المريخ يكسب تجربة البوليس بثلاثية و يتعاقد مع الملغاشي نيكولاس    حسين خوجلي يكتب: السفاح حميدتي يدشن رسالة الدكتوراة بمذبحة مسجد الفاشر    قرار مثير في السودان    وزير الزراعة والري في ختام زيارته للجزيرة: تعافي الجزيرة دحض لدعاوى المجاعة بالسودان    البرهان يصدر قراراً بتعيين مساعد أول للنائب العام لجمهورية السودان    راشفورد يهدي الفوز لبرشلونة    ((سانت لوبوبو وذكريات التمهيدي يامريخاب))    بدء حملة إعادة تهيئة قصر الشباب والأطفال بأم درمان    نوارة أبو محمد تقف على الأوضاع الأمنية بولاية سنار وتزور جامعة سنار    إبراهيم جابر يطمئن على موقف الإمداد الدوائى بالبلاد    قبائل وأحزاب سياسية خسرت بإتباع مشروع آل دقلو    لجنة أمن ولاية الخرطوم: ضبطيات تتعلق بالسرقات وتوقيف أعداد كبيرة من المتعاونين    ما حقيقة وصول الميليشيا محيط القيادة العامة بالفاشر؟..مصدر عسكري يوضّح    هجوم الدوحة والعقيدة الإسرائيلية الجديدة.. «رب ضارة نافعة»    هل سيؤدي إغلاق المدارس إلى التخفيف من حدة الوباء؟!    الخارجية: رئيس الوزراء يعود للبلاد بعد تجاوز وعكة صحية خلال زيارته للسعودية    الخلافات تشتعل بين مدرب الهلال ومساعده عقب خسارة "سيكافا".. الروماني يتهم خالد بخيت بتسريب ما يجري في المعسكر للإعلام ويصرح: (إما أنا أو بخيت)    شاهد بالصورة والفيديو.. بأزياء مثيرة.. تيكتوكر سودانية تخرج وترد على سخرية بعض الفتيات: (أنا ما بتاجر بأعضائي عشان أكل وأشرب وتستاهلن الشتات عبرة وعظة)    تعاون مصري سوداني في مجال الكهرباء    شاهد بالصورة والفيديو.. حصلت على أموال طائلة من النقطة.. الفنانة فهيمة عبد الله تغني و"صراف آلي" من المال تحتها على الأرض وساخرون: (مغارز لطليقها)    شاهد بالفيديو.. شيخ الأمين: (في دعامي بدلعو؟ لهذا السبب استقبلت الدعامة.. أملك منزل في لندن ورغم ذلك فضلت البقاء في أصعب أوقات الحرب.. كنت تحت حراسة الاستخبارات وخرجت من السودان بطائرة عسكرية)    ترامب : بوتين خذلني.. وسننهي حرب غزة    أول دولة تهدد بالانسحاب من كأس العالم 2026 في حال مشاركة إسرائيل    900 دولار في الساعة... الوظيفة التي قلبت موازين الرواتب حول العالم!    "نهاية مأساوية" لطفل خسر أموال والده في لعبة على الإنترنت    شاهد بالصورة والفيديو.. خلال حفل خاص حضره جمهور غفير من الشباب.. فتاة سودانية تدخل في وصلة رقص مثيرة بمؤخرتها وتغمر الفنانة بأموال النقطة وساخرون: (شكلها مشت للدكتور المصري)    محمد صلاح يكتب التاريخ ب"6 دقائق" ويسجل سابقة لفرق إنجلترا    السعودية وباكستان توقعان اتفاقية دفاع مشترك    المالية تؤكد دعم توطين العلاج داخل البلاد    غادر المستشفى بعد أن تعافي رئيس الوزراء من وعكة صحية في الرياض    تحالف خطير.. كييف تُسَلِّح الدعم السريع وتسير نحو الاعتراف بتأسيس!    