عام على الحرب فى السودان.. لا غالب ولا مغلوب    يمضي بخطوات واثقة في البناء..كواسي أبياه يعمل بإجتهاد لبناء منتخبين على مستوى عال    الخطوة التالية    السيارات الكهربائية.. والتنافس القادم!    واشنطن توافق على سحب قواتها من النيجر    اللواء 43مشاة باروما يكرم المتفوقين بشهادة الاساس بالمحلية    ملف السعودية لاستضافة «مونديال 2034» في «كونجرس الفيفا»    سوق الابيض يصدر اكثر من عشرين الف طنا من المحاصيل    الأكاديمية خطوة في الطريق الصحيح    شاهد بالصورة.. المذيعة السودانية الحسناء فاطمة كباشي تلفت أنظار المتابعين وتخطف الأضواء بإطلالة مثيرة ب"البنطلون" المحذق    شاهد بالصور.. الفنانة مروة الدولية تكتسح "الترند" بلقطات رومانسية مع زوجها الضابط الشاب وساخرون: (دي اسمها لمن القطر يفوتك وتشتري القطر بقروشك)    شاهد بالصور.. الفنانة مروة الدولية تكتسح "الترند" بلقطات رومانسية مع زوجها الضابط الشاب وساخرون: (دي اسمها لمن القطر يفوتك وتشتري القطر بقروشك)    شاهد بالصورة.. زواج الفنانة الشهيرة مروة الدولية من ضابط شاب يقيم بالقاهرة يشعل مواقع التواصل السودانية    القوة المشتركة لحركات الكفاح المسلح: بدأت قواتكم المشتركة الباسلة لحركات الكفاح المسلح بجانب القوات المسلحة معركة حاسمة لتحرير مصفاة الجيلي    مصطفى بكري يكشف مفاجآت التعديل الوزاري الجديد 2024.. هؤلاء مرشحون للرحيل!    شاهد مجندات بالحركات المسلحة الداعمة للجيش في الخطوط الأمامية للدفاع عن مدينة الفاشر    إجتماع مهم للإتحاد السوداني مع الكاف بخصوص إيقاف الرخص الإفريقية للمدربين السودانيين    وكيل الحكم الاتحادى يشيد بتجربةمحلية بحرى في خدمة المواطنين    أفراد الدعم السريع يسرقون السيارات في مطار الخرطوم مع بداية الحرب في السودان        ضياء الدين بلال يكتب: نحن نزرع الشوك    غوتيريش: الشرق الأوسط على شفير الانزلاق إلى نزاع إقليمي شامل    أنشيلوتي: ريال مدريد لا يموت أبدا.. وهذا ما قاله لي جوارديولا    غوارديولا يعلّق بعد الإقصاء أمام ريال مدريد    محاصرة مليوني هاتف في السوق السوداء وخلق 5 آلاف منصب عمل    نوير يبصم على إنجاز أوروبي غير مسبوق    تسلا تطالب المساهمين بالموافقة على صرف 56 مليار دولار لرئيسها التنفيذي    بايرن ميونخ يطيح بآرسنال من الأبطال    بالصور.. مباحث عطبرة تداهم منزل أحد أخطر معتادي الإجرام وتلقي عليه القبض بعد مقاومة وتضبط بحوزته مسروقات وكمية كبيرة من مخدر الآيس    مباحث المستهلك تضبط 110 الف كرتونة شاي مخالفة للمواصفات    قرار عاجل من النيابة بشأن حريق مول تجاري بأسوان    الرئيس الإيراني: القوات المسلحة جاهزة ومستعدة لأي خطوة للدفاع عن حماية أمن البلاد    خلال ساعات.. الشرطة المغربية توقع بسارقي مجوهرات    جبريل إبراهيم: لا توجد مجاعة في السودان    مبارك الفاضل يعلق على تعيين" عدوي" سفيرا في القاهرة    لمستخدمي فأرة الكمبيوتر لساعات طويلة.. انتبهوا لمتلازمة النفق الرسغي    عام الحرب في السودان: تهدمت المباني وتعززت الهوية الوطنية    مضي عام ياوطن الا يوجد صوت عقل!!!    