كلمة تشيين أردت منها أنها تعني كلمة تشيين بفهم أن أمراً حميداً جرى تشيينه وتقبيحه والكلمة السابقة من الكلمات التي أشعر أنها غير محببة هي أقرب في المعنى للدلالة على أن ثمة دعاية مبالغ فيها. هذا اثاره لدى ما أعلنته ولاية شرق دارفور في الزميلة «السوداني» أمس من أنها تتأهب لافتتاح حقل نفطي ينتج (147) برميلاً من النفط يومياً. الغرابة أن إنتاج هذا الحقل كفيل بحل الأزمات الطاحنة التي تلم بالبلاد حالياً من جراء توقف نقل نفط الجنوب عبر السودان والرقم الذي فقدته الموازنة العامة من نفط الجنوب يقل عن عائد هذا الحقل. إذا كان ثمة إنتاج بهذا الحجم فهل تعلنه وزيرة في حكومة شرق دارفور أم يعلنه السيد رئيس الجمهورية إذ الإعلان عن هذا الحجم من الاكتشاف يبقى رهيناً بالبلاد جميعاً. وهو من البشريات التي تستحق أن تعلنها رئاسة الدولة لتخاطب وتطمئن عبرها الشعب السوداني كله. والأمر الثاني أن وزيرة في ولاية وحكومة الولاية ليست في حجم ومستوى تحمل تبعات مثل هذا الإعلان إذا كان صحيحاً ناهيك إن لازمه خطأ في الإعلان أو خطأ في الرقم. الجهة المعنية بهذا العمل هو الحكومة المركزية ووزارة النفط وليست الولاية وهذا من باب التدخل غير الحميد في شأنٍ قومي من جهة ولائية. ويزيد من جسامة فعل الإعلان هذا أنه يتكئ على منازعات ولائية حول تبعية الحقل وتغافل عن البُعد القومي والوقوع في تنازعات لا تفعل غير أن تفجر أوار الجهوية المتفجرة أصلاً بلا بترول وفي مناطق أزمتها الكبرى التنازع. ويكفي البلاد ما تعانيه من نزاع حول النفط مع دولة الجنوب من أن تقع فيه بين مكوناتها الداخلية. والأسوأ من هذا وذاك أن مسؤولين يعلنون مثل هذه الأخبار ليصوّروا الحكومة وكأنها تريد أن تخدر الناس بالإعلان عن اكتشافات بأي صورة وشاكلة من أجل التسكين وكسب الرضاء وخلق صورة غير حقيقية لواقع الاقتصاد السوداني وأنشطته. لدينا إرث في توزيع الثروة بين المركز والولاية والتبصر مطلوب خاصة من أهل الحكم في الولايات فهم الأقرب للمواطنين وعليهم أن يكونوا أبعد من خلق التوترات والاستقطاب من خلال التنازع حول الثروة القومية. وكم من مال أُهدر بسبب مثل هذا التنازع. وكم من مستثمر هجر بلادنا بعد أن وضعت قوى محلية ومواطنون أياديهم على أراض منحت له فلا هُم أحيوها واستثمروها ولا هم أفادوا منها ومن بعد حرموا الوطن من ثروات مقدرة واللسان مهلك خاصّة من الوزراء وعَليّة القوم وهلاكه واسع إن كان مؤججاً للصراعات.