تحكي الطرفة أن رجلاً كان متخاصماً مع أخيه،فذهب إلى المحكمة شاكياً، ووقف أمام كاتب العرائض الذي استمع إلى حكايته وصاغها قانونياً ،ثم عرضها عليه. وما إن قرأها حتى بكى ،فسأله (كاتب العرائض ): مالذي يبكيك؟ فأجاب الرجل: ماكنت مفتكر أخوي ظالمني قدر كده. ماحدث ان الأستاذ الصحفي محمد عبدالقادر ،المستشار الإعلامي لرئيس مجلس الوزراء ،قد نشر تصريحاً عن نتائج زيارة رئيس الوزراء الدكتور كامل إدريس إلى نيويورك لإلقاء خطاب أمام الأممالمتحدة . جاء في ماخطّه محمد الآتي : " إن زيارة رئيس الوزراء إلى الولاياتةالمتحدةالأمريكية لا تتضمن أية ترتيبات لحوار مع وفد إماراتي بشأن تطورات الحرب والسلام في السودان. الزيارة التى ستنتهي اليوم الثلاثاء ركزت على مشاورات داخل الأممالمتحدة حول دعم جهود السلام، وتعزيز التعاون بشأن الملفات الإنسانية، وتخفيف اثار الحرب. د. كامل التقى أمس الاثنين رئيس مجلس الأمن صمويل زويغار، وأحاطه علماًبجهود الحكومة السودانية للإنهاء د. كامل سيلتقي اليوم السيدة أمينة محمد، نائبة الأمين العام للأمم المتحدة المسؤولة عن تنفيذ أهداف التنمية المستدامة إدريس سيجري ظهر اليوم ،بتوقيت الولاياتالمتحدة، مقابلة مع شبكة "سي ان أن) الأمريكية". انتهى تصريح محمد. وأنا على قناعة أن رئيس الوزراء قال في نفسه: (بالله أنا عملت ده كلو؟) على وزن الطرفة :(بالله أنا مظلوم قدر كده). وحين تقرأ تصريح محمد تتبين لماذا تم اختياره مستشاراً إعلامياُ؛ انها واحدة من مهاراته :القدرة على صنع الشربات من الفسيخ ،وهي واحدة من أدوات الصحفي الذكي( فن صناعة الخبر)، وقديماً قيل إن الصحافة هي أن تصنع من الحبة قبة . ورغم اجتهاد عبدالقادر الواضح لإخراج زيارة رئيس الوزراء في حُلة زاهية، إلا أن الحقيقة تفرض نفسها وتوضح فشل الزيارة فشلاً مريعاً ، وإليك ماحدث عزيزي القاريء: كان من المقرر أن يلتقي رئيس الوزراء مع وفد إماراتي بقيادة شخبوط، وتحت رعاية أمريكية ، وقد كتبنا عنه قبل إعلان زيارة رئيس الوزراء ،وحددنا التاريخ و أعضاء الوفد ،وهو ماحدث بالفعل ؛سافر رئيس الوزراء في نفس التاريخ و بنفس الوفد الذي ذكرناه، وإلى نيويورك . حين افتضح الأمر اضطرب مكتب رئيس الوزراء وفي محاولة للملمة الموضوع تمت مخاطبة السفير الحارث ب :"شوف لينا مؤتمر صحفي في الأممالمتحدة" ، لم نسمع بهذا لافي الأولين ولا في الآخرين . أسقط في يد الحارث ،الذي هرول يمنة ويسرى في محاولة لتعبئة القاعة الفارغة، فالجميع في إجازات سنوية بمناسبة عطلة الكريسماس ،بما فيهم الأمين العام للأمم المتحدة نفسه . حتى وصول رئيس الوزراء إلى إسطنبول كان انعقاد الاجتماع "بين بين" فليس من السهولة عقد اجتماع في الأممالمتحدة، والذي لم تدعُ له المنظمة العالمية، إنما طلبه دولة رئيس وزرائنا الحفيان. كانت النتيجة: قاعة فارغة ، غياب الأمين العام ، غياب رؤساء البعثات ، حضور ضعيف ، خطاب باهت لم يأتٍ بسطر واحد عن دولة الأمارات، وهذا مايؤيد ماذهبنا إليه؛ فالرجل مسافر للتفاوض، وبالتالي لا يمكن أن يذكر بسوء المفاوض معه، والنتيجة كارثة دبلوماسية. لاحقا طلب رئيس الوزراء لقاءً مع وزير الخارجية الأمريكي، وأخبروه أن ذلك صعب، فتأشيرته السنوية متعددة الدخول، تخّوله التحرك في مساحة عدد من الكيلومترات حول مقر الأممالمتحدة في نيويورك وليس السفر إلى واشنطن . خارج السور: لا يصلح العطار ما أفسده الدهر ، ولن تُصلح الصياغة المثالية والخبر "المكّرب" فضيحة مسرح العرائس في الأممالمتحدة.