* إلحاقاُ لمقال الأمس الذي جاء بعنوان (علماء السوء.. كيف تكون الطاعة؟)؛ أفرد المساحة التالية لذات الموضوع دون تكرار لأسئلة سلفت حول (طاعة الحاكم) وجّهناها للعلماء الحقيقيين؛ وها نحن نوجِّه طائفة أخرى..! كان باستطاعتنا إظهار العنوان ذاته (بحدة) فيكون: (علماء السوء.. كيف تجوز طاعة الكذاب؟) لكن القارئ فطِن..! هذا العنوان بدون الإجابة عليه كافياً لفضح شراذم يتصدرون المشهد دعماً لكل طاغية مرفوض مبغوض..! كما أنوّه لردود بعض الأعزاء على (الشبكة العنكبوتية) فهي تغنينا عن مقال اليوم لولا الوعد؛ وربما نتطرق لها لاحقاً..! * ثمة متسع من الوقت للعودة متى شئنا في مزيد من الإضاءات عن هرطقات (الأرزقية) ومراميها تجاه طاعة الحاكم؛ مقرونة ببعض الحجج التي يتيسَّر دحضها بنصوص الكتاب والسنة. * قال تعالى: (يا أيها الذين آمنوا أطِيعوا اللَّه وَأطيعوا الرَّسول وأُولي الأَمرِ منكُمْ فإِن تنازعْتُمْ في شيءٍ فرُدُّوهُ إلى اللَّهِ والرَّسُولِ إن كُنتُمْ تُؤمِنون باللَّهِ واليومِ الآخرِ ذلك خيرٌ وَأَحْسَنُ تأْوِيلا). صدق الله العظيم. * جاء في تفسير بعض العارفين ومنهم (الحسن البصري) بأن أولي الأمر مقصود بها العلماء؛ ولا يمكن أن يتفق أهل المعرفة والتقى على كون المقصود هنا (علماء السلطان!!).. ثم.. الآية الكريمة أبانت بأن نرد الشيء الذي نتنازع فيه إلى الكتاب والسنة (الله الرسول).. وصلى الله عليه وسلم يقول: (من أطاعني فقد أطاع الله، ومن عصاني فقد عصا الله، ومن أطاع أميري فقد أطاعني، ومن عصا أميري فقد عصاني).. وبعيداً عن صحة أو ضعف الروايات الواردة في أحاديث عديدة يتكئ عليها علماء السلطان حول الطاعة؛ نقول بالمطلق إن طاعة الرسول لا جدال حولها؛ ونجده قد خصَّ (أمرائه!)؛ فلا جدال حولهم أيضاً إلاّ بالحسنى؛ سواء اتفقنا بصحة بعض الأحاديث أو لم نتفق.. وتعالوا نتبين حكمته من التدرج؛ فحينما ذكر الرسول (أمرائه) لم يربط عصيانهم بعصيان الله (هذه ملاحظة).. فهل تعني طاعة الرسول وامرائه (المعنيين) أن نطيع كل من هبّ ودبّ من (أمراء الألفية الجديدة)؟! ثم أن معرفتنا بماهية (الأمير) أو الحاكم تدلنا على شرط مهم ينبغي توفره لكى نعتمده ولِيّاً علينا؛ هذا الشرط هو (المبايعة) رغم أنها ليست ملزمة للطاعة في جميع الأحوال (تتعدد الأمثلة)..! والنبي محمد صلى الله عليه وسلم (قدوتنا) لم يفرض نفسه بالقوة..! فإذا لم يبايِع الشعب هذا الحاكم أو ذاك بيقين أنه لا يصلح البته في أمور الدين والدنيا؛ فهل يُكرَه الشعب على طاعته (بالقوة)؟! والله تعالى يقول: (لا إكراه في الدين) ناهيك عن الإكراه في غيره..! (أنظر إلى تفسير الطبري أو ابن كثير للآية 256 من سورة البقرة) للفائدة.. وقبل أن تنظر للمفسرين (حَكِّمْ دماغك)..!! * ثانياً: ما بلغنا من عهد الرسول صلى الله وسلم وخلفائه الكرام في مسائل الإمارة والطاعة؛ هل يجوز إسقاطه على حاضرنا الذي يحكم فيه البعض بالقتل والتجبُّر والربا والإرهاب.. الخ؟! ثالثاً: قال الله تعالى: (ولو كنت فظاً غليظ القلبِ لانفضوا من حولك). * الآية موجهة لخير من وطأ الثرى (محمد صلى الله عليه وسلم)؛ وخطابها واضح في بلاغته.. فالله حين خاطب رسوله هكذا كان يعلم أن الفظاظة كفيلة بعصيان الناس ونفورهم ممن يبديها؛ فماذا يفهم أولي الألباب حينما يكون المخاطب نبينا المعصوم؟! قال بعض أهل التفسير إن المعنيين في الآية هم الصحابة رضوان الله عليهم.. ولتقريب المعنى ببساطة وتخفيف؛ فإن الله يقول لرسوله: "لو كنت قاسياً على أصحابك لابتعدوا عنك".. فإذا كان الصحابة بجلالهم يمكن أن تفضّهم الغِلظة؛ فماذا تفعل الأخيرة في عامة الخلق؟! (بعض المفسرين توسعوا في شرح الآية). * بالقياس على ما ورد والتمعُّن في أن الدين "المعاملة" نتساءل: أليست الغلظة على الرعاة من مستوجبات الخروج على الراعي؟! فالراعي الذي أعنيه لا هو (رسول كريم) ولا هو (صحابي جليل) ولا من (التابعين الأماجد)..! * الخلاصة يا أيها الناس إن إطاعة الحاكم من عدمها مسألة (اجتهادية) تتوقف على (عقلك) وكل ما ينتجه العقل في الفتاوى هو (رأي) والأخير ليس مقدساً.. فلا تستفتي أيها القارئ في مسألة توزنها بفطرتك (ضرراً) مع مراعاة (من هو الحاكم… وكيف يحكم؟) ورأيي الخاص هذا غير ملزم لأحد بالتأكيد؛ مع الآراء المتفقة معه..! فمن قال لكم كيفما اتفق إن الخروج على الحاكم حرام؛ فإنما يريد تضليلكم و(نسفكم) من أجل مَغنمِه (الشواهد بلا حصر لو نظرنا إلى الراهن!!) وقد أوردنا بعض ما يشير إليها أو ينبئ بها من خلال المقال السابق.. فلو كان الإسلام يقوي شوكة للطغيان و(يمكِّن) للمشقة على الرعية لما سادت رسالته العظيمة..! إن آفة الجهل في انصياع البشر لعلماء السوء؛ علماً بأن هؤلاء أشد خطراً على البرية من السلطان الجائر نفسه..!! أعوذ بالله الجريدة