كان الجد محي الدين يحكي لاحفاده عن أمجاد جدوده ونضالهم من أجل نيلهم استقلالهم ، الذين كانوا يعيشون بحبوحة معقولة من العيش وقدر من الحرية مقبول وعن كيف أن جده العاشر قد تزوج جدتهم العاشرة عن قصة حب وكان لديه بعض الصور القديمة كشاهد على العصر كان الجد محي الدين وهو يستدعى خياله ويبحث في دهاليز ذاكرته كجندي يبحث في حقيبة سيارة أحد المواطنين في أول ليلة انقلاب عسكري عن لا شيء ودون فائدة ،وكان أحفاده يستمعون باصغاء مشاهدي السينما ويطلقون اهات الاعجاب كذلك والتعليقات عند كل مرة يستشهد في الجد بأحد صور ارشيفيه. كان الاحفاد ايضا يسألون ويعلقون عند كل لحظة من لحظات تصفحهم البوم الذكريات الذي يحتضنه جدهم كأنه حفيد من أحفاده،لكن الجد يقول لهم اصبروا واستمعوا لاحقا ساستمع لاسئلتكم واحدا تلو الآخر، فيرضخون لرغبة الجد ويسود صمت كصمت تلاميذ المدارس الابتدائية في حصص التسميع لأن الجد يجيد فن السرد ويتعمد التشويق. أنهى الجد حكاياته التي صارت بالنسبة له كالاكسجين وهو ومن بقا من جيله يعيشون في الماضي دون تانيب ضمير. حان وقت تعقيب وأسئلة الاحفاد الذين لديهم نظرتهم المختلفة لرؤيه الاشياء علق مروان على صورة من الصور قائلاً هل كنتم تشربون الخمر المستورد يا جدي لقد رأيته زجاج مثل الذي أراه في الافلام الاجنبيه، أجاب الجد لا لكنه متاح للذي يريد أن يشرب ولا يعاقب لشربه الا اذا تعدى على أحد أو أخل بالسلامة ، بعده أردف وضاح بسؤال يبدو انه لم يكن لديكم شرطة نظام عام لان جدتي العاشرة كانت ترتدي تنورة قصيرة وبنطال جينز هل كانت النساء لا تجلد لذلك ،ضحك الجد وخلع نظارته ذات العدسات السميكة كزجاج كوب ماء من الاسفل،قائلا بلا هذا قبل قوانين ديسمبر التي صاغها الرئيس العميري مع زعيم الحزب والجماعة التي أدخلت الدين في السياسة د .السرابي عبدالله، وتحدوا العالم أجمع وفصل شمال البلاد بسببهم وأصبح اسمه دولة شمال البيضان ، لم تتعظ الدولة بعد هذا الإنفصال من أن عدم القدرة على إدارة التنوع والاعتراف به قد يحدث نفس ما حدث ما انفصال فانفصلت عن دولة البيضان إقليم التلال البعيدة ثم إقليم السيل الاسود ثم الإقليم الغربي ،قاطعه حفيده بسام لماذا سمحتم لهم بالانفصال ،اجاب الجد لا احد يسمح بالانفصال الإنفصال يحدث نتيجة الفشل في أدارة الدولة ، والإصرار على تكرر الأخطاء هو الذي يجعلنا فاشلين ككل الدول التي من حولنا فقط نكرر الأخطاء ونورثها للأجيال ونعيد إنتاج الأزمة لاسباب الأنانية وعدم الاتساق بين ما نقول ونفعل .