السودان.. المحكمة تصدر حكمًا قاسياً على معلّم الثانوي    ترامب .."لا أريد الجوائز... أريد إنقاذ الأرواح"    وزارة الخارجية تدين المجزرة البشعة التي ارتكبتها المليشيا المتمردة في منطقة كلوقي    السكري وصحة الفم.. علاقة متبادلة    العبيد أحمد مروح يكتب: أمريكا كانت تعرف، فلماذا سمحت بذبح السودانيين ؟    الصفا الابيض يكتسح الاهلي نيالا بخماسية    الأهلي الأبيض يتجاوز الناصر أمدرمان في الدوري العام    رئيس مَوالِيد مُدَرّجَات الهِلال    مان يونايتد يفشل في تحقيق الفوز    شاهد بالصورة والفيديو.. طفل عراقي يفاجئ والده والحاضرين ويتوقع فوز صقور الجديان على منتخب بلاده في كأس العرب والجمهور السوداني: (ربنا يسمع منك)    شاهد بالصورة والفيديو.. طفل عراقي يفاجئ والده والحاضرين ويتوقع فوز صقور الجديان على منتخب بلاده في كأس العرب والجمهور السوداني: (ربنا يسمع منك)    شاهد.. أحد أفراد الدعم السريع يفجر مفاجأة داوية وينقل لزملائه خبر وفاة قائد ثاني المليشيا عبد الرحيم دقلو    شاهد الفيديو الذي أشعل الحرب بين المطربتين هدى عربي وأفراح عصام في زفاف "ريماز" والجمهور يلوم السلطانة: (مطاعنات قونات)    شاهد الفيديو الذي أشعل الحرب بين المطربتين هدى عربي وأفراح عصام في زفاف "ريماز" والجمهور يلوم السلطانة: (مطاعنات قونات)    نتيجة قرعة كأس العالم 2026.. تعرف على طريق المنتخبات العربية في المونديال    الإعيسر يخرج بتدوينة غامضة ومثيرة للجدل    مواطنون: الخرطوم غير آمنة لعودة السكان رغم الحملات الإعلامية    "روفا" الرئة الثالثة التي لا تتوقف عن الركض للهلال والسودان    بالصورة.. الفنانة أفراح عصام تفتح النار على مطربة شهيرة عقب نهاية حفل زفاف ريماز ميرغني: من عرفتك نحنا بنسجل في البرنامج وانتي في محاكم الآداب وقبلها المخدرات مع (….) وتبقي فنانه شيك كيف وانتي مكفتة ومطرودة!!    واشنطن تغيّر "قواعد اللعبة" في السودان.. تفكيك نفوذ البرهان كمدخل لوقف الحرب    إصابات وسط اللاعبين..بعثة منتخب في السودان تتعرّض لعملية نهب مسلّح    "يارحمن" تعيد الفنانة نانسي عجاج إلى القمة.. أغنية تهز مشاعر السودانيين    تنويه عاجل لهيئة مياه الخرطوم    كامل إدريس يوجه برفع كفاءة قطاع التعدين    طريقة فعّالة لمحاربة الرغبة بتناول الحلويات والوجبات السريعة    شاهد بالصورة والفيديو.. جمهور مواقع التواصل بالسودان يحتفي ويتغنى ببسالة ورجولة مدافع المنتخب "إرنق" في إحتكاك مع مهاجم المنتخب الجزائري بعدما قام بالتمثيل    شاهد بالصورة والفيديو.. الخبراء بالأستوديو التحليلي لمباراة السودان والجزائر يجمعون على وجود ضربة جزاء صحيحة لصقور الجديان ويعبرون عن استغرابهم الشديد: (لماذا لم يرجع الحكم المصري للفار؟)    تصريحات ترامب المسيئة للصومال تثير غضبا واسعا في مقديشو    قرار عاجل لرئيس الوزراء السوداني    حريق سوق شهير يسفر عن خسائر كبيرة للتجار السودانيين    كم مرة يجب أن تقيس ضغط دمك في المنزل؟    