كثيراً ما تختلف درجات إحساس الناس حيال الأحداث، فما يَراه البعض خَطراً، يراه آخرون أكثر من عَادي، وما يَراه البعض أزمة، يَراه آخرون مُجرّد مُشكلة. طيلة الشهور الماضية، لم التمس إجماعاً على أنّ البلاد على الحَافّة مثلما يحدث الآن. تقريباً، أدرك الجميع أنّ السُّودان الآن على حَافّة مصيرٍ مجهولٍ، الجميع تجاوزوا تصنيف ما عليه الحال الآن أكبر من أزمة، لكن الجميع يَتساءلون، ما العمل؟! في حوارٍ نشرته (التيار) قبل أيامٍ، تحدّث منصور خالد طويلاً عن "فشل النخبة" وأنّ جميعهم كذّابون، رغم أنّ منصور حاول أن يُخلي نفسه من المسؤولية، إلاّ أنّ الحديث المُر الذي رمى به، هو واقعٌ تعيشه البلاد الآن. حالة العجز الجماعية التي سَيطرت على المشهد السياسي وحوّلته إلى بركةٍ ساكنةٍ أغرت صُعُود الطحالب وتكاثر الناموس. المُلاحظ أنّ المشهد أصبحت تتصدّره مجموعات انتهازية تربط مَصير البلاد بمصير مُمتلكاتها وأرصدتها، وتحوّل الفعل السياسي إلى حملات تأييدٍ ودعمٍ ومُباركة وتهانٍ. توقّف الفعل تماماً، كأنّ الجميع ينتظر أن ينتهي مشهد مسرحي أمامه، الجميع كأنّه ينتظر شارة المُخرج ليكتب النهاية. هذا الكم الهائل من الأحزاب والكيانات السِّياسيّة لو أنّ ربعها له برنامجٌ واضحٌ ومُحدّدٌ لإنجازه لاختلف الوضع تماماً، لكن غالبيتها من لا تجيد سوى التصفيق والدعم والتّأييد لكل ما تفعله السُّلطة تُحرِّكها كيفما أرادت. الأوضاع تتطوّر باتجاه الانهيار بسُرعة ينبغي أن تستدعي في الجميع اليقظة ومُحاولة إنقاذ ما تبقى.. الجميع يرى كل عناصر الانهيار ويتساءل كيف لا يزال الوضع صَامداً. يجب ألاّ يموت الأمل في نفوس الناس، فهذا إن حدث خُطُورته تُكلِّف أثماناً باهظةً وسنوات طويلة لإيقاظه، وهذا ما أوشك الشّارع للوصول إلى مَرحلته، حالة اليأس والصّمت المُعجون بالغضب! الوضع في حاجةٍ عاجلةٍ إلى انتزاع فُرصة تاريخية تستنهض في الجميع روح العمل، فُرصة وطنية خَالصة لا بيد أمبيكي ولا غيره.. فُرصة سُودانية خالصة تضع نقطة النهاية لهذا العجز الذي بَاتَ مُلازماً، فُرصة تُوقف تمدُّد اليأس الذي بَاتَ عُنواناً، وتحفظ ما تبقى. هل تُدرك قياداتنا السِّياسيَّة أنّ الوضع خطرٌ؟!. التيار