يبدو أن التحديث الجديد للشبكات اللاسلكية يبشر بمستقبل تكون فيه أجهزة عديدة قادرة على الاتصال بالإنترنت بشكل أسرع من ذي قبل. وفي تقريرها الذي نشرته مجلة "وايرد" (wired) الأميركية في نسختها البريطانية، ذكرت الكاتبة دافني لو برانس أن منظمة اتحاد "واي فاي" (Wi-Fi Alliance)، التي تتولى ترخيص أجهزة "واي فاي" قد قررت جعل الشبكات اللاسلكية أسهل للاستيعاب من خلال تغيير أسماء المعايير المختلفة لهذه التقنية، لذلك بدلا من الحديث عن "802.11b" الذي كان المعيار الأول لتقنية "واي فاي" وصدر عام 1999، يمكننا الآن القول "واي فاي 1". ولهذا فإن "واي فاي 6" هي المرة السادسة التي يطور فيها معهد مهندسي الكهرباء والإلكترونيات (المنظمة الدولية التي تضع معايير صناعة الاتصالات السلكية واللاسلكية) تقنيته للشبكات المحلية اللاسلكية (WLAN) ويصدر معيارا جديدا لها هو "802.11ax" الذي أصبح اسمه "واي فاي 6". ومن المتوقع أن يساعد هذا التحديث في تحسين سرعة شبكة "واي فاي". ورغم أنه ليس جاهزا بعد كي يتم تبنيه على نطاق واسع، فإنه تم إصدار بعض الأجهزة المتوافقة معه. ما الذي يدفعنا للاهتمام بهذه التقنية؟ من الناحية النظرية فإن شبكة "واي فاي 6" ستقلل من الوقت الذي تقضيه في توصيل وفصل جهاز التوجيه الخاص بك لتحميل فيلم. وقد بين بيل مينيزيس المحلل بشركة "غارتنر" أن الشبكة ستوفر بيئة عالية الكثافة حيث يمكن للعديد من الأجهزة "استخدام نقطة الوصول اللاسلكية نفسها".
ووفقا للمحللين المختصين بمجال التكنولوجيا، ستكون شبكة "واي فاي 6" أسرع بنسبة 30% من "واي فاي 5". وقد تمكن فريق من المحللين بموقع "سي نت" من قياس سرعة قدرت بحوالي 1320 ميغابايت في الثانية، وهذا أكثر بكثير مما تحتاجه معظم الأجهزة كي تعمل.
ولن يؤثر هذا التحديث على شبكات 5 غيغاهيرتز التي تقوم بإرسال البيانات بشكل سريع فقط، بل سيجعل شبكات 2.4 غيغاهيرتز أسرع من ذي قبل، علما بأنها عادة ما تكون بطيئة للغاية.
ما الخاصية المميزة؟ ستقوم "واي فاي 6" بإرسال البيانات بشكل أكثر كفاءة وأكثر سرعة، فإذا كانت هناك نقطة وصول لاسلكي مثل جهاز التوجيه (router) وهاتف ذكي، فستقوم الشبكة الجديدة بإرسال جميع البيانات في عملية واحدة، فضلا عن إيصالها إلى مزيد من المستخدمين دفعة واحدة. اعلان وأضافت الكاتبة أن "واي فاي" ستتوافق مع تكنولوجيا الوصول المتعدد لقسم التردد المتعامد التي تتيح لها تقسيم عرض النطاق الترددي بين مختلف القنوات الفرعية.
وفي هذا السياق، قال مينيزيس "سيساعد هذا الأمر في تقسيم الطيف وتوزيع عرض النطاق الترددي لمتطلبات المستخدم المختلفة، مما يقلل من التنافر وفترة الانتظار". ومن خلال إنشاء نقاط وصول متعددة، سيكون بإمكان جهاز التوجيه الخاص بك الاتصال مع عدة أجهزة في الوقت ذاته. ما الذي يجعلها ثورية؟ وفقا للمحلل أولوف فالين من شركة "غارتنر" فإن تقنية "واي فاي 6" تطورية بشكل أساسي، ويمكن أن تكون "نقطة تحوّل" بالنسبة للحالات التي يكون خلالها العديد من المستخدمين في حاجة إلى الاتصال بالشبكات اللاسلكية، مثل الملاعب ومراكز التسوق ومراكز المؤتمرات أو المطارات. وفي هذه البيئات عالية الكثافة، تستخدم نقاط الوصول اللاسلكي المختلفة قنوات الإرسال ذاتها، مما يتسبب في حدوث تداخل. في هذه الحال، تستخدم "واي فاي 6" تقنيّة تلوين مجموعة الخدمات الأساسية التي تعمل على كشف الترددات المشتركة وتحديد كل مجموعة برقم خاصّ بها، بحيث يمكن للشبكات أن تقرر بذكاء ما إذا كانت القناة مشغولة للغاية وتتجنب الازدحام. من الذي يحتاج حقا لهذه التقنيّة؟ حسب كريستيان كاناليس المحلل في "غارتنر" فإن تقنيّة "واي فاي 6" ستكون مفيدة جدّا في مساحات العمل المتصلة بالإنترنت بشكل متزايد، أي التي يستخدم فيها الموظفون قرابة 4 أجهزة لاسلكية، مثل الحاسوب المحمول والحاسوب اللوحي والهاتف والأجهزة القابلة للارتداء، والمباني التي أصبحت أكثر ذكاءً.
