أدى الارتفاع الكبير في أسعار العملات الأجنبية مقابل الجنيه السوداني، إلى ارتفاع جنوني في أسعار السلع الأساسية في البلاد. وشهدت الأسواق المالية في السودان، اليوم الاثنين، ارتفاعًا تاريخيًا في أسعار العملات الأجنبية، هو الأعلى منذ استقلال السودان، يأتي ذلك وسط انهيار متسارع في قيمة الجنيه السوداني بالسوق الموازي. وسجل الدولار الأمريكي في السوق الموازي اليوم الإثنين، 3200 جنيه، وعزا مصرفيون وخبراء اقتصاد، قفز الدولار من 2800 إلى 3200 خلال ساعات، بسبب شراء الاحتياجات العسكرية، ورفع الدولار الجمركي، ما أدى إلى الارتفاع الجنوني في سعر الدولار بالسوق الموازي، بموازاة أسعار السلع الأساسية. ويرى خبراء اقتصاديون أن الخلل الواضح في سوق الصرف، لاسيما في السوق الموازي، يُعد انعكاسًا مباشرًا لتداعيات الحرب على مختلف القطاعات، من بينها توقف التحويلات الخارجية، انسحاب الودائع المحلية، وتراجع أداء البنوك التجارية في تمويل الواردات الحيوية. كما يُسهم اعتماد بنك السودان المركزي على طباعة العملة دون غطاء نقدي أو احتياطي أجنبي في تفاقم التضخم وتوسيع الهوة بين الأسعار الرسمية والموازية. وذكر الخبراء أن السياسات المالية غير المستقرة، وتوقف الصادرات، وتراجع تحويلات المغتربين، كلها عوامل متداخلة تُعمق الأزمة الاقتصادية، وسط تفشي ظاهرة "الدولرة" وهروب المدخرات إلى خارج النظام المصرفي. في المقابل، اتخذ تجار السوق الموازي إجراءات احترازية أوقفت بيع العملات الأجنبية، وتركزت عملياتهم على الشراء بأسعار متدنية، ما يعكس توترًا شديدًا في الحركة التجارية. وتشير تقارير محلية إلى تحويلات مصرفية ضخمة من السودان، وهروب كبير في المدخرات، مما يُشير إلى تصاعد المخاوف بشأن مستقبل البلاد في ظل استمرار الحرب للعام الثالث على التوالي. ويُعد السوق الموازي المصدر الرئيسي لتوفير العملات الأجنبية، خاصة في قطاع الوقود، كما تُسجل تغيرات سعر الصرف يوميًا، تصل أحيانًا إلى ثلاث مرات في اليوم الواحد، وهو ما يعكس هشاشة النظام النقدي وفقدان الاستقرار في السياسات المالية. من جانبها، حذّرت مؤسسات دولية من أن استمرار هذه الأوضاع دون حلول سياسية وأمنية جذرية سيُفضي إلى موجة تضخم جديدة تهدد القوة الشرائية للمواطنين وتُفاقم من معاناتهم اليومية. وتشير تقارير اقتصادية إلى أن الحرب عطّلت الإيرادات الضريبية، ودفعت بتراجع حاد في أداء القطاعين الزراعي والحيواني، مما أثر بشكل كبير على قدرة الدولة في تمويل واردات أساسية مثل الوقود والقمح والأدوية، وفتح الباب أمام المزيد من التدهور في المشهد الاقتصادي العام.