أول اشارة عن رفع العقوبات الأمريكية ، تلقيتها شخصيا من قناة فرنسا 24 ( فرانس 24 ) كنت وقتها اتابع برنامجا عليها أو بالأحرى انتظر البرنامج الذي يليه ،فجأة ظهر على الشريط الاخباري اسفل الشاشة الخبر المؤكد عن رفع العقوبات فعليا ، عندها هرعت الى القنوات السودانية وجست خلالها كلها ،لم اعثر عليها جميعا لحظتها لأي أثر للخبر ،الا بعد مضي بعض الوقت اذ ظهر الخبر اسفل شاشتي سودانية 24 والشروق ،عدت للقنوات العالمية فلم اجد فيها متابعة تذكر لتفاصيل واصداء الخبر ،عدت ادراجي الى فضائنا المحلي اتنقل بين فضائياتنا ،كنت على يقين ان من بينها من ستهتم به وتفرد له مساحة زمنية واسعة ، وبالفعل فعلت ذلك كل من سودانية 24 والشروق وربما فضائية السودان ( لم اهوب ناحيتها ) ، حاولت ان اوزع المتابعة بينهما،شعرت بان ذلك تبديد للجهد والمتابعة والتركيز يوقعني تحت طائلة مثل ( ركاب سرجين وقيع ) ،فضلت المتابعة على سودانية 24 وشجعني اكثر على ذلك ان الزميلة العزيزة سمية سيد الصحافية المتخصصة بتميز في الصحافة الاقتصادية كانت هي الضيف المستضاف من داخل الاستديو ،الى جانب افادات هاتفية متنوعة ولقاءات من خارج الاستديو شملت طيفا من الصحافيين والسياسيين والاقتصاديين ورجال الاعمال ووزراء سابقين وحاليين ،استمرت المتابعة التي كان يرافقني فيها احد المعارف الى ما قبل منتصف الليل بقليل ،عندها فاجأني رفيقي معلقا على ما سمعه من كافة المعلقين والمحللين قائلا ( ياخي الكلام الكتير الاتقال دا وخاصة عن الظلم الفظيع اللي كان واقع علينا بسبب العقوبات دي والبشريات والاماني السندسية التي وعدنا بها بعضهم، ذكرني بحكاية العرضحالجي )، قلت اي حكاية فللعرضحالجية حكايات شتى ، قال العرضحالجي الذي جاءه احد المظلومين طالبا منه ان يكتب له عريضة بمظلمته ليرفعها للقاضي ،وبكل مهارة وحذق واحترافية دبج له العرضحالجي عريضة من خمس صفحات فلسكاب ،بعد ان فراغ العرضحالجي من تلاوة ما كتب على الرجل ، انخرط صاحبنا في بكاء مرير ،سأله العرضحالجي متعجبا ما يبكيك يا رجل ، قال مقولته التي جرت مثلا ( اتاريني مظلوم قدر دا وانا ما جايب خبر ) ،استظرفت من رفيقي في المتابعة هذا التعليق الذكي على ما سمع ،فالرجل لا شأن له بالسياسة ولا يفهم الاقتصاد الا كونه كائنا داخل قفة الملاح ومعني بمعاش الناس وصحتهم وعلاجهم وتعليم ابنائهم ،وكل ماعدا ذلك من تعويم الجنيه وتحرير سعر الصرف واعادة الهيكلة الخ الخ لا يعدو عنده مجرد رطانة لا يفهمهما وليس معنيا بها، ولا تثريب عليه .. لم نعرف ماذا فعل القاضي بعريضة المظلوم ، اذ ان الراوي لم يخبرنا عن ما اذا كان القاضي قد رفع عنه مظلمته ام لا ، غير اننا الان نعرف ان عريضة الحكومة السودانية المرفوعة للحكومة الامريكية لرفع الظلم عنها ، قد اسفرت عن قرار برفع هذه المظلمة ، ولكننا لم نعرف بعد ما ستفعله الحكومة التي هي القاضي المباشر للشعب السوداني بعريضته المعلومة تفاصيلها لديها تماما .. [email protected]
