جبريل ابراهيم: أذاق أبطال الشعب السوداني الباسل ميليشيات العدوان علقم الهزيمة مرة أخرى    عثمان ميرغني يكتب: السودان: ضبط السلاح والعشوائيات    سجن كوبر يتأهب لاستقبال نزلاء..وزير الداخلية يكشف التفاصيل    د. ياسر يوسف إبراهيم يكتب: البرهان يغلق الباب أمام الدعم السريع    السودان يتصدر مجموعته والجزائر التحدي القادم    قرارات لجنة التسيير لنادي المريخ في اجتماعها الأول    فلنجمع بين السوق والمنصّة يا عليقي... استثمار وكؤوس    شاهد.. عريس سوداني وعروسته يشعلان مواقع التواصل بجلسة تصوير "جرتق" مثيرة للجدل    شاهد بالصورة.. رئيس المريخ السابق آدم سوداكال يفاجي الجميع ويقترب من شراء وإمتلاك نادي أوروبي    واشنطن ودول حليفة تدعو إلى "هدن إنسانية" في السودان    وزير المعادن يلتقي السفير القطري لدى السودان ويبحث معه ملفات التعاون في مجال التعدين    شاهد بالفيديو.. ناشط سوداني يسخر من الوقفة القوية للمغتربين بعد جمعهم مبلغ 800 ألف ريال لممرضة: (منافقين والناس بتموت بالجوع كان تخلوها تقعد في السجن عشان تتعلم وبكرة بترتكب نفس الخطأ تاني)    شاهد بالصورة والفيديو.. بتلاوته الجميلة للقران وصوته العذب.. شاب سوداني يخطف الأضواء على مواقع التواصل العربية ويتصدر "الترند"    شاهد بالفيديو.. في لقطة كوميدية أثارت ضحكات الجمهور.. مدير مدرسة سوداني يطارد طلابه ويجري خلفهم بعد أن قام بضبطهم يغنون ويرقصون داخل حرم المدرسة    وقف تدهور "الجنيه" السوداني امام الدولار.. د.كامل يتدخل..!!    "حصرية السلاح": أزفت    حركات ارتِزاق وجيش مُنحرِف!    الدار السودانية للكتب تفتح أبوابها من جديد    ضوابط جديدة في تأجير الشقق المفروشة بالخرطوم والسجن والغرامة للمخالفين    (موسم التسجيلات مع الشعب الخبير )    تمهيدا لاستئناف النشاط: حصر الساحات والمنشئات الرياضية بمحلية امبدة    من كتاب البلادة وفساد الطوية    اعترفت ببيع ملابسها.. أول ظهور لكيم كارداشيان في برنامج حواري    بوتين اقترح على ترامب لقاء زيلينسكي في موسكو    4 حالات تحكيمية مثيرة في مباراة النصر والاتحاد    المؤتمر السوداني يرفض مذكرة تفاهم بين شركة السكر السودانية و"رانج" السعودية    الموظف الأممي: قناعٌ على وجه الوطن    أقوال مثيرة لصاحب محل بقالة اشترى منه طفل نودلز وتوفى بعد تناوله    بعد خطوة مثيرة لمركز طبي.."زلفو" يصدر بيانًا تحذيريًا لمرضى الكلى    سوداني في المهجر يتتّبع سيرةَ شخصية روائية بعد أكثر من نصفِ قرنٍ    بعد أن اباها مملحة في مينسك واسطنبول، هل ياكلها زيلينسكي ناشفة في ترمبستان؟    التوسع نحو أفريقيا..إسرائيل تفتح سفارة في زامبيا    اجتماع في السودان لمحاصرة الدولار    على سبيل المزاح.. مقطع فيديو يوثق إطلاق ليبي «أسدًا» على عامل مصري يُثير موجة من الغضب    المركزي ينفي صحة الخطاب المتداول بشأن تجميد حسابات شركة تاركو    ترامب: "تقدم كبير بشأن روسيا.. ترقبوا"    انعقاد مجلس إدارة الهيئة السودانية للمواصفات والمقاييس    كاتب مصري: أفيقوا من غيبوبة السلام إسرائيل تجاوزت الحدود    الشرطة السودانية تشكل مجلس تقصي حقائق حول ما تمت إثارته عن صلة لأحد ضباط الشرطة بخيوط مقتل الطبيبة روعة    شغف غناء الحماس والسيره. الفنان القادم في سماء الغناء الشعبي .