مقدمة: ***** (أ) من طالع مسيرة تاريخ عمر البشير بعناية فائقة وعن قرب وكثب خلال الفترة من عام 1990 وحتي اليوم، يجد ان البشير قد تعرض الي مواقف عصيبة لا تحصي ولا تعد، وهزته بشدة وعنف احداث مهولة كثيرة يندر ان مر بمثلها رئيس افريقي او عربي. (ب) *** في هذه المقالة اليوم، اعيد ذكري حدث هام وقع في يوم الجمعة 18/فبراير/ 2011 (اي قبل سبعة اعوام مضت)، ولكنها بسبب غرابتها الشديدة مازالت وحتي اليوم مطبوعة في اذهان الملايين وما بارحت خيالهم، حدث جلب سخرية الناس وتهكمهم من النظام الحاكم، ونتذكره كلما جاء الكلام عن فساد أهل السلطة!! المدخل الاول للحدث: *************** تقول اصل الرواية، انه في يوم الجمعة 18/فبراير/عام 2011، وبعد الانتهاء من صلاة الجمعة بجامع (النور)، وبينما كانوا المصلين مازالوا في جلوس بجامع النور، قاموا بعض من شباب حزب المؤتمر الوطني بالهجوم الحاد علي سياسة البشير المليئة بالفساد، واتهموه علانية علي الملأ انه يحمي الفساد الضخم الذي ضرب كل مرابع البلاد، ويحمي بصورة خاصة فساده وفساد اخوانه ومن هم في السلطة الحاكمة، وان هذا الفساد النتن قد خرج الي العلن واصبح مادة في كثير من الصحف اليومية، وانه مامر يوم من الايام الا وكان هناك فساد محمي لايستطيع احد ان يحاسب او يقاضي الجناة!! *** اصيب البشير بوجوم شديد وذهول كان باديآ علي قسمات وجهه ، فما كان يتوقع وهو رئيس البلد ان يتعرض لهجوم ، تلفت آلبشير عسي ان يجد من بين المصلين من ينقذه من هذه الورطة المفاجئة، ولكن كل من كانوا بالمسجد وقتها لزموا الصمت التام وماتعرض احد منهم للشباب. *** حاول البشير ان يدافع عن نفسه ونظامه فقال انه لاول مرة يعلم ان هنالك فساد في حكومته!!، وتوعد الناس بالتحقيق لاجتثاث المفسدين، وذكر ان مستشاريه كانوا دائماً يؤكدون له عدم وجود أي مخالفات او إنتهاكات للمال العام..وبعدها اجهش في حالة بكاء هيستيري بسبب ان الذين ادموه واوجعوه وابكوه ( شفع صغار) من اطفال وشباب حزبه!!! *** علق بعض الكتاب في المواقع الالكترونية التي تهتم بالشآن السوداني علي تبرير البشير عدم علمه بالفساد في نظامه، بانه تبرير غريب وغير مقبول، علي اساس ان البشير نفسه منذ عام انقلابه وهو يكرر ويردد دومآ في خطبه بمحاربة الفساد، وشكل من قبل عدة محاكم ونيابات لمحاربة الفساد.. فكيف يدعي عدم علمه بالفساد في نظامه الفاسد؟!!! *** احد المعلقين كتب في احدي المواقع السودانية:( منذ ان خلق الله تعالي السودان، ماسعنا ولا قرأنا او طالعنا في كتب المؤرخين، انه كانت هناك حالة بكاء وهستيريا قد اعترت احد الحكام الذين حكموا البلاد سواء حاكم وطني او اجنبي الا عند الرئيس المشير البشير.. هذا البكاء دخل التاريخ علي اعتبار انها اول حالة بكاء في تاريخ السودان ومنذ عصر بَيّى بعانخي!!). المدخل الثاني للحدث: *************** (أ) اول بادرة صدرت من عمر البشير بعد حادث الجمعة 18/فبراير/ 2011، انه اصدر قرار جمهوري بتاسيس (مفوضية محاربة الثراء الحرام في اجهزة الدولة) ، وبالفعل تم تاسيس المفوضية في يوم 3/يناير/2012، واختيار الدكتور الطيب أبو قناية لرئاستها، تقول سيرته الذاتية: ( إنه خريج كلية الاقتصاد جامعة الخرطوم، نال زمالة المحاسبين والزمالة الأمريكية في الإدارة وفي المشتريات ، بجانب عضوية المعهد الملكي للإدارة في بريطانيا .. حاصل على درجة الماجستير والدكتوراه في إدارة الأعمال ، شارك بالتدريس في بعض الجامعات وأشرف على العديد من بحوث الماجستير والدكتوراه ، عمل بالخارج في السعودية والكويت، في مجال الاستشارات المالية والإدارية. وعمل مديراً عاماً للشؤون المالية والمحاسبية لمجلس قيادة الثورة ، ثم