مصدر بالصحة يكشف سبب وفاة شيرين سيف النصر: امتنعت عن الأكل في آخر أيامها    واشنطن: اطلعنا على تقارير دعم إيران للجيش السوداني    ماذا تعلمت من السنين التي مضت؟    إنهيارالقطاع المصرفي خسائر تقدر ب (150) مليار دولار    أحمد داش: ««محمد رمضان تلقائي وكلامه في المشاهد واقعي»    إصابة 6 في إنقلاب ملاكي على طريق أسوان الصحراوي الغربي    تسابيح!    مفاجآت ترامب لا تنتهي، رحب به نزلاء مطعم فكافأهم بهذه الطريقة – فيديو    راشد عبد الرحيم: دين الأشاوس    مدير شرطة ولاية شمال كردفان يقدم المعايدة لمنسوبي القسم الشمالي بالابيض ويقف علي الانجاز الجنائي الكبير    وصفة آمنة لمرحلة ما بعد الصيام    إيلون ماسك: نتوقع تفوق الذكاء الاصطناعي على أذكى إنسان العام المقبل    الطيب عبد الماجد يكتب: عيد سعيد ..    ما بين أهلا ووداعا رمضان    تداعيات كارثية.. حرب السودان تعيق صادرات نفط دولة الجنوب    بعد نجاحه.. هل يصبح مسلسل "الحشاشين" فيلمًا سينمائيًّا؟    السلطات في السودان تعلن القبض على متهم الكويت    «أطباء بلا حدود» تعلن نفاد اللقاحات من جنوب دارفور    دراسة: القهوة تقلل من عودة سرطان الأمعاء    الجيش السوداني يعلن ضبط شبكة خطيرة    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



نجل شيخ أبو زيد المدان بقتل الدبلوماسي الأمريكي.. في أول حوار ب (بدلة) الاعدام الحمراء
نشر في حريات يوم 07 - 03 - 2018


*حاوره في سجن كوبر: فتح الرحمن شبارقة*
كان الوصول إلى عبد الرؤوف، نجل شيخ أبو زيد محمد حمزة، الزعيم الراحل لجماعة أنصار السنة بالسودان في سجن كوبر ذائع الصيت، مهمة صحفية شاقة وعسيرة للغاية. فقد استغرق الترتيب للحوار فترة زمنية هي الأطول من نوعها ربما، وتطلب ذلك سلسلة من الاتصالات مع قيادات بالشرطة وإدارة السجون كانت كثيراً ما تنتهي إلى لا شىء. لكن كل ذلك، كان أسهل كثيراً من اقناع رجل محكوم بالاعدام للحديث في شأن يتعلق بالحياة. ولكن لخطر الجماعات الإرهابية المتطرفة التي باتت تتربص بالشباب وتلقي بهم في أتون محرقة عبثية، كان لابد من اجراء اتصالات أخرى مثابرة انطوت على قدر من الخطورة مع عبد الرؤوف نفسه في داخل زنزانته لاخذ موافقته واقناعه بالحوار مع (الرأي العام) بعد ادانته وثلاثة من أصدقائه بمقتل الدبلوماسي الأمريكي جون غرانفيل برصاصات قاصدة في ليلة رأس السنة من العام 2008م.
قضية عبد الرؤوف، استحوذت على نصيب وافر من اهتمام وسائل الاعلام العالمية والمحلية وشهدت تطورات دراماتيكية عديدة، كان أبرزها هرب المدانين من داخل السجن الحصين بعد تأييد حكم الاعدام في حقهم، ثم توالي أنباء مقتلهم بعد ذلك واحداً تلو الآخر خارج الحدود، بينما تم القاء القبض على عبد الرؤوف الذي حاورته في الأيام الفائتة بمكتب مدير سجن كوبر اللواء سعيد ضحية وفي حضوره. حيث جاء، أو بالأحرى جيئ به إلى المكتب وهو مصفد بالأغلال ويرتدي (بدلة) الإعدام الحمراء، ومع ذلك كانت تعلو ملامح وجهه ابتسامة ثقة غامضة تعطي تفسيراً مختلفاً لملامحه في كل مرة، فإلى مضابط الحوار:
*السؤال عن الصحة عادة يكون في إطار التحايا إلا أنه في حالتك سؤال للنشر.. كيف هي صحتك؟*
– الأمور طيبة والحمد لله رب العالمين.
