بعد ان تجاوز الشريكان أزمة ابيي، ليس بحلها، انما بوضع خارطة طريق لها تجعلها تتجه الى لاهاي «رأسها عديل» ولكن المهم في الأمر لقد تم نزع فتيل الأزمة ولو بصورة مؤقتة، وعلى الطريقة السودانية «ساعة ابرك من ساعة» وان شئت العربية الفصحى قل «اليوم خمر وغداً أمر». التقى السيد مسؤول العلاقات الخارجية بالمؤتمر الوطني بالقائم بالأعمال الأمريكي في الخرطوم، والظاهر من التوقيت ان المراد تذكرة الأمريكان بأنهم انسحبوا من مفاوضات التطبيع مع السودان بسبب ابيي والآن تجاوز المنشار عقدة ابيي ولو مؤقتاً «ويلا على التفاوض من جديد». ولكن الاجابة جاءت من واشنطن وبعضمة لسان وليامسون قائد فريق التفاوض الأمريكي بأن وصفتهم الدوائية للسودان كي يتعافى ويصل مرحلة التطبيع معهم ما زالت طويلة، فهناك دارفور وبما لها من دوي هائل وهناك بقية نيفاشا وهناك... وهناك... ثم جاء في الأخبار ان هناك ندوة عن دارفور في أمريكا ذات نفسها سوف يحضرها الشريكان بالاضافة الى الحركات الدارفورية. عليه لن نتجاوز الحقيقة كثيراً اذا قلنا ان العشم في تطبيع العلاقاتمع أمريكا في ظل المعطيات الحالية مثل عشم ابليس في الجنة أو عشم ابوالدرداق في الزواج من «القمرا» فالسياسة الرسمية الأمريكية المعلنة قائمة على «كجُنة» السودان فبالتالي يحتاج السودان الى خطوة انقلابية كبيرة كي يكسب ود امريكا كتلك التى فعلها السادات بزيارة القدس أو فعلها ياسر عرفات بقبول التفاوض مع الجماعة أو التى فعلها القذافى عندما سلم «كل العدة» «بكسر العين». هذا اذا أراد السودان التطبيع من البوابة الرسمية، أما اذا أراد التطبيع «التحت تحت» والذى يبدو انه قائم، فهذا موضوع آخر. يحيرني وما يتحير إلا مغير ان الولاياتالمتحدة بدأت العمل الآن في اقامة سفارة ضخمة قيل انها ستكون أكبر سفارة لها في افريقيا وموقع هذه السفارة جنوبالخرطوم منطقة سوبا «والمكضبنا وما مصدقنا» لا يسأل العنبة الرامية هناك انما يسأل الحاويات الضخمة المليئة «بالهتش» بعضه معلوم ومعظمه غير معلوم. تلك الحاويات التى جثمت في ميناء بورتسودان شهوراً ودهوراً «وعمي الزين وكيل سنطور» والتى أفرج عنها بعد مقايضات عديدة شيء سامي الحاج، وشىء فتح حساب لسفارة السودان بواشنطن وحاجات تانية حامياني، طيب يا جماعة الخير سفارة ضخمة «حدادي مدادي» وعلاقات تمشى «اتنين وترجع تلاتة» دي يحلوها كيف؟؟ فهل هذه السفارة استعداداً لعلاقات ضخمة مع نظام قادم؟؟ طيب اذا كان ذلك كذلك لماذا لا تنتظر امريكا قدوم ذلك النظام؟؟ لماذا الاستعجال وادخال الحاويات في ظل نظام راحل أو سيرحل قريباً؟؟ والأهم من ذلك كيف ستضمن أمريكا ولاء النظام القادم علماً بأن تجاربها مع النظم الديمقراطية في السودان ليست مشجعة، وهنا لا تسألوا العنبة انما اسألوا السيد الصادق؟؟ وطالما اننا فتحنا باب التساؤلات فلنسأل ماذا تريد امريكا من السودان بالضبط؟؟ هل تريد منه اقامة علاقات مع اسرائيل؟؟ هل تريد انشاء قواعد عسكرية في السودان؟؟ وهل تريد اخراج الصين من بترول السودان ودخول شركاتها؟؟ في تقديرى الخاص ان الوصفة التى اعتادت امريكا تقديمها للسودان وصفة تكتيكية وتمتاز بعدم الثبات. فالمفارقة بين ما هو معلن وما يجري على الأرض تدل على ان شيئاً ما يجرى في الغرف المغلقة وبكرة يا قلبى الحنين تلقى الاجابة.