مياه الخرطوم تكشف تفاصيل بشأن محطة سوبا وتنويه للمواطنين    إدارة ترامب توقف رسميا إجراءات الهجرة والتجنيس من 19 دولة    إدارة التعدين بولاية كسلا تضبط (588) جرام و (8) حبات ذهب معدة للبيع خارج القنوات الرسمية    الخرطوم تعيد افتتاح أسواق البيع المخفض    محافظ بنك السودان المركزي تزور ولاية الجزيرة وتؤكد دعم البنك لجهود التعافي الاقتصادي    الأمين العام للأمم المتحدة: صراع غزة الأكثر دموية للصحفيين منذ عقود    بشكلٍ كاملٍ..مياه الخرطوم تعلن إيقاف محطة سوبا    فيلم ملكة القطن السوداني يحصد جائزة الجمهور    إحباط تهريب كميات كبيرة من المخدرات والمواد الخطرة بنهر النيل    الصحة الاتحادية تُشدد الرقابة بمطار بورتسودان لمواجهة خطر ماربورغ القادم من إثيوبيا    العطش يضرب القسم الشمالي، والمزارعون يتجهون للاعتصام    إخطار جديد للميليشيا ومهلة لأسبوع واحد..ماذا هناك؟    إحباط تهريب أكثر من (18) كيلوجرامًا من الذهب في عملية نوعية    مقترح برلماني بريطاني: توفير مسار آمن لدخول السودانيين إلى بريطانيا بسهولة    إحباط تهريب أكثر من (18) كيلوجرامًا من الذهب في عملية نوعية    بالصورة.. مذيعة سودانية كانت تقيم في لبنان: (أعتقد والله اعلم إن أنا اكتر انسان اتسأل حشجع مين باعتبار اني جاسوسة مدسوسة على الاتنين) والجمهور يسخر: (هاردلك يا نانسي عجرم)    وصول 260 ألف جوال من الأسمدة لزراعة محاصيل العروة الشتوية بالجزيرة    مصر.. تحذيرات بعد إعلان ترامب حول الإخوان المسلمين    شاهد.. بعبارة "كم شدة كشفت معادن أهلها" صورة ولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان تزين شوارع العاصمة السودانية الخرطوم    الشتاء واكتئاب حواء الموسمي    عثمان ميرغني يكتب: تصريحات ترامب المفاجئة ..    "كرتي والكلاب".. ومأساة شعب!    ما الحكم الشرعى فى زوجة قالت لزوجها: "من اليوم أنا حرام عليك"؟    حسين خوجلي: (إن أردت أن تنظر لرجل من أهل النار فأنظر لعبد الرحيم دقلو)    حسين خوجلي يكتب: عبد الرجيم دقلو.. إن أردت أن تنظر لرجل من أهل النار!!    تركيا.. اكتشاف خبز عمره 1300 عام منقوش عليه صورة يسوع وهو يزرع الحبوب    (مبروك النجاح لرونق كريمة الاعلامي الراحل دأود)    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



"وجيدة".. حين يتحول الغناء إلى لوحة تشكيلية
نشر في الصيحة يوم 28 - 08 - 2025

تبدأ القصيدة بنداء غارق في الشوق والخذلان: «بعيد عني». إنه ليس مجرد استدعاء لاسم، بل حنين يتحول إلى غياب، وحب يتجسد في هيئة فجيعة..
في الأغنية السودانية، ثمّة لحظات يلتقي فيها الشعر بالموسيقى والتشكيل لتنتج عملاً فنياً متجاوزاً للحدود. من بين هذه اللحظات، تتوهج «وجيدة»؛ القصيدة التي كتبها الشاعر التشكيلي قريب الله محمد عبد الواحد، وغناها بصوت خالد الفنان مصطفى سيد أحمد.
إنها أغنية ليست فقط قصة حب، بل لوحة بصرية ووجدانية مكتملة العناصر.
تبدأ القصيدة بنداء غارق في الشوق والخذلان: «بعيد عني». إنه ليس مجرد استدعاء لاسم، بل حنين يتحول إلى غياب، وحب يتجسد في هيئة فجيعة. ثم تأتي صورة الخطوات التي لا تترك أثراً: «خطاك ما لامست وجه الطريق / ومشيتي ومشيتي / لا فوق غيمة لا ظني بعيد عني». كأنها تمشي في فضاءٍ لا يحفظ الذاكرة. الغياب الحقيقي هنا ليس في الابتعاد فحسب، بل في الوجود المتلاشي روحاً رغم الحضور جسداً.
