* إعادة تعيين الفريق صلاح قوش مديراً لجهاز الأمن أبلغ إشارة توضح قلق طاغية السودان المشير عمر البشير (الشخصي) فالغريق كما قيل يتعلق (بالقشة)..! وتبدو عودة قوش كما لو أنها المنقذ في أوهام الغريق.. كما تبدو أيضاً كملهاة بالنظر إلى ما صاحب المرحلة التي تلت إقالته من الجهاز في 2009م وإقالته مرة ثانية كمستشار للبشير في 2011م وإدخاله السجن عقب اتهامه بمحاولة انقلابية على البشير نفسه؛ ثم الإفراج عنه بعفو رئاسي؛ ليستمر قوش بعيداً عن المناصب (بالطول والعرض) في عالم المال والأعمال..! والآن عودة قوش في الوقت الذي بلغت فيه أرواح السودانيين الحلقوم بالاحتجاجات على الأوضاع المعيشية تخبرنا بأنها محاولة من النظام الغارق في الكوارث والجرائم لإحكام القبضة الأمنية؛ خصوصاً وأن موجة الاحتجاجات على سياساته مستمرة؛ وعسى أن تكون قبضة العائد بالنسبة للنظام المهتز المنبوذ أقوى من قبضة سلفه الفريق محمد عطا؛ رغم أن الأخير لم يقصِّر في القمعِ والمنعِ وكافة البشاعات..! * تبدو عودة قوش وكأنها حركة (تدوير) وقد عُرِف المتأسلمين بظاهرة تدوير الشخصيات والتمثيل على الشعب بإظهارهم كمناوئين أحياناً.. وعودة قوش تطرح احتمالات كثيرة من بينها (التمثيل) أي أنه لم يكن على خلاف مع سجّانه أثناء وقبل وبعد فترة اعتقاله!! بل ربما قوش المتسلط بجد كان في إجازة فحسب.. وما الغريب على قوم بُنِيت مملكة حكمهم على الخداع قبل كل شيء..! لكن الإحتمال المرجّح والمُهم كما أسلفنا هو قلق وتخبط الحاكم المهجَّس المرعوب من مصيره؛ والذي يمكن أن يقيل قوش غداً ليأتي ب(نافع!!) بعد غدٍ؛ متخيلاً أن يكون منقذه من ثورة شعبية عاصفة؛ هي أقرب للتحقق اليوم من أي وقت مضى..! فالمتخبط خياراته دائماً مشوبة بكل ما لا يخطر على بال.. وهل (تدوير قوش) كان يخطر على بال الكثيرين؟! * لصلاح قوش خبرة طويلة في القمع والقهر.. وسجله يرقى لعدم الإيمان بالحريات مهما بلغت درجة سلمية الخصم..! وعودته لكرسيه مهما كانت تدابيرها وأغراضها الظاهرة والخفية؛ يجب ألا تصرفنا عن أهدافنا النبيلة..! مبتدأ هذه الأهداف مقاومتنا المستمرة للنظام الفاسد المُفسد إلى حين رحيله والقبض على قياداته ومحاسبتهم على 29 عاماً من الجرائم الكبرى..! بل يجب أن تحفزنا هذه العودة (غير الحميدة) للإصرار والاستماتة لبلوغ هذه الأهداف بعد أن تعرّى النظام من أية فضيلة في مواجهته للمحتجين السلميين ضد سياساته؛ بالإعتقال والضرب والحبس؛ بلا أي سند سوى الاستبداد والخوف على تفكك دويلة المستبد..! كيف يمكن لعاقل حر أن يقبل بنظام يريد إسكات الأصوات وهو يفشل في كل كبيرة وصغيرة عدا الفشل؟! * ما يفوت على قيادات السلطة وأولهم البشير أن الكتائب الأمنية والمليشيات لم تكن يوماً سبيلاً للديمومة.. لا حصن أقوى من العدل والأمانة واحترام الشعب.. بل لا حصن لسلطة من أولها لآخرها خليط ما بين فشلة وسفلة وأكلة وقتلة.. فهل تنتظر هذه السلطة من الشعب بديلاً غير إسقاطها؟! إن لم يكن الإسقاط سلمياً فسيكون بالخيارات الأخرى الجائزة بلا استثناء؛ فالبشير وقوش وبقية الطغاة ليسوا (أرجل) من شعبنا المظلوم.. كما أن أجهزتهم ليست أقوى من أجهزة متسلطين كُثر قذفت بهم شعوبهم إلى مزبلة التاريخ بين عشية وضحاها.. وإذا أراد الشعب أن يحيا كريماً حراً مرفوع الرأس فلا سبيل أمامه إلّا القوة لإزاحة الفسدة اللئام.. قوة السِلمية أو قوة اللا سِلمية..! خروج: * لا فرق إذا ذهب عطا أو عاد قوش.. فالمصيبة تكمُن في مجمل بنية النظام المتعفن..! أعوذ بالله الجريدة الالكترونية )الإثنين).