دوري الأبطال.. مبابي يقود ريال مدريد لفوز صعب على مارسيليا    شاهد بالفيديو.. نجم السوشيال ميديا ود القضارف يسخر من الشاب السوداني الذي زعم أنه المهدي المنتظر: (اسمك يدل على أنك بتاع مرور والمهدي ما نازح في مصر وما عامل "آي لاينر" زيك)    الجزيرة: ضبط أدوية مهربة وغير مسجلة بالمناقل    ماذا تريد حكومة الأمل من السعودية؟    شاهد بالصور.. زواج فتاة "سودانية" من شاب "بنغالي" يشعل مواقع التواصل وإحدى المتابعات تكشف تفاصيل هامة عن العريس: (اخصائي مهن طبية ويملك جنسية إحدى الدول الأوروبية والعروس سليلة أعرق الأسر)    الشرطة تضع حداً لعصابة النشل والخطف بصينية جسر الحلفايا    إنت ليه بتشرب سجاير؟! والله يا عمو بدخن مجاملة لأصحابي ديل!    في أزمنة الحرب.. "زولو" فنان يلتزم بالغناء للسلام والمحبة    إيد على إيد تجدع من النيل    حسين خوجلي يكتب: الأمة العربية بين وزن الفارس ووزن الفأر..!    ضياء الدين بلال يكتب: (معليش.. اكتشاف متأخر)!    في الجزيرة نزرع أسفنا    مباحث شرطة القضارف تسترد مصوغات ذهبية مسروقة تقدر قيمتها ب (69) مليون جنيه    من هم قادة حماس الذين استهدفتهم إسرائيل في الدوحة؟    في عملية نوعية.. مقتل قائد الأمن العسكري و 6 ضباط آخرين وعشرات الجنود    الخرطوم: سعر جنوني لجالون الوقود    السجن المؤبّد لمتهم تعاون مع الميليشيا في تجاريًا    وصية النبي عند خسوف القمر.. اتبع سنة سيدنا المصطفى    عثمان ميرغني يكتب: "اللعب مع الكبار"..    جنازة الخوف    حكاية من جامع الحارة    حسين خوجلي يكتب: حكاية من جامع الحارة    تخصيص مستشفى الأطفال أمدرمان كمركز عزل لعلاج حمى الضنك    مشكلة التساهل مع عمليات النهب المسلح في الخرطوم "نهب وليس 9 طويلة"    وسط حراسة مشددة.. التحقيق مع الإعلامية سارة خليفة بتهمة غسيل الأموال    نفسية وعصبية.. تعرف على أبرز أسباب صرير الأسنان عند النوم    بعد خطوة مثيرة لمركز طبي.."زلفو" يصدر بيانًا تحذيريًا لمرضى الكلى    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



أسطورة الكرة زلاتان ابراهيموفيتش
نشر في حريات يوم 09 - 12 - 2012


[email protected]
قبل بضع أسابيع سحر اللاعب زلاتان ابراهيموفيتش العالم بتسجيله أربعة أهداف في شباك انكلترا . و أحد هذه الاهداف قد دخل التاريخ و تفوق على الهدف الذي سجله البرازيلي ، و لاعب برشلونة السابق (رونالدينو) .
في مسابقات كأس الامم الاوروبية الأخيرة ، سجل زلاتان هدفا في شباك فرنسا كان يعتبر من المعجزات. فلقد كان طائرا حينما سدد ذلك الهدف ، خاصة و أن زلاتان يبلغ طوله المترين .
الأسبوع الماضي قابلت بالصدفة أحد الأصدقاء القدامى ( حسيب كريتشش) . وكنت أعرف أنه كان أول من درب زلاتان و أحتضنه عندما كان زلاتان في الحادية عشر من عمره. ف(حسيب) البوسني كان مدربا لخمسة أتيام للأطفال. كما كان مدرب فريق ( البلقان ) الذي كان وقتها في الدرجة الثانية . ولكن بعد فركشة يوغسلافيا نزل الفريق الى الدرجة الرابعة ، فلقد انفصل الكروات و الصرب و بقية الجمهوريات بأتيامهم الخاصة.
