د.الباقر أحمد عبد الله صحيفة الخرطوم، التي رأس تحريرها حتى توقفت عن الصدور بعد إنقلاب الإنقاذ في العام 1989. ثم رأس تحرير الصحيفة ذاتها بعد معاودتها الصدور من القاهرة، وظل رئيساً لتحريرها بعد صدور الصحيفة من الداخل، ثم رئيساً لمجلس إدارتها، قبل أن ينتقل في العام 2015 رئيساً للمجلس القومي للصحافة والمطبوعات، والذي بقي حتى تقاعده قبل أيّام من رحيله. عبقرية الأناشيد والأغاني ترأس الراحل المجلس الأربعيني لاتحاد طلاب جامعة الخرطوم حينما كان طالباً، حيث برزت شاعريته في تلك الفترة، وكتب قصائده التي عرفت بالأكتوبريات إبان ثورة أكتوبر عام 1964، التي ارتبط اسمه بها لأعماله الشعرية المؤرخة لها، والتي لا يزال السودانيون يرددون في مناسباتهم المختلفة مقاطعها: "شهر عشرة حبابو عشرة"، و"المجد للآلاف"، و"أكتوبر واحد وعشرين، يا صحو الشعب الجبار". وعرف الناس إنتاجه الغنائي لأول مرّة بعد ذيوع أغنيته الشهيرة "من أرض المحنة، من قلب الجزيرة" التي غناها أخوه لأمه الفنان الراحل محمد مسكين. وشكل بعدها ثنائية فنية مع صديقه وابن مدينته ود مدني الموسيقار محمد الأمين، وأنتجا معاً أغنيات ظلّت خالدة في وجدان السودانيين، مثل: "زورق الألحان"، و"الحب والظروف"، و"أربعة سنين"، و"الجريدة"، و"بعد الشر عليك"، و"كلام زعل"، و"وطن واحد"، إضافة إلى أغنيتهما المعجزة "زاد الشجون". وغنى له الفنان الراحل عبد العزيز محمد داود "في حب يا أخوانا أكتر من كدا"، كما غني له الفنان أبو عركي البخيت "طريق الماضي" و"بوعدك". وأزهرت عبقرية الراحل فضل الله محمد، مزاوجة رائعة بين الشعر ومهنة الصحافة، خلّدها بأغنية "الجريدة"، التي تمس كلماتها الواقع الصحافي، حيث تجد فيها الخبر والقصة الخبرية والتحقيق والحوار والمقال.