امتلأ بريدي الالكتروني برسائل ملتهبة تعليقاً على موضوع كتبته عن ارتفاع الأسعار الى أين؟.. وغول الغلاء يبتلع الجميع. هذه الرسائل بها عدد وفير جاء من خارج السودان من دول الخليج.. ومن مختلف دول الشتات التي تعرف «بالديا سبورا». احدى الرسائل من سوداني بألمانيا اسمه بشرى مبارك الذي أكد انه اتصل بصديقه وزميله في العمل الذي عاد من السودان قبل يومين.. وقبل ان يكمل السلام عليه قال له إن الغلاء في السودان فاحش وأن السودان أغلى من ألمانيا بكثير.. وأن سعر الدجاجة «الفرخة» الواحدة تعادل ثلاثة من ألمانيا بكثير.. ونصحه إذا أراد أو ناوي الذهاب للإجازة في السودان ان يضاعف الميزانية ثلاث مرات. وقال بشرى في رسالته إنه أول رد فعل له هو ان اتصل بالشركة التي يعمل بها لزيادة ساعات العمل الإضافية.. وقال إنه بعد نصف ساعة من طلبه أعطوه مهمة لمدة أربع ساعات يوم السبت بالرغم من أنه يوم عطلة.. وقال لهم بأنه يستطيع ان يعمل أيضاً بالأحد قبل الساعة الخامسة حتى يتمكن من حضور اجتماع الجالية السودانية في بون لأنه السكرتير الثقافي والرياضي والإعلامي للجالية السودانية هناك. وقال لي في رسالته إننا سنحتفل بالاستقلال يوم «61» يناير الجاري موجهاً لي الدعوة وقال إنها فرصة للتزود بالإحتياجات المنزلية الرخيصة من لبن وزيوت وفراخ وصابون ومعجون وتانك «صناعة ألمانية» بجودة المارسيدس كما قال.. وكل سنة وأنتم طيبين.. وختم رسالته بقوله: سبق ان قال الكثيرون إن القيمة المضافة يدفعها المواطن المسكين ولكن وزارة المالية تحاول إقناع الناس أن الماء يمكن ان يكون لبناً. وكتب طارق أبو المبارك من السعودية قائلاً: شوفوا يا أهلنا بالسودان شرقه وغربه، شماله وجنوبه.. الكم الهائل من المصائب الواقعة علينا.. غلاء وأمراض وحروب واعتداءات، وكثرة الخونة والعملاء بيننا بعد ان كنا مفخرة كل الشعوب من حيث المباديء والأخلاق والوطنية تغيرت أخلاقنا كثيراً.. كل هذا بسبب ما كسبناه بأيدينا من أشياء كثيرة وزاد: نحن ننتظر من الحكومة ان تصبح ساحراً تحل لنا كل المشاكل. أما الذي رمز لاسمه ب «الجدع» فقد أرسل رسالة قصيرة جداً قال لي: قد بكينا على السودان منذ زمن طويل. رسائل كثيرة.. عبر أصحابها عن دهشتهم لهذا الغلاء الطاحن الذي بدأ بطحن كل طبقات الشعب الضعيفة. نحن نأمل من أهل الاقتصاد في بلادنا وهم أصحاب خبرة وعلم.. ان يبتدعوا صيغاً جديدة لزيادة الموارد.. بدلاً من زيادة الضرائب والرسوم والجمارك على السلع الاستهلاكية التي بدورها يدفعها المواطن الغلبان، الذي بدأ يدفع تكاليف ما يحتاجه بأسعار تتجدد كل يوم. لقد أصبحت علبة الفورموست الصغيرة بين ليلة وضحاها «31 ألف جنيه» والنيدو الصغيرة «51» ألف جنيه.. وكذلك الأمر يسري على الزيوت واللحوم والخضروات التي ارتفع سعر كيلو البطاطس الى أربعة آلاف جنيه.. واللحم الضأني الى «81» ألف جنيه والفراخ الى «02» ألف جنيه للكيلو الواحد.. أنا أتحدث بلغة الأرقام القديمة حتى يستوعبها الناس.. الناس يتخوفون كثيراً من تواصل ارتفاع الأسعار، لأن ليس هناك ضمانات لعدم مواصلتها للإرتفاع. وإذا كانت هذه الأسعار قد ارتفعت بأسباب مؤقتة وزالت هذه الأسباب في فترة ما.. فلن تهبط الأسعار الى مواقعها الأولى.. وهذا أمر لابد من دراسته. إننا نأمل ان يتحسن أداء الاقتصاد السوداني وتزداد موارده من سلع التصدير ويصبح مردودها المالي أكثر بكثير من أسعار المواد المستوردة. والمطلوب كما ذكرت.. تشخيص دقيق لأزمة الاقتصاد السوداني.. وكتابة روشتة دواء لمعالجة ما يعانيه من أمراض. صحيح ان هناك متغيرات كثيرة في البلاد ونهضته.. لكن ارتفاع الأسعار يجعل هذه النهضة «بندق في بحر» كما يقولون. نسأل الله لاقتصادنا العافية. والله الموفق وهو المستعان