بكري الخامسة    مدير عام قوات الجمارك يقف على ترتيبات افتتاح جمارك الحاويات قري    الصحة: وفاة 3 أطفال بمستشفى البان جديد بعد تلقيهم جرعة تطعيم    شاهد بالصورة.. إدارة مستشفى "الضمان" تصدر بيان تكشف فيه تفاصيل جديدة حول مقتل طبيبتها "روعة" على يد طليقها    الشرطة تنهي مغامرات العصابة الإجرامية التي نهبت تاجر الذهب بامدرمان    أكشن في شارع فيصل.. لص يدهس 3 أشخاص وينهي حياة سودانية أثناء الهروب    إرتفاع التمويل الزراعى إلى (59.3) ترليون بالقضارف بزيادة (80%) عن العام الماضي    أخطاء شائعة عند شرب الشاي قد تضر بصحتك    وزير الداخلية ومدير عام الشرطة يتفقدان مركزي ترخيص أبو آدم وشرق النيل    تقرير أممي: «داعش» يُدرب «مسلحين» في السودان لنشرهم بأفريقيا    بالفيديو.. شاهد بالخطوات.. الطريقة الصحيحة لعمل وصنع "الجبنة" السودانية الشهيرة    بالفيديو.. شاهد بالخطوات.. الطريقة الصحيحة لعمل وصنع "الجبنة" السودانية الشهيرة    السودان.."الشبكة المتخصّصة" في قبضة السلطات    "الحبيبة الافتراضية".. دراسة تكشف مخاطر اعتماد المراهقين على الذكاء الاصطناعي    الخرطوم تحت رحمة السلاح.. فوضى أمنية تهدد حياة المدنيين    اقتسام السلطة واحتساب الشعب    إلى بُرمة المهدية ودقلو التيجانية وابراهيم الختمية    السودان.. مجمّع الفقه الإسلامي ينعي"العلامة"    عَودة شريف    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



د. ياسر يوسف إبراهيم يكتب: البرهان يغلق الباب أمام الدعم السريع
نشر في باج نيوز يوم 21 - 08 - 2025

لم تكد التسريبات الإعلامية عن لقاء جمع رئيس مجلس السيادة السوداني، الفريق أول ركن عبدالفتاح البرهان مع مستشار الرئيس ترامب لشؤون الشرق الأوسط وأفريقيا مسعد بولس في العاصمة السويسرية جنيف تنتشر في وسائل التواصل الاجتماعي حتى تأكد الأمر من خلال مصادر متعددة، فصار خبرا بارزا في وسائل الإعلام المحلية والعالمية.
وعلى الرغم من أنه لم يخرج أي مسؤول من الطرفين حتى كتابة هذا المقال بعد مرور أكثر من خمسة أيام ليؤكد الأمر بشكل رسمي، إلا أن ما تسرب من عناوين يؤكد أن اللقاء انعقد على خلفية تلقي البرهان مقترحا أميركيا لوقف الحرب في السودان، وفق خطة متعددة المراحل والخطوات، تبدأ بوقف شامل لإطلاق النار، ثم السماح بدخول المساعدات الإنسانية للمناطق المحتاجة، وفي مقدمتها عاصمة ولاية شمال دارفور، مدينة الفاشر، المحاصرة من قبل مليشيا الدعم السريع قبل أكثر من عام.
وبعد ذلك يتم البحث عن الخيارات السياسية لتسوية الأزمة، بما في ذلك استعادة المسار المدني للانتقال الديمقراطي، والنظر في كيفية تحقيق الحد الأدنى من التوافق بين التيارات المختلفة في توجهاتها السياسية ومواقفها من الحرب السودانية.
وفي ظل التعتيم الإعلامي على تفاصيل النقاشات التي تمت في اللقاء، كان بارزا تداول موقف الفريق البرهان بعدم إمكانية قبول أي مستقبل لمليشيا الدعم السريع في العملية السياسية، ويمكن فهم ذلك الموقف من خلال التأكيد على أن الدعم السريع هي قوات مساندة قامت بالتمرد على الجيش.
وبالتالي فإنه لا يحق لها التفاوض حول أي أجندة سياسية، وإنما يجب أن يقتصر التحدث معها حول قضايا عسكرية تتصل بالدمج والتسريح ومحاسبة قيادتها على التمرد والجرائم المرتكبة بحق المدنيين السودانيين، وهو الموقف الذي ظلت تكرره القيادة السودانية منذ إعلان جدة الشهير، الذي تم التوقيع عليه بعد شهر واحد من اندلاع الحرب قبل أكثر من سنتين.