زلاتان مر بحياة عاصفة جدا .كان من المفروض أن تجعل منه مدمنا للمخدرات أو سكيرا أو جانحا . الا أنه كان يتمتع بالانضباط . و حتى عندما كان يحضر من مدينة ميلانو، وهو لاعب عالمي ، كان أصدقاءه في مدينة (مالمو) يتوقعون منه أن يشارك في حفلات و صخب ، الا أنه كان ينصرف مبكرا ويذهب في السابعة صباحا الي صالة التدريب المنتشرة في كل السويد و كل الاحياء. وهذه الصالات تفتح لاربع و عشرين ساعة سبعة أيام في الاسبوع و تحمل اسم 24 في 7 وهذا يعكس حب السويديين للرياضة بكل أنواعها .
عندما كان زلاتان صغيرا كان خجولا و منزويا . والدته ( يونكا ) كانت في الأول متزوجة من كرواتي و هؤلاء كاثوليك متعصبون ، و عندهم احساس بأنهم خيرة اليوغسلاف . زوجها الاول الكرواتي اسمه (جورو أنيتش) كان شقيقا ل ( ماركو أنيتش ) و ماركو أنيتش قد صار مليونيرا فيما بعد ، و يسكن في فيلا ضخمة تجاور مصنعه للحوم و المقانق. وسبب نجاحه أنه قد اشترى مهرا صغيرا بغرض ذبحه ، الا أن المهر كان يبدو قويا فقام بتدريبه و أنزلوه السباق و أطلقوا عليه اسم ( ليقولاس ) و صار الفرس اسطورة سار بها الركبان ، وصارت العائلة مشهورة . وكان هنالك مطعم ومشرب في وسط المدينة يحمل اسم (ليقولاس).
عندما انفصلت ( يونكا أنيتش ) من زوجها الكرواتي كان لها ابن هو ( سابكو ) وهو في نهاية الثلاثينات الآن ويبدو ضئيلا في حجم والده وهو منزوي وعنده خوف من الآخرين و يعيش على الضمان الاجتماعي. و بنت هي ( سارنيلا ) . (جورو أنيتش) كان ضئيل الحجم ، و أذكر أنه قد أتى الى مكتبي في منتصف السبعينات مصحوبا بأسرة (تلتسكي) المكدوني ، الأب (متودي) و أبنائه ( ستيفان) و شقيقه (بلاقوي) وكان (جورو) يريد أن يأجر لهم محله لأنه يريد أن يتفرغ لمشاكل زوجته و أن يتحصل على عمل بمرتب و ساعات معلومة. وكان جورو يريدني أن أضمن أسرة تلتسكي لأنهم أصدقائي و خاف من تغولهم ، لأنهم عصبة ، وكنت أقول له ساخرا كيف يأتي يوغسلاف الى أفريقي ليضمن بعضهم . وضمنت أسرة (تلتسكي) و أذكر أنهم أتعبوني في السداد بالرغم من صداقتنا.
زوجة جورو تركته بالرغم من كل شئ ، و تزوجت ( شفيق ابراهيموفيتش ) الذي كان عملاقا ، وكان ملاكما مهابا ، وزلاتان صورة منه. و لايذكر شفيق لأصدقائه حتى يشيرون بسبابتهم الى رأسهم اشارة لعدم معقوليته ، كما كان يكره الصرب بصورة عقائدية. وكان يذهب الى نادي البلقان و يتحرش بالصرب و يشتم أمهاتهم . وكان والد زلاتان ووالدته منغمسين في الشرب . وكان زلاتان يجد الاستفزاز و المضايقة من اليوغسلاف الآخرين و عدم رضا أهل زوج أمه السابق.
