* صور زاهية وبالتأكيد مضللة؛ رسمها أذناب التنظيم الحاكم في السودان حول زيارة أردوغان لتنظيمه في الخرطوم.. وبخلاف المبالغات التي درج عليها المنافقون في افتتانهم العاطفي (بالأخ) المذكور؛ فإن الزيارة المصطنعة لم تكن ابتغاء لوجه الشعب السوداني رغم زخرفها.. لكن إعلام السلطة اجتهد لإبراز مكاسبها (تزييفاً) في جانب المنافع الاقتصادية وفرص الاستثمار وغير ذلك من مكررات وجعجعات لن يرى الشعب طحينها.. ولو كان هنالك طحيناً ملموساً يُرجى من هذه الأجسام السرطانية التي تستعمر السودان لظهر خلال ثلاثة عقود من حكمهم.. عقود لم نر فلاحاً فيها بغير (إتقان) الشر والخراب..! فهؤلاء الإخوان المتأسلمين وزائرهم أردوغان شأنهم بينهم و(قسمتهم) أيضاً.. من يعتقد أن المواطن سيقطف ثمار هذه الزيارة فليقابلنا بعد عام أو عامين أو حتى عشرة ليؤمي بالثمر في وجوهنا..! * زيارة أردوغان في سطرها الأول تتلخص في إطار حراك التنظيم الدولي للجماعة الدموية التي تناسل منها الإرهاب حول العالم (الإخوان المسلمين) ومدروك موقع (التابع) عمر البشير ودولته الأمنية من هذا الكيان بشواهد غير مدسوسة.. أما غطاء الزيارة برتوش (المال والأعمال) فذلك أمر مفرغ منه بحكم التقية المعروفة لدى (أئمة الشر) أو كما وصفهم الإخواني السابق ثروت الخرباوي في كتاب أطالعه الآن يجمع بين (الشيعة الإخوان) ومشتركاتهم..! ووضع أردوغان الحالي داخل التنظيم الإخواني لا يقل مكانة عن أئمة الشيعة الكبار إن لم يزد.. لكن.. دعوا عقولنا تجتهد قليلاً لتجيب على أسئلة مبسّطة: لماذا يزور أردوغان (أئمتنا الأشرار) في هذا التوقيت؟! الإجابة بمصدرها المدعّم تتصل بالتنظيم وأحلافه التي يشكل إرهابيو الخرطوم أحد أذرعها كما أسلفت.. ولا يجتمع الإخوان لفضيلة أو حول (كيكة) تتجاوز مائدتهم..! الشق الثاني من الإجابة في رأيي منظور من زاوية أخرى؛ إذ تعتبر الزيارة مقدمة لا بأس بها لتعزيز مجرم الحرب عمر البشير وحزبه قبل (مهزلة) الانتخابات الرئاسية القادمة؛ فالرئيس التركي العارِف لمعنى العزلة يدرك العزلة التي مُنى بها نظام الخرطوم خارجياً وآثارها؛ وماتزال هذه الآثار شاخصة وستظل إلى أن يعزل الشعب قاتليه بثورة ظافرة؛ إضف لذلك عزلة داخلية للنظام تزداد باضطراد مع المقت الشعبي لهذا النظام وبعشرات الأسباب؛ ليس أبرزها الغلاء الطاحن وعسر المعيشة فحسب؛ وبالتالي فإن زحف الأتراك بهذا العدد المهول نحو إخوان السودان غير مستغرب من باب (إخوان يؤآزرون بعضهم) دون أن نسترسل في جزئيات أو تكهنات..! وما يدعم فرضية أثر الزيارة على سوق الانتخابات القادمة أن أتباع النظام السوداني باختلاف درجات ابتزازهم لبعضهم؛ وباختلاف درجات قربهم وبعدهم من القصر يضعون أردوغان في مصاف القداسة؛ وبما أن النظام الذي من لحمهم حقق زيارة (القديس) فيبقي في الأفق ما يفتح شهية القطعان المتأسلمة باستمرار دولتهم ولو بإعادة (تدوير) المنبوذ عمر البشير عبر الانتخابات.. إن انبهار إخوان السودان بالنموذج التركي (الظاهر) يعلي من فرضيات تلاحمهم بشتى الأشكال.. وهم دائماً منبهرون بنماذج الغير (مروراً بماليزيا) مثلما يسفهون مآسي شعبنا ويتأثرون بأحداث الغير ما بين الروهنقا و(رابعة)! وغزة..! لا أدري لماذا لا ينبهر هؤلاء بالنموذج الإسرائيلي الذي يجاور ضيفهم الزائر وتجمعهم به الصلات المشتركة بدءاً من السفارة..!.. إخوان السودان يفتنون بنهضة دول معينة تناسب أمزجة تنظيمهم ولا يستطيعون التشبُّه بها (مجرد تشبُّه) فالنهضة تبدأ بالعقل.. أين عقولهم؟! * بالعود للزيارة؛ هل تنطلي على عقولنا اللافتات الاقتصادية (المُبشرة) المصاحبة للموكب الأردوغاني في الخرطوم؟! السؤال الأبسط: ما هو العائد لأردوغان من الزيارة؟! هل البحث عن أمجاد؟! أم طموح مجنح لزعامة في المنطقة؟! وما الذي يفتنه في السودان وهو سيد العارفين