ولكن، وبما أن مليشيا الدعم السريع لم تلتزم بأي من بنوده مدفوعة وقتها بوهم تفوقها الميداني، فإن القيادة السودانية تريد التذكير بمحتوى ذلك الإعلان، الذي سبق أن وقعت عليه المليشيا بوساطة من الولايات المتحدة الأميركية، والمملكة العربية السعودية.
مواقف دولية جديدة من الأزمة
جاء اجتماع جنيف بعد أسبوعين على تأجيل اجتماع الرباعية الدولية، التي تضم الولايات المتحدة، المملكة العربية السعودية، مصر، والإمارات العربية المتحدة، والذي كان منتظرا أن ينعقد في العاصمة الأميركية واشنطن دون مشاركة الأطراف السودانية، للبحث في مقترحات تؤدي لوقف الحرب.
وراج وقتها أن تأجيل الاجتماع جاء على خلفية خلافات في وجهات النظر بين وزير الخارجية الأميركي، ماركو روبيو، الذي يتبنى مقترحا بتوسيع الرباعية الدولية لتشمل الاتحاد الأوروبي ودولا مثل قطر، وذلك من أجل بناء مقترحات دولية توافقية لوقف الحرب، بينما يصر مستشار ترامب، مسعد بولس، على أن يقتصر الأمر في هذه المرحلة على دول الرباعية، خاصة أن هناك تباينا في الرؤى بين بعض أعضائها في النظر لمكونات الحرب في السودان.
ولم توضح الخارجية الأميركية الأسباب التي دعتها لتأجيل ذلك الاجتماع، الذي كان الإعداد له على مستوى عالٍ من التنسيق والتشاور بين الدول المعنية، ولكن السفير المصري في واشنطن قال في تصريح مقتضب: "إن الاجتماع سيلتئم في سبتمبر/أيلول المقبل".
وقد سبق هذا التطور موقف جديد للاتحاد الأفريقي، الذي جمد عضوية السودان منذ أكتوبر/تشرين الأول 2021، بعد قرارات قائد الجيش عبدالفتاح البرهان بحل حكومة الدكتور عبدالله حمدوك.
ففي مايو/أيار الماضي، رحب الاتحاد الأفريقي رسميا بتعيين الدكتور كامل إدريس رئيسا للوزراء في السودان، معتبرا ذلك: "تقدما مهما نحو تحقيق الحوكمة الشاملة واستعادة النظام الدستوري والحكم الديمقراطي في البلاد".
وقال رئيس مفوضية الاتحاد الأفريقي، محمود علي يوسف، إن الاتحاد الأفريقي ملتزم بتقديم الدعم اللازم بالتنسيق مع الشركاء الإقليميين والدوليين للحفاظ على وحدة السودان واستقراره.
وجاء الموقف الأقوى من ذلك في بيان مجلس السلم والأمن الأفريقي الصادر في يوليو/تموز الماضي، حيث أدان بشكل واضح مساعي مليشيا الدعم السريع لتكوين حكومة موازية في السودان، ودعا المجتمع الدولي: "إلى عدم الاعتراف بالحكومة الموازية المزعومة أو تقديم أي دعم لها".
وهو الموقف الذي تبنته المملكة العربية السعودية عبر بيان خارجيتها، الذي قال: "تعرب وزارة الخارجية عن رفض المملكة العربية السعودية لأي خطوات أو إجراءات غير شرعية تتم خارج إطار عمل المؤسسات الرسمية لجمهورية السودان، قد تمس وحدته ولا تعبر عن إرادة شعبه".
أما جمهورية مصر العربية، فقد كان رد فعلها مؤكدا لمواقف مصر الثابتة في دعم الدولة السودانية، حيث عبرت بوضوح في بيان خارجيتها بأن: "تشكيل حكومة موازية يعقد المشهد في السودان".
وفي 12 أغسطس/آب الجاري، قال أعضاء مجلس الأمن الدولي إنهم: "يرفضون الإعلان عن إنشاء سلطة حكم موازية في المناطق التي تسيطر عليها قوات الدعم السريع".