السيدة يونكا والدة زلاتان انفصلت من شفيق فيما بعد ، و ارتبطت بأحد الغجر اليوغسلاف وهو ( فلادو ) ، و أذكر أنه كان لطيفا الا أنه كان مدمنا للخمر ، وقد مات قبل فترة قصيرة. و له ابن من والدة زلاتان اسمه ( ألكس ) . الغجر لا يتمتعون باحترام كبير في شرق أوروبا فلقد اشتهروا بالسرقة و الاحتيال و المخدرات الا من رحم ربي . و لا يزال و ضعهم بائسا في شرق أوروبا ، و يضطرون لسرقة المحاصيل من المزارع في الصيف ، و أكل لحم الكلاب في بعض الأوقات ويسرقون الخنازير و الخراف في الليل . و لقد كان مشجعي الأتيام الأخري ضد نادي ميلانو يرفعون يافطات تقول أن زلاتان غجري بقصد اغاظته .
الزوج الأخير و ادمان والدة زلاتان كان ضربة قاسية بالنسبة له ، ويقول لي صديقي ( حسيب ) ان زلاتان كان أقل الاطفال حجما خاصة عندما كان في الحادية عشرة ولم يكن متميزا ، الا أنه كان مواظبا علي حضور التمارين ، و فجأة زاد طوله بنصف متر في فترة و جيزة و صار أطول الصبية قامة . فالطعام بكل أنواعه متوفر في المدارس السويدية وبكميات كبيرة في شكل بوفيه وهو كالتعليم مجاني ، ولا توجد مدارس خاصة. في تلك الفترة صار زلاتان صديقا لأميز صبي في التيم و هو توني - (فليقري ) و تعني الطيار أو الطائر. وكانت والدة توني السويدية متزوجة من يوغسلافي وهو والد توني فاحتضنت زلاتان وكان منزلها مفتوحا له ، في هذه الفترة كان زلاتان محتاجا لأي نوع من الدعم و الاهتمام . وكان هذا في الفترة الحرجة أيام الحرب الاهلية اليوغسلافية في بداية التسعينات ، وصار زلاتان يشترك في معارك جسدية ، وصار شرسا جدا و يبدو هذا ظاهرا جدا في سلوكه في بعض الأحيان داخل و خارج الملاعب حتى بعد أن صار نجما عالميا .
عندما بلغ الثالثة عشر و جد زلاتان نفسه مجبرا على أن يدافع عن نفسه طول الوقت ، فالحي الذي نشأ فيه كان أسطورة للتقدم و الازدهار عندما أنشأ في العام 1967 . وهذا في قمة الطفرة الاقتصادية السويدية وكان القصد منه نقل العمال السويديين من المساكن القديمة الضيقة الى مساكن حديثة مزودة بكل سبل الراحة ، وميادين جميلة مفتوحة و مسقوفة للتنس و كرة القدم و المسابح . ولكن عندما شب زلاتان في ذلك الحي صار كل سكان الحي من الاجانب خاصة اللاجؤون من عرب و بوسنيين و ألبان و صوماليين و صار 84.5% لا يعملون و يعيشون على الضمان الاجتماعي .وهذا أكبر حي في المدينة.
مع مدخل مالمو هنالك يافطة كبيرة تقول ، أن مدينة مالمو هي أفضل مدينة لللأطفال في العالم حسب دراسة الأمم المتحدة . وفي السبيعينات و الثمانينات كنا نشاهد أرتالا من اليابانيين و المسؤلين الأجانب ، يأتون لزيارة المدينة و يذكرون أن المدينة رقم (1) في التنظيم . وهنالك جدول معين يعتمد على عدد الكتب في المكتبات العامة بالمقارنة بعدد السكان . عدد الأسرة في المسشفى ، كمية المسابح و الميادين ، المساحات الخضراء و المساحات الفارغة ومساحة الأمتار في السكن بالنسبة للمواطن ، عدد دور الحضانة و المدارس ،عدد المقاعد في البصات والمركبات العامة ، دور السينما و المسارح والملاهي ، و أماكن وقوف السيارات كل هذا ينعكس على انسياب حركة المرور حيث لا توجد اختناقات مرورية. هذه هي المدينة التي ولد و نشأ فيها (زلاتان ابراهيموفيتش).
