مقدمة: ****** (أ)- يعتبر هذا العام الحالي 2017 بكل المقاييس ، من أسوأ الاعوام في تاريخ العلاقات السودانية علي مدي واحد وستين عام – اي منذ حصول السودان علي الاستقلال حتي اليوم ، عام ملئ بمواقف امريكية كثيرة سالبة لم تعرف البلاد لها مثيل من قبل، جاءت اولي البلايا والرزايا تمامآ في نفس شهر تنصيب الرئيس دونالد ترامب رئيسآ علي امريكا في يوم الجمعة 20 يناير الماضي في هذا العام الحالي. (ب)- ***- دخل ترامب وقد تابط شرآ بالسودان، وكانت اولي قراراته بعد ثمانية ايام من تنصيبه، منع مواطني سبع دول اسلامية من دخول الاراضي الامريكية، وشاء الحظ التعس، ان كان السودان واحد من هذه الدول!! (ج)- ***- بعدها اصدر ترامب قرار اخر، قلص فيه عدد الدول واصبحت ستة، ولم يستثني السودان كما استثني العراق رغم المناشدات التي تلقاها من الحكومة السودانية، بل وامعانآ في زيادة المحن علي نظام الخرطوم اصدر ترامب قرار بمنع رعايا الدول الست من دخول الي امريكا حتي وان كانوا قد تحصلوا علي اقامات سارية المفعول!! (د)- ***- في هذه المقالة اليوم، لست بصدد رصد البلايا والرزايا التي انهمرت كالمطر علي رأس النظام الحاكم في الخرطوم خلال السبعة شهور الماضية ، والتي كانت اخرها رفض ترامب رفع العقوبات الاقتصادية المفروضة علي السودان منذ عام 1997، وأرجأ ترامب البت في قرار رفع العقوبات بشكل دائم بعد ثلاثة أشهر تنتهي في يوم 12 اكتوبر القادم، وجاء في بيان البيت الابيض إن "رفع هذه العقوبات سوف يتم تأجيله بهدف تشجيع حكومة السودان على الحفاظ على جهودها المبذولة بشأن حقوق الإنسان ومكافحة الإرهاب"، وقالت الخارجية في بيان لها إن البت في قرار رفع العقوبات أرجئ لثلاثة أشهر للتأكد من أن السودان قد عالج بشكل تام مخاوف واشنطن في هذا الصدد. ***- لكن بصدد الكتابة عن الذكري التاسعة عشر علي قصف امريكا مصنع الشفاء للادوية في الخرطوم بحري، ذكري المناسبة ستكون غدآ الاحد 20 اغسطس الحالي. المدخل الاول: *********** (أ)- الي بنات واولاد وشباب الجيل الجديد الذين لم يعاصروا هذا الحدث الكبير، ايضآ الي الذين نسيوا الحادث، اعيد في عجالة قصة القصف الامريكي. (ب)- شيد مصنع الشفاء للأدوية في الخرطوم بحري، السودان، بين عامي 1992 و1996، المكونات مستوردة من الولاياتالمتحدة والسويد وإيطاليا وسويسرا وألمانيا والهند وتايلاند. افتتح رسميا يوم 12 يوليو، 1997. كان المجمع الصناعي يتألف من أربعة مبان. كان أكبر مصنع للأدوية في الخرطوم ويعمل به أكثر من 300 عامل، و ينتج الدواء على حد سواء للاستخدام البشري والبيطري. (ج)- ***- في يوم 20 أغسطس عام 1998 ، تم تدمير المصنع في ضربات صواريخ "كروز" التي أطلقها الجيش الأمريكي زاعما أنها انتقاما لتفجيرات 7 أغسطس بشاحنة على سفاراته في دار السلام، تنزانيا، و نيروبي، كينيا . إدارة الرئيس بيل كلينتون بررت الهجمات، وأطلقت عليها اسم عملية الوصول المطلق، على اعتبار أن مصنع الشفاء متورط بتجهيز غاز الأعصاب "VX" القاتل، وان لدى المالكين روابط مع جماعة تنظيم القاعدة و أسامة بن لادن، الذي كان يعتقد أنه وراء تفجيرات السفارة وعملية "بوجينكا". ضربت القوات الأمريكية في 20 أغسطس أيضا معسكرات "القاعدة" في أفغانستان، حيث أبن لادن قد انتقل اليها في مايو 1996 بعد طرده من السودان ́.أثبتت السنوات اللاحقة كذب الإدارة الأمريكية بخصوص مصنع الأدوية و أن ليس هناك صلة بين المصنع و غاز الأعصاب، وحتي اليوم ترفض الإدارة الأمريكية الإعتذار وتعويض صاحب المصنع!! (د)- ***- رفض الرئيس السابق بيل كلينتون وقتها ان يعتذر عن الاعتداء وقصف المصنع السوداني، ورفضوا ايضآ كل الرؤساء الاميريكان الذين جاءوا بعده. المدخل الثاني: *********** (أ)- فجأة وبدون سابق انذار، وبعد سكوت سنوات طويلة من القصف الامريكي، ظهرت عدة مقالات في الصحف المحلية ، واخبار افادت ان حكومة الولاياتالمتحدة قد قامت بتعويض صلاح ادريس مالك المصنع مبلغ اربعة مليارات دولار!!، وكانت جريدة "الصحافة" المحلية، قد نشرت خبر مفاده، ان (المحكمة الفيدرالية الأمريكية العليا اصدرت قرار بتعويض رجل الأعمال صلاح إدريس «4» مليارات دولار جراء تعرض مصنع الشفاء الذي يملكه الى قصف من وزارة الدفاع الأمريكية «البنتاجون» في العشرين من أغسطس 1998م)!!