توقعات المستقبل
شكلت تلك المواقف الإقليمية والدولية الداعمة للحكومة السودانية والرافضة لتأسيس أي سلطة موازية ضربة قوية لمشروع مليشيا الدعم السريع وداعميها الإقليميين، إذ كانت المليشيا تأمل أن تنجح في إسقاط مدينة الفاشر، عاصمة دارفور، لتكون حكومة أمر واقع في الإقليم.
ولكن صمود أهل الفاشر، والتضحيات النادرة التي ظل يقدمها أبطال القوات المسلحة والقوات المشتركة التي تقاتل تحت راية الجيش، أفشلا ذلك المخطط.
ففي الأسبوع الماضي، حشدت المليشيا الجنود والعتاد، الذي كان قوامه 543 عربة مسلحة، لتنفيذ هجومها رقم (227) ضد المدينة المحاصرة منذ أكثر من 400 يوم، ولكن، وبفضل بسالة القوات المسلحة والقوات المشتركة، فشل ذلك الهجوم، الأكبر من نوعه منذ شهور.
وبعد هذا الفشل، والمواقف الدولية المنددة بانتهاكاتها المتواصلة، والتي كان آخرها تصريح مستشار ترامب، مسعد بولس، والذي جاء بعد لقائه البرهان، حيث أعرب عن صدمته من الوضع المروع في الفاشر، وما تتسبب فيه المليشيا من مآسٍ جراء حصارها المدينة، بعد كل هذه المواقف، فإنه بات واضحا أن مشروع المليشيا السياسي ليس له مستقبل، ولكن يبقى التساؤل المهم: كيف يمكن تصور وقف الحرب على ضوء التحركات الأميركية الأخيرة؟
على المستوى العسكري، تثور أسئلة كثيرة حول وقف إطلاق النار المقترح بغرض التفاوض حول مستقبل العملية السياسية في البلاد.
فبغض النظر عن موقف الجيش والقوى الوطنية التي تصطف خلفه من رفض قاطع أي تفاوض مع مليشيا الدعم السريع حول أجندة سياسية، هناك شكوك حول قدرة المليشيا ورغبتها في الدخول في عملية جادة لوقف إطلاق النار، إذ ستعمل على استثمار أي هدنة لإعادة بناء منظومتها القيادية وترتيب قواتها، خاصة في ظل تواصل تدفق الدعم العسكري الكبير، كما حدث في تجارب سابقة معها إبان معارك تحرير الخرطوم.
ومن ناحية أخرى، لا يُتصور قبول الجيش بشرعنة بقاء المليشيا في المناطق التي تحتلها حاليا في كردفان وإقليم دارفور، لأن ذلك يعني عمليا الاعتراف بالأمر الواقع الذي تريد فرضه المليشيا، وستعمل على ترسيخ سلطتها هناك بالحديد والنار، من خلال تغيير الواقع الديمغرافي عبر التهجير، واستقدام قادمين جدد من خارج البلاد، من الحاضنة القبلية التي تدعم التمرد وتقاتل تحت رايته.
كما أن بقاء المليشيا في المناطق التي تحتلها يعني استمرار معاناة المدنيين الذين هجرتهم المليشيا من بيوتهم. والأمر كذلك، فإنه يمكن فهم تصريح البرهان بعد لقائه مستشار ترامب بأن الخيار المتاح للمليشيا هو الإذعان لسلطة الدولة، والكف عن الانتهاكات التي تقوم بها حاليا، حيث إن ذلك لن يحقق لها أيا من طموحاتها المتهورة.
ومن ناحية أخرى، فإن البرهان أراد التأكيد على أن الحكومة، التي حققت انتصارات عسكرية مهمة رغم الدعم الإقليمي الثقيل للمليشيا، وأتبعتها بخطوات سياسية بدأت بتكوين الحكومة المدنية، والشروع في تبني برامج لعودة النازحين واللاجئين إلى بيوتهم في العاصمة الخرطوم، وانطلاق برامج الإعمار في الولايات المحررة، لن تسمح لأي قوى سياسية أو مسلحة أن تفرض على السودانيين حلولا لا تلبي طموحاتهم وتعبر عن أشواقهم.
وعلى كل، فإن سعي الإدارة الأميركية للقاء المباشر مع البرهان، يعني أنها تتفهم المواقف السودانية، وتريد أن تستوعبها ضمن المقترحات المستقبلية لضمان نجاح أي مسعى يعمل على بناء مشروع متوافق عليه لإنهاء الحرب في السودان.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.