مديراً عاماً للقصر الجمهوري ، وبعدها انتقل للعمل بمطبعة العملة ، عمل مديرا عاما للمراجعة الداخلية لأجهزة الدولة ووكيل لوزارة المالية إلى أن تمّ انتدابه لمؤسسة الرئاسة لتأسيس آلية مكافحة الفساد ثم رئيساً لها). (ب) *** كل الشعب السوداني عن بكرة ابيه ، كان يعلم انه قرار جمهوري لن يري النور، ولن يعيش طويلآ، وان القرار ضحك علي الذقون…وبالفعل حدث ماتوقعه الجميع، فقد قام البشير وبعد عام واحد من قراره وتحديدآ في يوم 14 فبراير 2013، اصدر قرار بإعفاء الطيب مصطفى أبوقناية رئيس (آلية مكافحة الفساد) من منصبه دون أن يذكر القرار سبب الإعفاء!!، كما لم يصدر من ابوقناية تصريح يوضح السبب!! المدخل الثالث: ********** (أ) بما الكلام هنا في هذه المقالة عن الرئيس عمر البشير، فلابد ان نشير الي حادثة اخري بكي فيها البشير، فقد جاءت صحيفة "الراكوبة" في يوم 3/فبراير الحالي/ 2018، بخبر تحت عنوان:(البشير يُحمِّل المدنيين انهيار حكمه وينخرط في نوبة بكاء)، ومفاده: حمّل رئيس الجمهورية عمر البشير المدنيين داخل حكومته مسؤولية الانهيار السياسي والاقتصادي والاجتماعي بالبلاد، مؤكدا أن "فساد المدنيين" وتكالبهم علي المناصب وصراعهم حول السلطة قاد لتراجع مشروع الانقاذ الوطني. وأوردت شبكة مونتي كارو الإخبارية التي يديرها الصحفي ناصف عبد الله، ان البشي أجرى اجتماعاً مغلقاً يوم الجمعة بمبنى التصنيع الحربي بكافوري مع 300 من الضباط الاسلاميين في القوات المسلحة، تطرق لأوضاع البلاد المختلفة. *** وقال البشير بنص العبارة " الملكية غشونا واستمروا بغشنا طوال الفترة الماضية" في اشارة واضحة الي نوابه ومساعديه السابقيين (علي عثمان طه و نافع علي النافع) واضاف بان الفترة المقبلة من الواجب ان تكون للقوات المسلحة القيام بواجبها وتحمل مسئوليتها تجاه الوطن بعد ان تلاعب السياسيون والمدنيون الذين ثبت ان اجندتهم شخصية وان طموحهم وصراعاتهم هي التي اهلكت البلاد. وان الاسلاميين في الجيش هم اهل الوجعة وانهم هم النواة الصلبة للجيش السوداني التي لا يجب ان تنكسر او تلين مهما تشتد الضغوط وان ساعة قيامهم بواجبهم قد حانت تجاه اصلاح حال البلاد وانقاذها. وأفادت شبكة مونتي كارو الإخبارية، أن الرئيس البشير انخرط في نوبة من البكاء وهو يذكر رفاقه ابراهيم شمس الدين والزبير محمد صالح، مما جعل الحضور يهتفون بالتكبير والتهليل للرئيس. وهو يذكرهم بحمل الامانة وثقلها عليه. وتلاحظ الحراسة الامنية المشددة التي احاطت بدخول وخروج الرئيس وكذلك رفض منظمو اللقاء لاي تعليق او اتاحة فرصة للنقاش من الحضور الذين اكتفوا بالاستماع والوقوف للرئيس عند دخوله وعند خروجه من الصالة. وغاب نائب البشير الاول بكري صالح عن حضور اللقاء وسرت شائعات سابقة عن جفوة بين الرجلين بسبب شخصيات نافذة في حزب البشير ضد اعادة ترشيحه في اشارة الي تفضليهم لنائبه الاول بكري حسن صالح مما اعتبره البشير درجة من الخيانة من رفيق دربه السابق، وينفي مقربون من الرجلين تلك الشائعات مدللين بان النائب الاول كان يشارك في لقاء لفاعلية بجهاز الامن والمخابرات الوطني جاء اليها البشير بعد انتهاء لقاءه بالضباط الاسلاميين بالقوات المسلحة في ذات الليلة. المدخل الرابع: ********* بالطبع لم يفت علي القراء الكرام ان البشير لا يبكي الا في شهر فبراير!! المدخل الخامس والاخير: ***************** بكي البشير عام 2011 حال فساد نظامه، عندما كان الفساد كبير للغاية، ولكن الان وبعد ان وصل الفساد الي ماهو اكبر بكثير عن ذي قبل، ووصل الي ما يعادل نحو (19) مليار دولار حسب تقرير صدر من كلية الاقتصاد جامعة الخرطوم ، ماذا سيفعل البشير؟!! [email protected]