شهدت الفترة الماضية تغول سافر من الاجهزة الحكومية ومؤسساتها على آلاف الامتار من شوا طئ النيل ،و مساحات شاسعة اقامت عليها منشآت خاصة بها ، لعل ابرزها جهاز الأمن و السلطة القضائية ، حيث اقتطعت هذه الاجهزة مئآت الافدنة ، هذه الجهات التى يفترض فيها الحرص على اتباع الطرق القانونية لاقامة مثل هذه المنشآت ، و حفظ الحق العام فى استخدامها و تمكين الجمهور من ارتيادها ، عوضآ عن فقدانه ايرادات كبيرة كان يمكن ان تعود للخزينة العامة من المشاريع السياحية و الانشطة الترفيهية المفتوحة ، هذه الجهات الابرزالتى شيدت اندية علي جروف النيل الازرق في مساحات واسعة و ربما حولت ملكية الارض و ضمتها الى الاراضى الشاسعة التى امتلكتها ، بعد تجريف الارض و عمل عوازل مائية بمواد بلاستيكية و اسمنتية ، ويدور حديث عن حصول جهات حكومية عديدة على حقوق انتفاع فى اراضى متاخمة للنيل تنوى بناء اندية خاصة فيها ، هذا التغول ينطوي على استغلال النفوذ و السلطة ويصادر حق المواطن في هذا المرفق المشاع الملكية لتستاثر به طبقة او فئة معينة ويشكل سابقة تسمح للاخرين بالبناء على النيل ،فضلآ عن قيام الوزارات و المؤسسات الحكومية ببناء منشآت متعددة الطوابق بداخلها دون الرجوع للسلطات المختصة فى وزارة التخطيط العمرانى ، فى مخالفة واضحة للقانون و الدستور و استهتار بالممتلكات العامة و عدم اكتراث لحقوق الاجيال القادمة التى لم يبق لها شيئ ، الانهار والبحيرات في كل العالم تحظي برعاية الدول وتعتبر مرافق عامة للكل حق التمتع بمنظرها ولايسمح سوي باعمارها بالزراعة او المنشآت التى بطبيعتها تسمح باستقبال المواطنين و السواح ، ومع ذلك تكفل حقوق الارتفاق حق الدخول والوقوف على النهرفهل سيسمح رجال الامن والقضاة للمواطنين بمشاهدة النيل من خلال هذه القلاع التي يشيدونها. بالاضافة الى اهدار موارد ضخمة فى هذه المنشآت بلغت ملايين الدولارات ، بسبب استخدام تقنية مكلفة لعزل المبانى من التسرب المائى ، فى بلاد بلغت نسبة الفقر فيها فوق (90%) ، لدرجة ان يقتل الناس بعضهم بعضآ بسبب (غنماية ) على حد قول السيد رئيس الجمهورية خلال مخاطباته فى دارفور، نهر النيل العظيم ، نهر من الجنة ، وهو احد الموارد الطبيعية التي يجب ان تستغلهاالدولة بطريقة مثلي وان لاتسمح باي عمل من شانه ان يؤثر بالسلب عليها وفقآ للدستور الانتقالى المادة (11) ( لاهل السودان الحق فى بيئة طبيعية و نظيفة و متنوعة و تحافظ الدولة و المواطنون على التنوع الحيوى فى البلاد و ترعاه و تطوره ) ،وعليه فمن غير المقبول ان تستخدم اقوى اجهزة الدولة نفوذها و سلطانها للحصول على الارض بهذه الطريقة ، و حرمان بقية فئات الشعب من ارتياد هذه الاماكن ، و تفويض فرص استثمارية تعود بالنفع على سائر المواطنين ، ذهبت بغشامة شديدة للتقديم لاحد ابناء الاسرة فى احدى الجامعات التى تتبع لجهة نظامية ، قابلنى بظرف موظف العلاقات العامة ، و قال لى انتوا ملكية ، احضرلنا بعد الانتهاء من قبول ابناء النظاميين ، نحن لا نحسدهم على التمتع هم و ابنائهم باموال الشعب ، و لكنهم اسرفوا على انفسهم ، تعليمهم خاص ، و علاجهم خاص ، و ترفيههم خاص ، و يعتمرون و يحجون على نفقة الشعب ، و تركونا نلهث بين مدرسة حكومية خاوية على عروشها ،و مدرسة خاصة لمن استطاع اليها سبيلآ، تركونا بين مستشفيات مامون حميدة البائسة و مستشفيات خمسة نجوم و ميتة و خراب ديار ، و تركونا من غير اندية ، بعد ان انتهى زمن اندية الفقراء ،و الحمد لله الذى جعل بيننا و بينكم مثل هذه الفوارق ،.