*كيف تقضي يومك في السجن؟*
– يومي يبدأ من صلاة الفجر جماعة، وبعد ذلك أقرأ القرآن ثم الورد اليومي من الأذكار، وبعد ذلك نخرج إلى حوش قسم الاعدامات للغسل وتقضية بعض الأغراض. ثم نصلي الضحى ونجلس مع الناس ويمضي اليوم بشكل عادي والحمد لله.
*لاحظت أنك تحمل مسبحة وهذا أمر غريب نوعاً ما بالنظر لخليفتك السلفية التي ترى في ذلك بدعة؟*
– لا ليس فيها شىء، وإنما هي للذكر فقط. وطبعاً الأفضل باليد التسبيح باليد، لكن لضبط الأعداد فالسبحة أفضل، ولا يوجد فيها محظور شرعي.
*كيف تتواصل مع أسرتك الصغيرة والكبيرة؟*
– لدى زيارات، وهنالك زيارتان كل أسبوع يومي الثلاثاء والخميس.
*من هم أكثر الذين يزورنك بانتظام؟*
– الوالدة وأخي عبد الملك.
*من هو، أو ما هو أكثر ما أفتقدته في السجن؟*
– أهم شىء فقدته كان فقدي للوالد. فقد توفي وأنا في السجن وهذا كله قدر والحمد لله رب العالمين.
*ماذا تنتظر الآن.. العفو أم الاعدام ربما، وفي أيهما كنت ترغب؟*
– العفو لو تم طيبّ، ولكن هذه الأمور كلها مقدرة، والموت حتى لو كنت خارج السجن فإنه سيأتي وليس شرطاً أن يكون بالحبل، لكن نأمل في العافية ونسأل الله أن يُقدّر الخير.
*ما الذي تعلمته خلال هذه الفترة التي مكثتها داخل السجن؟*
– تعلمت الكثير، ولا شك أن الشخص يتأثر بالسجن ولو بقي فيه يوماً واحداً، ويتم النظر في التصرفات والمعاملات وفي مجمل الخبرة في الحياة والتعامل مع الناس من زاوية أخرى حتى للسجن وللناس الموجودين فيه وللحكومة.
*لماذا حاولت الهرب مع رفاقك المدانين بقتل غرانفيل من السجن ذات مرة؟*
– القضية كما تعرف فيها أربعة أشخاص، وأنا المتهم الرابع والأخير في البلاغ، ومن كانوا معي هم من رتبوا الهرب منذ بداية الدخول إلى السجن ولكنهم لم يتحمسوا للتنفيذ إلا بعد الحكم بالاعدام وتأييد المحكمة العليا.
*فيم كنت تفكر بعد الهرب..هل كنت ترغب في الالتحاق بالشباب الصومالي أو داعش ربما؟*
– أنا أصلاً لم أكن متحمساً للهرب، بل كنت مختلفاً معهم، وأنا كنت في غرفة منفرداً ولم أكن معهم، وقبل الهرب بفترة قليلة تحدثوا معي عن ضرورة أن نخرج وكان أشخاص خارج السجن جاؤوني زيارة لكي يقنعوني، فوافقت على الخروج ولكن كانت نيتي أن أفارقهم بعد ذلك.
*من أين تسلل العنف إلى تفكيرك يا عبد الرؤوف وانت ابن شيخ متسامح ودائماً ينتقد العنف؟*
– أنا أتحفظ على مصطلح العنف هذا، صحيح هنالك أخطاء حدثت، لكن الأصل هو حب الجهاد وليس لمجرد العنف. وأنا كنت في السعودية في الجامعة الاسلامية بالمدينة والحمد لله التقيت بشباب هناك وهذا هو التاريخ الذي يمكن أن يكون قد التحقت فيه بهذا الاتجاه.
*ماذا درست في الجامعة الاسلامية على وجه التحديد؟*
– درست أصول الدين في كلية الدعوة الاسلامية ولكن لم أكملها تبقى لي فصل دراسي واحد على اكمال الدراسة في الكلية.
*ألم تفكر في مواصلة الدراسة، خاصة وأن بعض زملائك قد تمكنوا من نيل درجة الدكتوراه من داخل السجن وفيهم محكمون بالاعدام كعبد العزيز عشر؟*
– أكملت حفظ القرآن في السجن، وأول ما جئت كنت أحفظ عشرة أجزاء فقط ولكن الآن أكملت حفظ القرآن بفضل الله، وأقرأ غير ذلك ما تيسّر لي.