من بين المجالات الأخرى التي يمكن أن تتحسن نتيجة لهذه التقنيّة، تكنولوجيا الواقع المعزز والواقع الافتراضي الذي يمكن أن تستغلّه الشركات للتدريب أو تصميم المنتجات أو العروض البصريّة. هذا لا يعني أنك لن تلاحظ أي تغيير، ففي المنازل التي تتطلب اتصالا قويا بإنترنت الأشياء، يعدّ عرض النطاق الترددي السريع بمثابة تحسن في هذا المجال. ما فائدتها؟ تقنيّة "واي فاي 6" وشيكة، لكننا لن نتمتّع بفوائدها الجديدة، لأنها تتطلّب منا تغيير جميع الأجهزة الإلكترونيّة وجهاز التوجيه، إلى الأجهزة المتوافقة مع تقنيّة "واي فاي 6" للاستفادة من السرعة الفائقة للإنترنت.
بالإضافة إلى ذلك، يجب ألا تتوقع أي تحسينات إذا كنت تدفع لأرخص خطة إنترنت لاسلكي منزلي موجودة. كل هذا يعني أن "واي فاي 6" لا تزال بعيدة عن إمكانيّة تبنيها على النطاق العالمي.
وفي هذا الشأن، يتوقّع مينيزيس أن تقنيّة "واي فاي 6" ستُدمج في 22% فقط من الحواسيب المحمولة بحلول عام 2022. زمن الكوارث عندما قلب الوباء حياتنا رأسا على عقب، اضطر الكثير منا إلى البقاء في المنزل وتحويل عملنا وهواياتنا إلى الإنترنت. تم استبدال اجتماعات المكاتب والفصول الدراسية بمكالمات الفيديو. انغمسنا في برامج نتفليكس (Netflix) وقمنا بتشغيل المزيد من ألعاب الفيديو والتسوق عبر الإنترنت. النتيجة: لقد حملنا شبكات "واي فاي" المنزلية بعدد أكبر من الأجهزة التي أصبحت تعمل أكثر من أي وقت مضى. أصبح اتصالنا بالإنترنت في تزايد، وهذا ساهم في جعل مكالمات الفيديو متقطعة والتنزيل بطيئا.
ولكن الجيل الجديد من "واي فاي 6" حل هذه المشكلة. حيث يجلب سرعات أعلى وتغطية أوسع. الأهم من ذلك، تقوم التكنولوجيا اللاسلكية بعمل أفضل في مشاركة اتصال البيانات بشكل أكثر كفاءة عبر عدد كبير من الأجهزة المنزلية، مثل الهواتف والأجهزة اللوحية والحواسيب ومكبرات الصوت الذكية وأجهزة التلفزيون.
باستخدام "واي فاي 6" عندما يستهلك جهاز ما كميات هائلة من البيانات، مثل وحدة تحكم ألعاب الفيديو التي تنزل لعبة ضخمة، فلن يؤدي ذلك إلى إبطاء الشبكة بالكامل كما كان يحدث مع تقنية "واي فاي" السابقة.
ظهرت "واي فاي 6" لأول مرة عام 2018 ولكنها وصلت إلى المستخدمين هذا العام فقط، عندما أصبحت معقولة التكلفة، مع الأجهزة التي تكلف أقل من 70 دولارًا، ومتاحة على نطاق واسع على أجهزة توجيه الإنترنت الجديدة. وتتضمن العديد من الهواتف الذكية وأجهزة الحاسوب الحديثة الآن أيضًا شرائح تساعد على الاستفادة من "واي فاي 6".
تخيل سيارات تسير على طريق في مسار واحد. فالسيارات تمثل الأجهزة التي تنقل البيانات، والجهاز الذي يستغرق وقتًا طويلاً لإكمال مهمة ثقيلة البيانات يشبه تلك السيارة البطيئة التي تجبر كل السيارات الأخرى خلفك على الضغط على الفرامل.
يقلل "واي فاي 6" الازدحام عن طريق توجيه حركة المرور. فمن خلال التقنية الجديدة يوجد الآن العديد من الممرات: تجمع الأجهزة الأحدث والأسرع في ممر واحد، والممر البطيء للأجهزة الأقدم والأبطأ.
يقول ديفيد هنري، نائب رئيس شركة نتغير (Netgear) للشبكات "يمكن أن يكون واي فاي 6 أكثر كفاءة في وصول المزيد من الأجهزة للإنترنت وبشكل أسرع".
أما نيك ويفر، الرئيس التنفيذي لشركة إيرو (Eero) المصنعة لأجهزة التوجيه التي تملكها أمازون، فيقول إن فائدة تقليل الازدحام مع "واي فاي 6" ستكون أكثر وضوحًا في بيئة بها العديد من الأجهزة، مثل مكتب به مئات الحواسيب التي تقوم بمهام ثقيلة في نفس الوقت.