زلاتان اتجه الى لعبة التايكواندو ، وهي لعب قتالية كورية مثل الكراتيه ، الا أنها تعتمد بشكل أساسي على استخدام الأرجل . و تفسيري أنا ، ان لعبة التايكواندو قد أفادت زلاتان بشكل كبير في مفدرته الفائقة في استخدام أقدامه . فالهدف الذي أدخله بكعبه في منافسة أمم أوروبية كان رائعا . ولكن الهدف الطائر (مقص) من نصف الميدان ضد انكلترا سيكون أروع هدف لسنين عديدة .
المدرب حسيب كان يقول لي أن زلاتان بعد أن صار طويلا وهو في الثالثة عشرة ، صار يجنح للعنف و يبحث عن المشاجارات و يتقصد الدخول في مشاجرات مع الصبية السويديين في الميدان و خارج الميدان. وكان حسيب يحتوي مشاكله و يقدم له النصح وكان زلاتان يتقبل النصائح ، لأن حسيب بوسني و يعرف والده ووالدته . ووجهه بأن يستفيد من طاقته و شراسته في رياضة قتالية. وفي أربع سنوات تحصل زلاتان على الحزام الأسود وهو في السابعة عشر.
ماريا والدة توني السويدية ساعدت زلاتان كثيرا . توني كان النجم و زلاتان التابع . وعندما كان فريقهم يلعب ضد (مالمو أف.أف) للأشبال كان حسيب يحفزهم بعشرين كرونة لكل صبي اذا انتصروا على فريق مالمو أف.أف لأنه الأقوي وكان هذا يحدث . عشرين كرونة كانت تكفي لسندويتش فلافل و علبة كوكا كولا . ولفتت هذه الانتصارات نظر مدربي مالمو أف.أف لتوني في المكان الأول لأنه كان الأفضل، وكان هذا يدفع زلاتان لأن يجتهد أكثر.
حسيب كان يقول أن زلاتان كان محظوظا فكثيرا ما كان في الوقت المناسب ، والمكان المناسب لتسجيل هدف و أكسبه هذا الثقة في النفس التي كان يفتقدها ، وصارت بعض الفرق تستعين به في منافساتها خاصة خارج المدينة. و لطول قامته كان وهو في الثالثة عشر يشارك في منافسات لشباب في السابعة عشر ، وكان يجد تحفيزا ماليا وهذا ما فتح عينيه لامكانية أن يصبح لاعبا محترفا .
في الثمانينات كان فريق (مالمو أف.أف ) من أفضل الفرق الأورووبية ، ولقد وصل الى نهائي أبطال الأندية الأوروبية أمام نوتنغهام فورست الانكليزي وكان 9 من أعضاء الفريق القومي السويدي من مالمو أف.أف وهذا شئ غير مصدق لمدينة لا يزيد عدد سكانها من 250 ألف نسمة ، والأجانب يشكلون نسبة كبيرة من سكانها ، وهي الأعلى في اسكندنافيا.
المدرب حسيب الذي صار يتحسر على أيام الشباب والصداقات القديمة و مالمو الوادعة قبل أن تربط بجسر و نفق طويلين ببقية أوروبا ، كان يقول أنه بعد أن تسلم مدربي (مالمو أف.أف) الصبية توني و زلاتان صارا في أيدي مدربين عالميين كبار ، و كان قد قدم لهم خامة جميلة . و حسيب كان يقول لي أنه لم يكن عندي المزيد لكي أقدمه لهم .