*والدك شيخ أبو زيد زارك في السجن أكثر من مرة.. ماذا كان يقول لك؟*
– كان يوصني بالصبر ويقول لي بأن هذا قدر مكتوب وأني لابد أن أسأل ربنا الفرج والخلاص وكذا..
*هل تشاهد التلفزيون أو تطالع الصحف في السجن؟*
– نعم، لدى تلفزيون وأقرأ الجرائد وكل شيء..
*هل يسمح بدخول الجرائد في السجن؟*
– نعم، مسموح بذلك، وأنت لو دخلت إلى داخل السجن ستستغرب.
*هل عكفت على مراجعة ما فعلته وقادك إلى ما انت فيه الآن؟*
– يا أستاذ أي شخص في هذه الدنيا لديه أخطاء، ومخطئ من يقول إنه لا يخطئ، ولا يوجد انسان كامل في هذه الدنيا، والانسان يمر في حياته بمصائب ومشاكل كبيرة مثل التي أمر بها أنا الآن بالذات الأشياء التي من قبيل وفاة الوالد وأخواني، وزوجتي وهذه كلها أشياء تجعل الإنسان يراجع نفسه في كثير من الأشياء ويحاول إصلاح ما يمكن من أخطاء.
*على ذكر الزوجة، أين أبناؤك وأسرتك الصغيرة الآن؟*
– لدى ابنة (لينا) وابن (جهاد)، وزوجتي (تطلقت) الآن.
*هل انت في السجن الآن ضحية لفكر خاطيء أو لحكم خاطيء؟*
– أنا ضحية من الاتجاهين، وأنا لا أُنكر أن هنالك أخطاء كبيرة حدثت، ومن ناحية الحكم أنا لا أقول إن هنالك أخطاء ولكن أنا المتهم الرابع، والمتهم الأول محمد مكاوي وبعده عبد الباسط وهما الاثنان أقرا بأنهما هما اللذان قتلا وقاما بتمثيل الجريمة، ومهند كان يقود العربة، وفي اعترافاتهم قالوا إن عبد الرؤوف كان نائماً ولم يقتل، وفي الاعترافات القضائية أمام القاضي قلت أمام القاضي إنني كنت نائماً في المقعد الخلفي ولم أصحو إلا على صوت ضرب السلاح.
*إلا تعتقد أنه آن الأوان لتصحيح المسار؟*
– أنا أكثر شخص يريد النصيحة، وإذا أخطأت فليس لدى مشكلة في أن أتراجع، وهذا أمر دين وأنا أريد رضاء ربنا في النهاية ولا يهمني رضاء الناس. وأنا لا أخفيك كما قلت لك وهناك أشياء كثيرة حدثت.
*إذن ليس لديك مشكلك في تصحيح الخطأ كما يفهم من حديثك.. فهل أنت مستعد لتقديم اعتذار علني وصريح لأسرة غرانفيل أو أسرة سائقه السوداني عبد الرحمن؟*
– موضوع الاعتذار هذا عرضه الأمريكان في البداية حسبما سمعت، لكن في الأول أنا لم أكن الطرف الوحيد في القضية بل كنت آخر شخص متهم والقاتلان الأساسيان كانا وقتها موجودين و (كانت الكلمة كلمتهم) وهما رفضا الاعتذار لأنهما كانا مجهزين خطة للهرب، وأنا كنت أرى أن تحل الأمور بالتي هي أحسن ولا تتعقد إلى هذه الدرجة.
*هذا ما كنت تراه وتجاوزه الزمن، لكن هل لديك الآن استعداد لتقديم اعتذار جهير لأسرة غرانفيل؟*
– إذا كان اعتذارا فيه حل وتصحيح لهذا الوضع فليس لدى مشكلة لأنني لم أقتل أصلاً.
*وأسرتك الكبيرة التي دفعت ثمن كذلك.. ألا ترى انها تستحق أن تعتذر لها كذلك بسبب الحكم عليك في هذه القضية؟*
– نعم، وهي مازالت تدفع الثمن.
