لم نخلص من قضية الأطباء المزيفين التي من هول الرقم تكاد لا تُصدق، لولا أن الوزارة بنفسها هي التي أعلنت ذلك وبإحصائيات. أمس، معظم صحف الخرطوم نقلت فوضى صحية تجتاح مستشفى دنقلا، حيث كشف مجلس المهن الطبية والصحية عن (22) مخالفة من جملة (27) معياراً للعمل بالمجلس.. تم ضبط كوادر غير مؤهلة تعمل في تخصصات صحية، مثلاً، تم ضبط (5) كوادر يعملون في قسم الأشعة، لكن بشهادات حاسوب وإنتاج حيواني. هذا فقط على سبيل المثال، أما الوضع الصحي في مجمله لم يعد يحتاج إلى مجلس يضبط أو لجنة تُحقق. قبل يومين، نشرت "التيار" تحقيقاً عن أوضاع مستشفى القضارف، حيث من المبكيات المضحكات، أن المريض هناك يضطر إلى دفع (5) جنيهات لاستخدام الحمام. الشهر الماضي، نشرت الصحف أن مصل الحمى الصفراء انعدم في البلاد، وأن أفرع القموسيون الطبي توقفت عن العمل لانعدام المصل. وزير الصحة الولائي اعتذر عن هذا الفشل وحمل الإمدادات الطبية المسؤولية كاملة، وقال إنها فشلت في توفير المصل، كما فشلت في توفير 65% من قائمة الأدوية التي طلبتها وزارته.. المهم أن الأزمة لا زالت مستمرة. وقبل ذلك، وزير الصحة بحر أبو قردة، بنفسه أعلنها داوية، أن أزمة وشيكة في الدواء خلال أيام، حيث اضطرت أكثر من "5" شركات أجنبية كبرى للتوقف عن تزويد الإمدادات الطبية بالأدوية المنقذة للحياة، والسبب المعلوم للجميع، هو تراكم الديون التي تجاوزت بحسب الوزير "32" مليون يورو لأن البنك المركزي فشل في توفير النقد الأجنبي. وسط هذا المشهد المأسأوي، تقرأ خبراً يقول ((منح اتحاد المستشفيات العربية وزير الصحة السوداني "بحر إدريس أبو قردة" جائزة القيادة في دعم القطاع الصحي العربي لعام 2018م، وقال البروفيسور "توفيق خوجة" أمين عام الاتحاد، إن اختيار وزير الصحة السوداني لنيل هذه الجائزة جاء انعكاساً لدوره الريادي في تعضيد العمل الصحي العربي المشترك ولجهوده البناءة والملموسة)). صحيح أن أزمة الصحة في البلاد أكبر من أبو قردة، ولن يتحمل هو وحده مسؤولية التردي والانهيار الذي لازم القطاع الصحي منذ سنوات طويلة.. لكن، ما هي معايير هذا الاتحاد التي على أساسها يمنح الجوائز تحت اسم الريادة والجهود الملموسة. أية ريادة وأي جهود؟ هذه جائزة ليست مستفزة فقط، بل هي مهينة.. ربما يستحق أبو قردة أية جائزة، لكن قطعاً، الصحة ليست من بينها. التيار