تصريحان رسميان، نقلتهما صحف أمس، وزير الصناعة موسى كرامة، والثاني، علي محمود، رئيس اللجنة الاقتصادية بالبرلمان يحذران من ارتفاع سعر الخبز إلى (جنيه ونصف)، وفي رواية أخرى إلى (جنيهين ونصف)، وأن الدولار سوف يصل إلى ما فوق ال (38) جنيهاً، لكن سبق علي محمود الاقتصادي عبد الرحيم حمدي حينما توقع بلوغه ال (50)، وها هو الجنيه لا يتوقف عن الهبوط. هم ذات المسؤولين الذي وضعوا الميزانية الكارثية وأجازوها، لكن، هذا ليس المهم، فقد جرت العادة على ذلك، التملص من المسؤولية ومحاولة تقديم إبراء ذمة مما يحدث.. المهم هو الصورة القاتمة التي من المتوقع أن نصطدم بها قريباً، وقريباً جداً. منذ ارتفاع أسعار الخبز، كان بعض أصحاب المخابز يرددون كثيراً أن السعر إذا ثبت على (جنيه واحد) لن يغطي الخسارة، وفعلياً توقفت عدد من المخابز، قبل أن تعاود العمل بالسعر الجديد. الآن فيما يبدو أن هناك محاولة لتمهيد الرأي العام لزيادة جديدة، أو بصورة أكثر دقة، تهيئة الرأي العام لزيادة مفتوحة، طالما الأمر يرتبط مباشرة بسعر الصرف الذي فُقدت السيطرة عليه تماماً. بلغ الضيق بالناس مبلغاً متقدماً، فلم يعد هناك حديث غير الغلاء، لم يعد هناك حوار لا يغشى الوضع الاقتصادي المنهار، وما هلك الناس إلا الزيادات المتتالية والتي لم تعد تستند إلى معيار، لا تسمع سوى عبارة (اشتريت هذه السلعة قبل يومين بكذا، فذهبت أمس ووجدتها كذا) والفرق بين اليومين لا منطق له سوى أن الجنيه يهبط يومياً، والملاحظ أن لا أحد بات يسأل عن أسباب الزيادة أو الاحتجاج، بل صمت رهيب. بلا شك أن العامل الاقتصادي سوف يكون عنصراً حاسماً في هذه الأزمة التي لم تترك شبراً ما وطأته، وما ضاقت المعيشة إلا وطفحت جرائم النهب، السرقة، الدعارة والقتل. لكن ماذا يكون، إذا كان المسؤولون الذين ينبغي أن يكونوا على قدر مسؤولية مواقعهم التي يشغلونها، يفسرون الأزمات تفسيراً خالياً من المسؤولية وبلا أدنى إحساس بحجم الكارثة التي ترقد عليها البلاد. مسؤول سياسي رفيع يقول "إن ما تعانيه البلاد من ضائقة اقتصادية، ومؤامرات خارجية، أساسه تمسك الدولة براية لا إله إلَّا الله"، وآخر اقتصادي رفيع يقول "إن الضائقة الاقتصادية سببها عدم يقين الناس". مثل هذا التحليل الذي يردده من هم يقودون الدولة، يؤكد تماماً حالة الفشل والعجز العام، ويلخص المشهد بكلمتين "لا حل" هذا ليس إلا إعلان فشل.. والخشية أن يكون هؤلاء المسؤولون على قناعة بهذا الحديث الذي يرددونه، ويستندون عليه سبباً للأزمة. التيار