*لماذا برأيك يلجأ بعض الشباب المتدين إلى القتل والتفجير والعنف؟*
– بصورة عامة المشاكل التي تحدث في العالم من حولنا، كالذي يحدث في الصومال واليمن وأفغانستان حيث كانت الطائرات الأمريكية تقصف في المسلمين وكذا، وأنا نفسي تأثرت بذلك وكانت سبباً في دخولي لهذا الطريق، وطبعاً في ذلك الوقت لم يكن هناك قصف في سوريا، وفيما بعد أثرت في أخواني الصغار حيث تدخل ناس وأدخلوهم ومضوا في ذات الاتجاه، وهذا هو السبب الرئيسي. ولكن بعد ذلك دخل أناس أفسدوا فساداً شديداً واستغلوا النية الطيبة للشباب وحركوهم..
*من هم الذين أفسدوا واستغلوا الشباب تحديداً؟*
– والله جهات موجودة، وانظر الآن لما تفعله داعش في ليبيا وفي سوريا. ففي سوريا الآن السوداني يقتل السوداني وهم شباب سافروا من هنا وقالوا إنهم يريدون انقاذ الشعب السوري فأصبحوا يقتلون بعضهم البعض، وكذلك السعودي يقتل السعودي واليمني يقتل اليمني، فهذا في القاعدة وهذا في تنظيم الدولة وكل شخص يقتل الآخر! وانحرفوا من الشيء الأساسي الذي قالوا انهم جاؤوا من أجله وأصبح هناك قتال وفتنة فيما بينهم.
*وماهو دليلك على ذلك؟*
– أكبر دليل على ذلك الشخص الذي كان متهماً أول معي في البلاغ (محمد مكاوي) تم قتله من قِبل حركة الشباب ولم يقتله الأمريكان أو الحكومة الصومالية. وهو ذهب من هنا واستجار بهم ليحموه فقتلوه في النهاية وقالوا: (لانه ماشي يبايع الدولة) ولذلك قتلوه. فكيف يمكن أن تبرر أمام ربنا قتلك لمسلم في أمر كهذا.. وهل إن كان يريد أن يبايع الدولة هذا مبرر شرعي لقتل مسلم؟!
*الآن هنالك شباب لا يزالوا مقتنعين بالفكر التكفيري المتطرف ويفكرون في الذهاب للانضمام لهذه الحركات في سوريا أو ليبيا فماذا تقول لهم؟*
– صحيح هنالك شباب متحمسون، لكن الواقع هناك غير الواقع الذي يتخيلونه.
*ماهو وجه الاختلاف؟*
– مثلاً هم يذهبون من هنا وفي نيتهم مقاتلة العدو ونصر المسلمين وكذا، لكن عندما يذهبون إلى هناك فإن الوضع يختلف جداً. وأنظر الآن للوضع في سوريا، وفي الصومال كذلك داعش لديها مشكلة مع الشباب والشباب لديهم مشكلة مع داعش، وفي اليمن نفس الشىء وكل واحد لو وجد أخاه يقتله، وفي ليبيا والعراق الوضع أشد، وحتى في أفغانستان طالبان وداعش يقاتلان الآن بعضهما وتركا قتال العدو الذي قالوا انهم ذهبوا لقتاله.
*ماهي الرسالة التي تضعها في حقائب من يرغبون في الرحيل من الشباب للانضمام للحركات التي تقاتل بعضها؟*
– أقول لهم إن هذه فتن، والانسان إذا ذهب ألا أن يقتل مسلماً، ولا يوجد قتال لعدو وإنما القتال تحول فيما بينهم.
*كأنك تحذرهم من أن ينزلقوا في أتون هذه الفتن باسم الجهاد؟*
– أحذرهم، لأنهم رأوا العواقب.. وكثير من الذين ذهبوا إلى ليبيا وسوريا والصومال رجعوا إلى بلادهم بعد أن رأوا الواقع بأم أعينهم غير ما كانوا يتوقعون. فهم يذهبون للجهاد في سبيل الله والشهادة ويتم استغلالهم بنية طيبة لقتل اخوانهم، ولمجرد خلاف بسيط يقول لك هذا كافر وتستبيح دمه.
*كيف يتم التواصل واستقطاب هؤلاء الشباب للالتحاق بتلك الجماعات في سوريا وليبيا مثلاً.. وهل يتم تجنيدهم عبر النت أم ان هناك أشخاصاً يقومون بتسهيل مهمتهم وتسفيرهم إلى هناك؟*
– هنالك أشخاص موجودون يتزعمون هذا الفكر هنا في السودان وبعضهم كان معتقلاً، وهم الذين يفتوا للناس ولديهم مراكز ومدارس ويجندون الناس.