تتوالى الصور التشكيلية: «كأنك من وراء صفحة زجاج مبلول / وراك الريح وقدامك مدى السكة وندا المجهول». الحبيبة خلف زجاج يغطيه المطر، الرؤية مشوشة والحضور محجوب، الريح خلفها والمجهول أمامها، كأنها محاصرة بين العاصفة والضياع. ثم يجيء النداء المكرّر «أنادي ليك وأنادي ليك / وجيدة... وجيدة / لا التفتي لا لوحتي بإيدك». إنه إصرار على الحب رغم اليأس. يتكرر الاسم ليصبح موسيقى حزينة، لكنها لا تلتفت ولا تلوّح، تاركةً العاشق في عزلة الرجاء.
وحين يقول: «يجاوبني المدى الفاتح مدارج الهم»، فإن الأفق نفسه يتحول إلى كائن يردّ بالصمت الممتلئ بالوجع. الطبيعة لا تمنح جواباً، بل تمنح حزناً يتسع مع اتساع المدى. ثم يشتد النص حتى يبلغ ذروته الرمزية: «بتبقي وجيدة طعنة سيف/ موسدة في شق السماء المرسوم وسادة دم». هنا تتجسد وجيدة كجرح كوني، طعنة مغروسة في صدر السماء، والوسادة دم، في مشهد سريالي يمزج الألم بالعظمة والجمال بالوجع.
لكن النص لا يتوقف عند هذا الحد من الرمزية، بل يواصل المفارقة الكبرى: «وتبقى إيدينا في إيدك/ وفي شعرك، وفي المنديل/ وفي أيديك بعيد عني». الأيادي متشابكة، الشعر والمنديل في تماس، القرب حاضر، ومع ذلك يظل البعد سيد الموقف. إنها معادلة الحب المستحيل: أن يتحقق القرب الجسدي، بينما يستمر الفقد الروحي.
اللحن الذي صاغه مصطفى ل«وجيدة» جاء خافتاً، عميقاً، أقرب إلى منولوج داخلي منه إلى أغنية عاطفية عادية. الإيقاع البطيء يشبه وقع خطوات على طريق مبلل بالمطر. الميلودية الناعمة فتحت مساحة فارغة، كأن الموسيقى أرادت أن تترك للشعر فسحة كي يتنفس. أما الأداء، فقد كان صوت الجرح الصادق. مصطفى لم يغنِّ «وجيدة» كأغنية عن حب ضائع فقط، بل كجرح وجودي. طريقة مدّ الحروف، تقطيع العبارات، وإرخاء النفس خلقت إيقاعاً داخلياً يتناغم مع الصور الشعرية المليئة بالزجاج والريح والدم. وحين يكرر: «وجيدة... وجيدة» لا يستدعي اسماً بعينه، بل يستحضر ذاكرة كاملة من الفقد، وكأن النداء نفسه يتحول إلى موسيقى موازية للحن.
أما الرمزية، فإنها تتجاوز حدود العاطفة الشخصية. وجيدة قد تكون الحبيبة الغائبة التي لا تعود، وقد تكون الوطن الممزق الذي يتسرب من بين الأيدي، وقد تكون الحلم البعيد الذي تظل تسعى إليه الأقدام ولا تصل. هنا تتجلى عبقرية النص بقدرته على فتح باب التأويل، وعبقرية الأداء بصدقه الذي يتيح لكل مستمع أن يجد «وجيدته» الخاصة.
«وجيدة» تتراءى أكثر من أغنية، بل لوحة تشكيلية مغنّاة، الشاعر التشكيلي قريب الله عبدالواحد رسمها بألوان الحزن والرجاء، ومصطفى سيد أحمد سكَب فيها صوته كخيوط من الدم والضوء. تسمع وجيدة بالقلب كعمل فني خالد يبرهن أن الأغنية السودانية ليست طرباً فحسب، بل فناً شاملاً يذيب الشعر والموسيقى والرسم في بوتقة واحدة.
تقول كلمات قصيدة وجيدة، وهي من كلمات الشاعر، قريب الله عبدالواحد:
بعيد عني
خطاك ما لامست وجه الطريق
ومشيتي ومشيتي
لا فوق غيمة لا ظني بعيد عني
كأنك من وراء صفحة زجاج مبلول
وراك الريح وقدامك
مدى السكة وندا المجهول
أنادي ليك وأنادي ليك
وجيدة.. وجيدة
لا التفتي لا لوحتي بي إيديك
أنادي ليك
يجاوبني المدى الفاتح مدارج الهم
بتبقي وجيده طعنة سيف
موسده في شق السماء المرسوم
وسادة دم
وتبقى إيدينا في إيديك
وفي شعرك، وفي المنديل
وفي إيديك بعيد عني


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.