بأنه بلد هلهلته عصابة من الشذاذ والمعتوهين ومعتادي الإجرام واللصوص؟! المؤكد أنه لن يجد بيئة لطموحاته وتطلعاته أنسب من بيئة رخوة وخربة كهذه؛ يسهل استغلالها مثلما استغلها عرب وعجم شجعتهم دناءة الحاكمين وتغرّبهم عن روح الوطنية..! لقد أثار البعض ذهاب الرئيس التركي إلى مدينة سواكن التاريخية بحجة إعادتها للحياة بالترميم (ليت زعمهم يتحقق كما هو منتظر)! وقد مُنح الضوء الأخضر من البشير ليفعل ما يشاء..! ليس بمستغرب أن يتصرف البشير منفرداً في أرض السودان كطاغية انتهازي رخيص (تعوّد على البيع)..! لست قلقاً على سواكن بقدر القلق على مجمل الوطن الكبير المستباح ببضعة سفهاء يمعِنون في إهانتنا ونحن أحياء؛ فسواكن مصيرها مع الترك مايزال شبه مجهول وأمامنا المصير المعلوم؛ ماذا فعلنا حوله؟! تحرير السودان كما أرى لا يبدأ من سواكن ولا حتى من حلايب التي يستبيحها الجيش المصري المحتل الآن بينما عيون مليشيات المشير الخائب تعاين؛ ولكن تحرير السودان الكامل يبدأ من الخرطوم؛ وإن شئت (كافوري)! لا أمل بمستقبل نتطلع إليه حتى نحقق انتصارنا على الغاشمين واخراجهم من القصور إلى الجحور.. إننا لو أخلصنا النوايا والتحمت إراداتنا بعيداً عن قشر الأشياء والجدل الهايف وملهيات القلوب؛ سنكتشف أن ما نراه صعباً تجاه (الثورة) هو اليسر بعينه.. كلما وعينا جيداً بنكبتنا تشابكت أيدينا بقوة..! نحن الآن كمعارضة عبارة عن جزر معزولة تتناكف فيما بينها.. فماذا يُنتظر منا غير أن نتخلص من قاصمات ظهورنا بالتكاتف بديلاً للتناكف؛ فنرتقي لمعركة تحرير بلادنا كاملة غير منقوصة؛ بالسِلمِ أو باللا سِلم..! * في ما يتعلق بالإجابات على أسئلتنا السالفة؛ فهي كيفما جاءت ستكون تكراراً مرتبطاً بتجربتنا مع الفصيل الإخواني الكارثي في السودان.. ومنه تبدأ كافة مضادات الإنسانية والنماء؛ بعقيدة مفترعة هي الكذب ثم الكذب..! ولأن المشرب واحد أنظروا إلى التركي نفسه وهو يكذب بوقاحة وبذات النمطية المعتادة من (مسيلمة السودان) وسلطته.. قال إردوغان: (إن العقوبات الاقتصادية غير المبررة سرقت نمو ومستقبل السودان، الأمر الذي أدى الى معاناة الشعب السوداني. وزاد قائلاً: بالرغم من ذلك لاحظت أن السودان سجل تطوراً في كافة الميادين، مبيناً أنه بعد رفع العقوبات يمكن الارتقاء بالسودان). أنظروا للمخدوع وهو يرى التطور الأسمنتي الزجاجي في حدود الأماكن الخرطومية التي حصروه فيها؛ وقد اختار له المنافقون طريقاً بمحاذاة النهر؛ بين المطار والقصر وقاعة الصداقة وحظيرة البرلمان..! فهل نظر لما وراء الأفق البائس؟! هل كان سيقول مثل كلامه الآنف لو بدأت زيارته من سواكن وأطلالها أو حتى من أطراف عاصمتنا (الحضارية)؟! من الذي غشه بأن العقوبات الإقتصادية سرقت نمو ومستقبل السودان وهو يجلس بين سارقي الوطن الحقيقيين (عمر البشير وبقية اللصوص)؟! بلا شك سيحلِّق أتباع السلطان عندنا مزهويين بشهادة الكاذب أردوغان باعتبارها شهادة حق.. فكل باطل معكوس حسب (عقيدتهم)..! * الرئيس التركي الذي يتحدث (تصَنُّعاً) عن التطور في السودان ويحتل جيشه رقماً متقدماً بين جيوش العالم المهيبة متفوقاً على الجيشين المصري والإسرائيلي كمثال؛ ألا يعلم هذا الرئيس بأن السودان في القرن الواحد وعشرين تسوده مليشيات بربرية ومرتزقة؟ ألا يعلم أن تلاميذنا يجلسون في الأرض تحت سقوف القش؟! ألم يخبروه أن مستشفياتنا تهب الموت قبل الحياة؟! ألا يعلم أن جامعتنا التي منحته الدكتوراة كنا نفاخر بها وقد انطفأت على يد إخوانه في السودان كما انطفأت كل مؤسساتنا الجليلة؟! فأين التطور بخلاف ابتداع سلطة المرتزقة للحيل النوعية في الفساد.. أين التطور والسلطة سماسرة و(دلّاليات)؟ أين التطور في بلاد مختطفة؛ بنياتها معمولة بأموال القروض والربا والإرهاب و(الشحدة) ولعق أحذية الأمراء؟! أعوذ بالله الجريدة