في عام 1977 خان الأخوان المسلمون بزعامة الترابي رصفاءهم في الجبهة الوطنية وصالحوا النميري،قبل أن يصالحه الصادق والميرغني،بينما تمسك الهندي بموقفه المعارض..ولما اكتشف من دخلوا المصالحة الوطنية أنها لم تستطع تغيير النظام(سلمياً)عادوا للمعارضة بينما تغلغل الأخوان في مفاصل النظام الديكتاتوري وشاركوه جرائمه ومن ضمنها ترحيل الفلاشا. ولما توالت إضرابات العمال والمهنيين بعد زيادات السكر في 1982،وصعدت الحركة الجماهيرية مع اشتداد الأزمة الإقتصادية،جاء الأخوان بقوانين سبتمبر 1983،لتأديب المعارضة وضمان بقاء النظام،وقتلوا الشهيد محمود محمد طه لهذا الغرض،وصلبوا وأعدموا آخرين،وجعلوا محاكم الطوارئ أداة البطش بالشعب. وسقط النميري،ولكنهم لم يعاقبوا- ولم يأخذ الشعب بثأره منهم ومن النظام المايوي لاعتبارات لا يتسع لها هذا الحيز،واتسع نفوذهم الإقتصادي وقاعدته البنوك الإسلامية ،و ظلوا يحركون خيوط المجلس الإنتقالي،مستغلين ضعف حكومة التجمع النقابي،ومن وراء الستار فرضوا قانونهم الإنتخابي،الذي مكنهم-بالإضافة للتزوير-من الحصول على 51 مقعداً في الجمعية التأسيسية من مجموع 350 ..فحفروا للتعددية والإنتفاضة قبرها بعد أقل من 4 سنوات،عن طريق الإنقلاب العسكري. وطوال السنوات اللاحقة سفكوا الدماء،وفصلوا المدنيين والعسكريين،وحطموا الخدمة المدنية،والقطاعات الإنتاجية،وأشعلوا الحروب بالجنوب حتى انفصل،ثم اتجهوا لدارفور والمنطقتين وشنوا أسوأ حرب عنصرية في تاريخ السودان الحديث. واختلفوا(وطني وشعبي)على السلطة والنفوذ،ومن يتغدى بالآخر قبل أن يتعشى به،ثم قفز الشعبي من سفينة المعارضة حالما لوح له الوطني بكراسي السلطة،وصار سمساراً يروج لحوار الوطني،وانتهت لعبة الحوار كما هي عليه الآن وأكثرية الشعب مع المعارضة،بينما النظام لا يخرج من أزمة إلا ويقع في أخرى..ولم ينفع رفع العقوبات الأمريكية،ولا ريالات السعودية وقطر،في التخفيف من الأزمة المعقدة،كما لم تنجح تكتيكاتهم السياسية في شق الصف المعارض. الآن تخرج مبادرة الشعبي،ولا فرق بينه والوطني،فهي إذن محاولة لضخ الروح في نظام متهالك،ظاهرها وقف الحرب وتوطيد السلام،وباطنها تثبيت دعائم النظام القائم وتطويل أمد الإنتفاضة الشعبية. وعن عمد يطوفون على الأحزاب المعارضة،وتتصدر الصحف أخبار المبادرة،كيما تغطي على أخبار الفساد والأزمة الاقتصادية وبيع السيادة الوطنية،بينما الحرب يشنها النظام،وهو المستفيد الأوحد منها،ليست حرباً في دارفور والمنطقتين،بل حرب على كل الشعب السوداني ودوننا التهجير والتجويع ونزع الأراضي،والإعتقال ومصادرة الحقوق،ونهب المال العام وغيره. حرفة الإسلاميين في السودان التي يجيدونها هي المؤامرات وأضف عليها الفساد والإنبطاح لأمريكا.. إنتهي وقت المناورات وهذا وقت الثورات،وإن ظنوا أن الشعب(نعجة) فإنهم واهمون،وإن كان هنالك ما نقوله فإن ليل الظلم يشارف على الإنتهاء،فلنعد العدة للمعركة الفاصلة..والجبان هو الذي سيهرب هذه المرة،لكن إلي أين؟ وكل سبتمبر والشعب السوداني بألف خير..عاشت ذكرى الشهداء . [email protected]