بشفافية وهي أيضاً عنوان زاويته الراتبة في «الصحافة» تناول الأستاذ حيدر المكاشفي ما أوردته في «أبعاد» عن المصريين الذي عادوا إلى أعمالهم في السودان من مصر بلا دقون حتى يسمح لهم بالمغادرة، وهو تعنت من الحاكمين هناك لا مبرر له سوى إدخال المزيد من التعقيدات مع جماعة الإخوان المسلمين، والتي ربما تصل في يوم ما إلى الهلع بين المواطنين كما حدث عندما بطش عبد الناصر بهم وأعدم سيد قطب. ولما كانت النكات والقفشات لا تفارق إخواننا المصريين في أقسى الظروف وأحلكها، تقول الرواية ان أحد الشبان المصريين اتصل من أمريكا في ذلك العهد وبعد السلام على بابا ونينا والأخوات، أمسك شقيقه بالسماعة، فقال له المتصل من امريكا «ازاي الإخوان» وهنا اغلق المقيم السماعة وقال «يخرب بيتك يا أحمد، وعندما سألوه عن السبب قال: «دي بيسألني عن «الإخوان» ومش عارف صلاح نصر حاطي «ودانة» على السماعة ، وصلاح نصر هو مدير المخابرات في ذلك الزمان.. بمناسبة محاولات تخفى السياسيين تقول بعض الروايات إن الشريف حسين الهندي المعارض الكبير لنظام نميري، عندما كان على طائرة اثيوبية متجهة إلى القاهرة أصابها عطب وقرر قائدها الهبوط في مطار الخرطوم، فكشف له الشريف عن هويته وانه مطلوب ومحاكم بالإعدام، وهنا طلب الكابتن منه ان يرتدى زي أحد مساعديه، وعندما هبطت الطائرة اتجه مع الكدرو إلى الصالة الخاصة بهم وكان يغطي عينيه بنظارة سوداء، وعندما شرع الجرسون الحلفاوي في سؤال الضيوف عن مطالبهم واقترب من الهندي قال له بصوت خافض طبعاً أنا عارف طلبك ياسيدي الشريف «ليمون تقيل ونصف ملعقة سكر» وتبسم الشريف ولم يخف لأنه يدرك ان الحلفاويين لم يخونوا أحداً في حياتهم، وكان الشريف عندما يخطط لجولة واسعة يقوم بإرسال دقنه.. وقصص التخفي كثيرة ومثيرة، أذكر عندما صحونا على انقلاب الإنقاذ وتم تعطيل الصحف ومنها «الهدف» الناطقة باسم حزب البعث، كان صحفيوها وآخرون من شباب البعثيين يتجمعون في مكتب مجلة «الدستور» والذي كنت مديراً لها، ودخل علينا أحد الشبان في جلباب فضفاض وعمامة ضخمة تغطي كل رأسه وأجزاء من وجهه وعنقه، فقال له كمال بخيت كده حيمسكوك طوالي خليك طبيعي، كما اذكر بعد انهيار انقلاب هاشم العطا قام أحد أصدقائنا الشيوعيين بتنظيف منزله في الفتيحاب من كل الكتب والأوراق الحمراء وبلغ من دقته واطمئنانه عندما سأله فريق التفتيش الذي كان يجوب المنطقة عن اسم أحد الأشخاص ومنزله، ان قال لهم تفضلوا أنا هذا الشخص، وبعد أن فرغوا من المعاينة الدقيقة، وفي طريقهم للخروج لمح أحدهم صورة «ماركس» معلقة في الحائط فقال له «الشاويش» «الخواجة ده منو» فرد بسرعة ده كان ناظرنا في الكلية القبطية، أما في «سنار» فيحكي سكانها ان رجل مباحث كان مكلفاً بالقبض على الشيوعيين، لم ينجو منه أي أحد لديه شنب كث، وكان عندما يصل فريق الاعتقال إلى المقهى أو المطعم يقول لاحد العساكر «أمسك داك عنده شنب ماركس».