*وهل لهؤلاء الأشخاص قدرة على تسفير من يجندونهم لخارج البلاد للاتحاق بتلك الجماعات؟*
– نعم، وأنا لدى ثلاثة أخوان تم تسفيرهم، والرابع ابن أختي الآن معتقل في تركيا، وكذلك يعملون الآن على أن يُسفّروا أولادي.
*من هو أو من قتل من اخوانك وكم عدد من قتلوا ضمن تلك الجماعات في الخارج؟*
– أول من استشهد هو عبد الإله، ثم محمد وزوجته في ليبيا وتم ارجاع أبنائهم الثلاثة قبل أربعة أشهر تقريباً من ليبيا، ثم عبد الواحد.
*وهل قُتِل عبد الواحد كذلك في سرت الليبية؟*
– نعم، وهم استغلوهم ناس هناك لأنهم يريدون الجنة وأن يرضوا ربنا ويجاهدوا في سبيل الله، ولا أحد الآن في الأسرة يعرف حتى كيف ماتوا، وقد اتصل أحدهم بالأسرة ليخبرهم بأن عبد الواحد قتل دون أن يخبرهم كيف حدث ذلك.
*عندما يسمع الناس في كل مرة عن مقتل أحد أبناء شيخ أبو زيد في ليبيا، فإنهم يتساءلون: ماذا في هذه الأسرة تحديداً يدفع أبناءها للانضمام لهذه الحركات المتشددة رغم أن والدهم لم يكن كذلك؟*
– المسألة ليست مسألة تشدد، والتربية في البيت هي تربية دينية عادية لا علاقة لها بالتشدد، لكن دخلت أطراف تبنت هذه المسألة وحاولت تؤثر..
*هل تشعر بأن هناك تربصا أو استهدافا لأسرتكم ربما؟*
– نعم موجود.. موجود.
*ولماذا يتربصون بكم تحديداً ولا يستقبطون أبناء أي شيخ آخر؟*
– والله هؤلاء الناس لا يركزون إلا على فئات معينة، وعلى (الناس الظاهرين) إن كانوا مثلاً من الأكاديميين والأطباء والمهندسين فهم يركزون على أبناء الأسر الكبيرة والمعروفة..
*وماهي فلسفتهم من ذلك برأيك؟*
– لأن بعض الناس عندما يسمعون بأن ابن (ناس فلان) ذهب في هذا الاتجاه فأنت لا تحتاج دعوة بعد ذلك وسيأتي كثيرون إلى ذات الطريق.. وعندما يقولون إن أولاد شيخ أبو زيد أربعة ذهبوا في هذا الطريق فأنت لا تحتاج بعد ذلك لأن تدعى. وإن كان الوالد لا علاقة له بهذه المسائل.
*هل ترى إن أسرتكم هي مفرخة للفكر الارهابي أم ربما كنتم من ضحاياه؟*
– لا .. لا نحن لسنا مفرخين بل ضحية للعنف، وأخواني عندما مضوا في هذا الطريق أنا كنت في السجن وتركتهم جميعاً أطفالا. ولكن البعض استغلوا دخولي السجن ووصلوا إلى أخواني وحتى إلى زوجتي، وأطفالي الآن مهددون بأن يأخذوهم في أية لحظة..
*وكيف وصلوا إلى زوجتك؟*
– هنالك أشخاص يتبعون لداعش هم السبب في طلاق زوجتي، ذهبوا اليها وحرضوها وقالوا لها تمشي الهجرة وتمشي ليبيا..
*والآن أين هي؟*
– مازالت موجودة في السودان.
*وماذا عن ابنك وابنتك؟*
– موجودان ولكن بعد أن كفروني منعوا أولادي من زيارتي، والآن أنا زيارتي مفتوحة ولكن منذ (8) شهور لم يزرني أحد في السجن.