قديما كان الجميع يعرف بعضهم بعضا في مالمو ، و زلاتان في عمر الصف الثاني من أبنائي . وعقدة الحرمان و المعاناة عند زلاتان دفعته لأن يبرز وأن يضع حلما كبيرا أمام عينيه ولقد تحقق ذلك الحلم . فعندما يذهب الانسان لبلاج ( سيبارب ) في مالمو يشاهد الانسان أفخر المنازل . و قبل سنوات ذهب شاب طويل القامة و طرق باب أسرة سويدية لهم منزل ضخم يطل على البحر في شكل قصر. و طلب منهم أن يحددوا السعر الذي يريدونه . والآن هذا المبنى هو أحد مساكن زلاتان. و قام باجراء تصليحات ضخمة فيه ، و زوده بمسبح كبير و عندما بدأ العمال في التكاسل لأن صاحب القصر بعيد وهو ثري لا يهمه المال ، أطلعهم زلاتان على الوجه الآخر و هو وجه زلاتان ابن ( روزنقورد ) وبسرعة البرق أكملوا العمل .
( روزنقورد ) و تعني حديقة الأزهار ، عندما يدخل الانسان الحي عن طريق نفق المشاة يقرأ الأنسان على رأس النفق ما قاله زلاتان في التلفاز عندما سألوه عن ارتباطه بحيه القديم ( في امكانك أن تخرج الشخص من روزنقورد ، ولكن لايمكن أن تخرج روزنقورد من الشخص ) .
في الصيف الماضي عندما ذهبت ابنتي نفيسة لحضور زواج ابنة خالتها في شمال السويد كان كل من يجلس أو يتحدث معها يسألها قائلا ( هل في حي روزنقورد عندكم في مالمو يمكن أن يقتل الانسان رميا بالرصاص في الطريق ، و أن البوليس لا يمكن أن يدخل الحي ؟ ). و عندما كان ابني فقوق نقور في الثانية عشر ، أخذ صديقه السويدي مايكل و عبروا نفق المشاة تحت الطريق السريع الى ( ماكدونالدز). و عندما أرادوا أخذ دراجاتهم وجدوا الاطارات خالية من الهواء . أن بعض الصبية العرب اعتذروا له قائلين بأن لم يكونوا يعلموا أن الدراجة تخصه و أن السويدي صديقه ، وعندما أردت اصلاح الأنبوب وجدت ما يزيد على العشرين ثقبا .
في الثمانينات كانت هناك ظاهرة كروية يدعى ( مارتن دالين ) وهو أول لاعب كرة أسود في السويد يصل الي العالمية و النجومية وهو من مدينة مالمو . وعندما كنت أسأل هل تأثر زلاتان ب(مارتن دالين) كنت أجد ردودا بالنفي ، بالرغم من أن زلاتان كان في الأشبال عندما كان ( دالين ) نجما . و أذكر من أن ( مارتن دالين) كان يتجنب حتى نظراتنا نحن السود في المدينة. و كان دائما محاطا بمجموعة من الشباب السويدي، و يبدو أن والدته السويدية كانت حاقدة على السود فربته بعيدا عن مجتمع الأجانب و السود و كان يتحدث و يتصرف كسويدي قح.
الآن تتواجد لغة و هي لغة روزنقورد و تحوي العديد من الكلمات العربية و اليوغسلافية و الاسبانية و لغات أخرى لسبب المهاجرين من لاتين أمريكا و الشرق الأوسط وشرق أوروبا و جنوبها ، وهذه لغة زلاتان في التخاطب ، وتظهر في أغاني الراب السويدية. و لهذا يحب الناس في مالمو ( زلاتان) خاصة الأجانب علي عكس (دالين) الذي كان لاعب كرة فقط وذو شخصية باهتة . فزلاتان فرض شخصيته علي المجتمع السويدي و لأول مرة منذ بطل العالم السويدي الملاكم ( انقمار يوهانسون) و الذي فازعلى البطل الأمريكي ( فلويد باترسون) و مباراتهم في اسكهولم في بداية الستينات أستقطبت شخصيات عالمية منهم الثلاثي و الأصدقاء ( فرانك سناترا، و دن مارتن ، و سامي ديفيد جونيور وهو من النجوم السود الأوائل في هوليوود ) صار للسويديين نجم عالمي آخر هو( زلاتان ابراهيموفيتش ) ، وقد شكل زلاتان جسرا بين الأجانب و السويديين.