…سارع صلاح ادريس بنفي الخبر!! (ب)- ***- الشيء الملفت للنظر، ان توقيت نشر اخبار مصنع الشفاء قد تزامن تمامآ مع قرار المحكمة الامريكية الزام السودان دفع مبلغ سبعة مليار دولار، جاءت الاخبار في يوم 29 يوليو 2017 وافادت: ( أيدت محكمة استئناف اتحادية امريكية يوم الجمعة الحكم الصادر من محكمة ادنى ضد السودان والقاضي بتعويض عائلات ضحايا تفجيرات سفارتي الولاياتالمتحدة في نيروبيبكينيا ودار السلام بتنزانيا مبلغ 7،3 مليار دولار، واعتمدت المحكمة شهادة شهود خبراء الذين قالوا ان السودان استمر في تقديم الدعم والايواء لتنظيم القاعدة بقيادة اسامة بن لادن الذي نفذ الهجمات على السفارتين و التي اسفرت عن مقتل 200 شخص بينهم 12 اميركيا العام 1998، ورفضت محكمة الاستئناف دفوع حكومة السودان ضد الحكم بأن المحكمة استندت على أدلة "غير مقبولة" في قرارها النهائي. كما ان الحكم يتعارض مع قانون الحصانة السيادية الأجنبية للدول. وكان القضاء الامريكي انتقد في وقت سابق تعامل الحكومة السودانية مع القضية التي عقدت اولى جلساتها العام 2011 حيث أنها عينت محام غاب عن الجلسات فضلاً عن عدم اهتمامها بالرد على الاتهامات رغم ترجمتها وإرسالها عبر القنوات الدبلوماسية للخرطوم. وقال القاضي بيتس الذي اصدر حكما ابتدائيا العام الماضي ان السودان استعان بمحامٍ أمريكي للدفاع في الجلسات الأولى ولكن الغريب في الأمر أن السودان توقف عن حضور الجلسات وتجاهل القضية كلياً بعد ذلك، و عبر القاضي عن دهشته البالغة لظهور السودان بعد شهر من الأحكام، وعن دهشته الأكبر لمطالبة السودان بإلغاء تلك الأحكام). -(انتهي الخبر)- (ج)- ***- المضحك في الامر الي حد الاستلقاء علي القفا، ان وزير الخارجية ابراهيم قندور، بدل ان يواصل مجهوداته عبر الطرق الرسمية والقانونية في الزام حكومة واشنطن دفع تعويض مالي لصاحب مصنع الشفاء بعد ان اثبتت االحقائق بالادلة القاطعة ان المصنع لم ينتج غاز الأعصاب "VX" القاتل، راح هذا الوزير بكل اريحية وصرح في تصريح صحفي، إن الخرطوم استعانت بمكتب محاماة أميركي تمكن من خفض الغرامة الى ملياري دولار!! (د)- ***- – طلبت الحكومة الاميريكية في عام 1998من حكومة الخرطوم كأمر نهائي غير قابل للنقاش بعدم ازعاجها في موضوع تعويضات المصنع السوداني!!، وبناء علي التهديد الامريكي الحازم سكت البشير وحزبه الحاكم عن ملاحقة اميريكا للحصول علي التعويضات، وتركت صاحب المصنع وحده في مواجهة القضاء الامريكي منذ عام 1998 حتي اليوم!! المدخل الثالث: ********* (أ)- ***- جاءت الاخبار في يوم الجمعة 28 يوليو 2017 وافادت ، ان عمر البشير خاطب حشد جماهيري بمناسبة افتتاحه جسر سوبا بمحلية شرق النيل، واكد في كلامه قدرة البلاد على الصمود في وجه الحصار والحظر الاقتصادي الذي وصفه بالجائر ، وقال ايضآ: «كلما ضايقونا بالحصار نرد عليهم بمشروع تنموي جديد»، ولفت ان السودان ظل صامداً طيلة العشرين عاماً الماضية رغم فرض العقوبات ولم تتوقف التنمية فيه ،وقطع بان السودان لن يرهن سيادته وقراره ولن ينكسر ابداً، وتابع « نحن رأسنا فوق ومافي زول بذلنا او يهيننا ». ***- لكن الغريب في الامر،، انه في نفس اليوم الذي القي فيه البشير خطابه، جاءت الاخبار وافادت، ان محكمة استئناف اتحادية في امريكا ايدت الحكم الصادر من محكمة ادنى ضد السودان والقاضي بتعويض عائلات ضحايا تفجيرات سفارتي الولاياتالمتحدة في نيروبيبكينيا ودار السلام بتنزانيا مبلغ 7،3 مليار دولار!!، فهل هي محض صدف ان صدر قرارمحكمة استئناف اتحادية بتاييد الحكم ضد السودان في نفس يوم القاء البشير خطابه وتحدي فيه امريكا وحصارها؟!!..ام جاء القرار الامريكي ردآ علي خطاب البشير؟!!…ولماذا لم يصدر من قبل الا في هذا االتوقيت؟!! (ب)- ***- غدآ الاحد 20 اغسطس 2017 والذكري التاسعة عشر علي قصف مصنع الشفاء، وهي مناسبة قد لا تجد لها مكانة في الصحف المحلية خوفآ من ازعاج ترامب الذي مازال يفكر في رفع العقوبات، وان اي (شوشرة) في الخرطوم قد (تعكنن) واشنطن وينقلب كل شيء رأسآ علي عقب!! (ج)- ***- "Hard Luck" صلاح إدريس، لا امريكا عوضتك!!، ولا المؤتمر الوطني ساندك!!، والحكومة عملت بالمثل المعروف: " الباب البجيب سده واستريح"!! [email protected]