*لو عاد بك الزمن إلى الوراء إلى ماقبل الحادثة…ومعك زملاؤك ماذا كنت ستفعل؟*
– والله يا أستاذ أنا أكون صريحا معاك، أنا الذي فعله بي وبأسرتي المنتسبون لداعش أشد من الأمريكان. والأمريكان أنا لم أر منهم شيئاً حتى الشخص الذي تعرض للقتل أنا لم أره بعيني وكنت نائماً كما قلت لك، ولم أتعرض لعداء من الأمريكان أو من الحكومة ولكن الأذية تعرضت لها من داعش. والآن انت عندما يأتي شخص ويأخذ أخوانك الثلاثة ولا يراعي إن هذه الأسرة فيها ناس كبار وتحتاج لواحد منهم لكي يكون موجودا، وهو وأولاده موجودين في نفس الوقت، بل يذهب من ورائي لزوجتي ويحرضها ويغريها بأن تتطلق ويتزوجها ويسافر بها الى ليبيا فهل هذا من الاسلام؟!، وكيف يقولون انهم على منهاج النبوة والنبي صلى الله عليه وسلم يقول ليس منا من خبب امرأة على زوجها، وأنا الآن مسجون ولكنه يمنع حتى أطفالي من زيارة أبوهم فهل هذا هو الاسلام؟!
*تابعت من قبل مناشدة من الأسرة للحكومة والرئاسة للتدخل لمنع تسفير أبنائك إلى الدواعش في ليبيا فهل تمت استجابة؟*
– حسب علمي ليس هناك استجابة واضحة، والجماعة الذين حذرنا منهم مازالوا حول الأطفال.
*ومن يوجد في بيتكم الآن؟*
– البيت الآن فيه عبد الملك وهو متزوج وبأولاده، وفيه الوالدة وهي امرأة كبيرة وأبناء محمد أطفال صغار جيئ بهم من ليبيا بعد مقتل والديهما هناك وهم في رعاية الوالدة الكبيرة.. وأنظر ماذا فعلوا بي أنا. فهم لا يسألون عن أبناء محمد أو أسرة عبد الاله ويقولون إن هؤلاء قُتِلوا معنا وكانوا في صفنا، لا يسألون مجرد سؤال.
*لنفترض انه تم العفو عنك الآن من أولياء الدم. ماذا ستفعل.. وما الذي سيتغير في عبد الرؤوف؟*
– والله يا أستاذ أنا الآن أكثر شيء يهمني هو الأولاد، واستيقظ في كل يوم وأنا خائف من أن يتم تسفيرهم إلى ليبيا أو أي مكان. لأن الناس الذين حولهم خطرون وأنا أعرفهم جيداً فهم يقومون بتسفير الناس إلى ليبيا وهم موجودون. (فالشخص الذي سفّر محمد أخوي قاعد، والذي سفّر عبد الإله أخوي قاعد، والذي سفر عبد الواحد أيضاَ قاعد. والشخص المتزعم لهذه الفتنة وطلّق زوجتي موجود ومعروف بالاسم).
*وهل السلطات تعرفهم أيضاً؟*
– أنا لا أعرف السلطات، ولكني أعرفهم. وهم في مراكز معروفة وأغلبهم كانوا معتقلين.
*هل يمكن أن تقدم نموذجا لعائد أو تائب من فكر العنف أو الفكر المتطرف؟*
– الاعتدال لابد منه، والتشدد منهي عنه. والنبي صلى الله عليه وسلم يقول ما شاد الدين أحد إلا غلبه. لكن اتجاه العاطفة عن أنهم يريدون الجهاد في سبيل الله وكذا يمكن أن يكون محموداً ولكن الأحداث والفتن التي تحدث هناك خطيرة ويحدث انحراف للناس حتى عن الفطرة. وأصبحت تحدث حالة من الهرجلة، وأضرب لك مثلاً بالبنات اللائي يسافرن إلى داعش، فالواحدة منهن تترك أهلها وتمشي إلى هناك وتتزوج من غير محرم ومن غير أي شيء، وأنا سمعت بواحدة كفّرت أهلها وتزوجت هنا من داخل السودان، والآن لو سألت أي شخص عادي في الشارع سينكر لك هذه المسألة، فهل هذا من الدين؟!، فهناك أشياء يستغلون فيها حماس الشباب.
*آخيراً.. ما هي نصيحتك للشباب؟*
– أقول لهم إن هذا زمن فتن، وأدعوهم للبعد عن الفتن، وأكبر الفتن في هذه الدنيا هي أن تقتل انسانا دون وجه حق، وإذا كان المقصد هو رضاء الله عز وجل فلابد للانسان أن يتثبت ولا ينساق وراء العاطفة ويُستغل من البعض.
(منقول).


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.