* تبحث أحياناً عن ما يسعف أفكارك لتتسق المعاني بوصف دقيق؛ فتجد أن هذا (المحتال) أكبر من أي وصف تحتويه اللغة يخطر على بالك في قاموس الهجاء.. ويكاد يعجزك انتشال ما ترومه من بحر المعاني المتلاطم لتكتب عن طاغية السودان بإنصافٍ يستحقه (تحقيراً)؛ لكنك تضطر إلى التواضع مرغماً باستعمال المتداول من المفردات؛ وكلها لا تغني عن الوعي بترسيخ حقيقة جوهرية في سطر وهي (أن المواطن السوداني مهما إدعى من مراتب العزة والكرامة فسيظل مذلولاً مدحوراً؛ باستمرار البشير حراً طليقاً يمارس الدجل السياسي) علينا تثبيت هذا السطر نصب أعيننا أكثر من الإنشغال بالهجاء..! أما احتيال هذا الطاغية فهو بقدر ما ينبع من قلة حيلته يتفجر أيضاً من جبنه المترحِّل عبر الزمن.. فمهما تحدثنا عن غاياته نجد مربطاً واحداً لأفعاله يكفينا من عناء الإسهاب حول هذه الغايات؛ هذا المربط هو (الجبن) باختصار؛ إذ يدفعه دفعاً للتمسك بكرسيه كعاصم له مما يرعبه؛ فتشبثه به ليس بدافع الهِمة لإنجاز شيء للسودان أو الطموح لنهضته؛ إنما صار الأمر لديه مسألة (بقاء) لا بديل لها إلّا الموت..! ولذلك حينما يخرج للناس بين حين وآخر ليحدثهم عن خطط وبرامج يدرك تمام الإدراك أنه موجود ليكذب..! الكذب هو البديل لصمته؛ فالأخير قد يردِيه..! ما الذي يصبو إليه البشير غير شقاء الشعب السوداني؛ فقد تحقق له ذلك؛ ثم ماذا بعد؟! فها هو يبتدع (وهمَة!!) جديدة يعلم أن الشعب السوداني سينفضها من أذنيه بمجرد سماعها.. تبدأ البدعة كديدن البشير باستخدام عبارة (العام المُقبل!) فهو يحاول أن يريح ذاته بالهروب المستمر إلى الأمام.. فلنقرأ الخبر بحسب شبكة الشروق وبتصرف نسبة لطوله: (أعلن رئيس الجمهورية عمر البشير، برنامجاً تركيزياً تنموياً لعامين يبدأ العمل به مع بداية العام المقبل ويستمر حتى سنة 2020 يشتمل على أربعة محاور رئيسة وعشرة التزامات فرعية متداخلة ومتكاملة، هدفه الأساسي إعادة ترتيب أولويات البلاد. وأوضح البشير في خطاب أمام الهيئة التشريعية القومية المؤلفة من البرلمان ومجلس الولايات في فاتحة دورتها الجديدة، أن البرنامج يهدف إلى تحقيق السلام الشامل وفق برنامج سياسي واجتماعي وثقافي وقانوني .وأشار إلى أن البرنامج سيركز لتحقيق ذلك على جمع السلاح ونزعه والتسريح وإعادة الدمج لتثبيت الاستقرار في أوضاع ما بعد النزاعات بمنع التنازع وترسيخ السلام الأهلي. وسيسعى البرنامج لتوفير البيئة الملائمة للعودة الطوعية للنازحين وإعادة بناء ما دمرته الحرب وتمكين الإدارة الأهلية من إجراء المصالحات في مناطق التنازع الأهلي والمناطقي تعزيزاً للتصافي ورتق النسيج الاجتماعي. ولفت البشير إلى أن البرنامج يسعى أيضاً لاستكمال بناء النموذج الاقتصادي الذي يعتمد في النمو على قاعدة عريضة من المواطنين من خلال منح دور