الحياة في السويد تشجع على عدم التفرد ، و الكرة السويدية تماثل الكرة الألمانية (انضباط ، طاعة كاملة للمدرب ، عمل جماعي ، وعدم التوقف من النضال الى آخر ثانية) و كان من العادة أن من يميل للمراوغة ، و الاحتفاظ بالكرة يجد نفسه خارج الملعب ، على الكنبة بجانب المدرب. و لكن تهليل الجماهير جعل المدربين السويديين يغيرون تكتيكهم . وحتى بعد سننين عديدة من بيع ابراهيموفيتش تحصل نادي (مالمو اف.أف) على مبلغ جيد فهو المالك الأول لزلاتان .و قد بيع زلاتان مؤخرا بأعلى سعر العالم ، وهذا يفرح السويديين.
عندما سألت حسيب عن العلاقة بين توني و زلاتان اكتفى بالقول بأنها ليست كالسابق . و لا يعلم السبب . وبعد سؤالي لابني و بعض لاعبي الكرة الآخرين ،عرفت أن توني قد صار يكثر من شرب الخمر. و أن الحظ قد خدم زلاتان. ففي أحد الماتشات أضاع توني ركلة جزاء فأخرجه المدرب و أدخل زلاتان الذي كان عادة في الاحتياطي و أبلى زلاتان بلاء حسنا و تغيرت المعادلة و صار توني يجلس كاحتياطي ولم ينسى زلاتان (علقة) قديما أخذها من توني في صباهما قديما . وهذا على ما يبدو سبب ضمور العلاقة بين الاثنين.
عندما سألت عن مساعدة زلاتان لأسرته عرفت بأنه قد ساعد والده ووالدته كثيرا ، الا أنه قد توقف عن مساعدة أخوته لعدم انضباطهم و تعاطيهم المخدرات ، فزلاتان كان منضبطا يحاسب نفسه و يحاسب الأخرين. ويبدو قادرا على تحمل عبء النجومية الذي يصعب على الكثيرين. زلاتان لم يبالغ في دعم أسرته كما يتوقع البعض الا أنه ابتاع منزلا صغيرا على بعد 300 متر من منزلنا لأخيه . ويبدو أنه معتدلا في تعامله مع المال و الشهرة ، ولقد اشترى صالونا للتجميل و تصفيف الشعر لأخته كما اشترى منزلا جميلا لأمه في مدينة ( زادار) في البوسنة ن وزوده بكل سبل الراحة.
هنالك شخصية فذة في مالمو وهو الأفريقي (دالاس) وهو من رعيلنا الذي ظهر في السبعينات عندما كانت أعدادنا نحن الأفارقة قليلة جدا. دالاس له مجهودات و نشاطات رائعة ، لعشرات السنين في حي روزنقورد . و برنامجه الرياضي الذي يشمل مناشط رياضية أحدها الملاكمة و ساعد هذا البرنامج في منع الشباب و الأطفال الأجانب من الجنوح و الخروج على المجتمع و لقد كرمه الملك السويد شخصيا في (استكهولم) في حفل مهيب غطته كل وسائل الاعلام.
http://www.qzal.net/01/2012-12/13549863791.jpg
حسيب .. مدرب زلاتان ابراهيموفيتش الاول .
http://www.qzal.net/01/2012-12/13549863802.jpg
دلاس .. مدرب الشباب والاطفال .
التحية
ع.س شوقي بدري


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.