إن مستقبل الصحافة في بلادنا ليس شأنا خاصاً بالصحفيين وحدهم وإنما هو هم قومي يستوجب الإهتمام الرسمي والخاص، خاصة في ظل المهددات الاقتصادية والسياسية والأمنية التي تؤثر بصورة ملموسة على مستقبل هذه المهنة الرسالة. كان المنتدى الشهري الذي عقد بقاعة الشهيد الزبير الخميس الماضي تحت مظلة المجلس القومي للصحافة والمطبوعات فرصة لتشريح الوضع القائم الذي يعاني منه الصحفيون والمؤسسات الصحفية نفسها وكان الأستاذ عادل الباز واضحاً عندما أشار إلى بعض أوجاع الصحافة والصحفيين. *صحيح حدثت بعض المخاشنات اللفظية وبعض الاتهامات بين أضلاع العملية الصحفية إلا انها كانت ضرورية لوضع خارطة طريق للإصلاح المنشود الذي يستوجب المراجعة الشاملة والمزيد من الدراسة والتفاكر لتأمين مستقبل الصحفيين والصحافة. مع تقديرنا واحترامنا لحقوق الناشرين وتطلعاتهم المشروعة في بناء مؤسسات صحفية إلا أننا نرى أن كثرة الصحف وحدها ليست ظاهرة صحية وهي شبيهة بكثرة الأحزاب التي هي أيضاً ليست ظاهرة صحية، وإذا تركت الصحف لانتخاب القارئ وحده ستتساقط مثل تلك التي تساقطت ذاتياً. للأسف أيضاً حدث تراجع في الأداء المهني في زحمة اللهاث لإرضاء القارئ بدلاً من محاولة إستمالة القارئ نحو آفاق أرحب فغلبت الإثارة باسم الابداع وزادت جرعة المنوعات والتسلية على حساب الأعمال التحريرية الرصينة التي تستهدف قضايا الوطن والمواطنين. ما طرحته وزيرة الدولة بوزارة الإعلام الأستاذة سناء حمد خاصة فيما يتعلق بالعلاقة المتوترة بين الحكومة والصحف يحتاج إلى تنزيل عملي لتنقية المناخ الصحفي وترقية الأداء المهني وقيام مؤسسات صحفية قوية تطرح “العوجات” الموجودة في المجتمع, وأن المطلوب بالفعل صحافة قوية وأحزاب قوية وهذا يتطلب تعزيز مناخ الحريات وعدم ملاحقة الصحفيين وتجريمهم سياسياً وننتهز هذه الفرصة لنجدد دعوتنا للأفراج عن الصحفيين المحبوسين والمعتقلين وفي مقدمتهم أباذر والسبكي بل وإطلاق سراح المحبوسين والمعتقلين السياسيين وفي مقدمتهم الشيخ الدكتور حسن الترابي. إننا أيضاً نمد يدنا بيضاء نحو كل سعي للإصلاح الإعلامي والصحفي، ونرى أن تبدأ المؤسسات الصحفية نفسها بمراجعة شاملة لأوضاعها والتفكير في مخارج عملية ومهنية تضمن نجاحها واستمرارها وتفي بحقوق الصحفيين والعاملين بشكل يحفظ كرامتهم وكرامة أسرهم. إن الصحافة هي رئة الشعب التي يتنفس عبرها هي ذاتها في حاجة لمتنفس صحي.