أساسي للجماعات المحلية في النشاط الاقتصادي. وأضاف البشير قائلاً: إن البرنامج يشتمل على تنفيذ مشاريع تركيزية للخدمات وفق مراحل زمنية موقوتة تتم متابعتها شهرياً على صعيد كل ولاية ومحلية وتجمع حضري). * هذا مختصر من خبر نشر في مطلع هذا الشهر؛ حشاه البشير بما لا عين ترى؛ يداعب الأحلام بتفاصيل لخطط وبرامج افتراضية تشمل توفير الخدمات للمواطن خلال الفترة المزعومة؛ ويعلم البشير أن الناس لن يحصدوا من وعوده سوى كذبة مؤقتة وصولاً لعام آخر بذات الكذبة حتى موعد الإنتخابات؛ ليس لأن الوعود مستحيل تحويلها إلى واقع بل لأن مشيئة هذا الشيء (عمر البشير) موجهة نحو نفسه الأمَّارة بالسوء (والحفاظ عليها).. لا هو ولا أتباعه لديهم مصلحة في نهضة بلاد اختاروا معاول هدمها بعناية؛ وجعلوها أضحوكة بين الأمم..! * سنهمِل جلَّ أوهام البشير التي أشار إليها الخبر والأخرى التي لم تمكننا المساحة من تسويدها؛ وسنكتفي بهذه الفاصلة المسرحية: (ولفت البشير إلى أن البرنامج يسعى أيضاً لاستكمال بناء النموذج الاقتصادي الذي يعتمد في النمو على قاعدة عريضة من المواطنين من خلال منح دور أساسي للجماعات المحلية في النشاط الاقتصادي). * ما سلف يعني أن هنالك قاعدة أسسها نظام البشير لنظام اقتصادي رشيد ويسعى جاهداً لإكمالها ليصبح النموذج يسر الناظرين (ربما هي قاعدة خرصانية)!! ما هذا الهذيان الغريب والإصرار على الرعونة؟ بينما الزراعة كأبسط مثال يتساقط روادها في عهد البشير تحت سنابك الطمع والقهر والفقر؛ وصولاً إلى السجون..! كيف لا يتساقط أهل الأرض وأحضان النظام الانتهازي النهّاب تسع المستثمرين عرباً وعجماً بالترحاب والإنحناء؟! إن الألفاظ الفضفاضة حول ما يسميه (استكمال بناء النموذج الاقتصادي) لا تزيد عن خبل وخيال ينتجه رأس البشير (المتشتت) بالأوهام؛ بينما هبوط الجنيه السوداني يشكل مع التضخم علامة بحجم الوطن الذي أفسده وأفشله البشير بصحبة رفاق الشر..! * كان الأرحم للأفئدة أن يخاطب البشير الشعب بلغته المعروفة (المتحدية) ويعلن أن نظامه مستمر في الاستبداد على رقاب الجميع (بالانتخابات المخجوجة) أو (بالعضل)!! لكن أن يصر على انتاج الأكاذيب بشعارات التنمية والسلام فذلك لوحده كافٍ لتعبئة الشعب بثورة لا سابقة مثلها..! إن (اللا شرعية الدائمة) تجعل المذكور يغتنم أكاذيبه ليرضي غروره بأي تأييد يكسر به رتابة أيامه.. لكنه يعلم أنه لا مؤيد لكيانه الثقيل غير واحد من ثلاثة: (فاسد جاهل معتوه)..! خروج: * ليرحل إلى الجحيم؛ وقد حوّط بالجحيم قلب السودان وأطرافه؛ فحتى احتياله على الشعب بالوعود الفجة أصبح لا يطاق.. أليس ميسوراً للبشير تلطيف الأكاذيب وتشذيبها بالحد المعقول؟! لو كان الكذب حلالاً لمقتهُ الناس وكفروا به؛ بسبب هذا الدكتاتور..! أعوذ بالله الجريدة الالكترونية